الموسيقى أعلى من صوت المأذون، والهواتف ترتفع كأنها جمهور في حفلة موسيقية. لقطات سريعة من الساحل الشمالي تنتشر كالنار على المنصات، لعقد قران خرج عن وقاره وتحول إلى عرض ساخر، يتداوله الآلاف بين ضحك وانتقاد.لكن خلف هذه اللقطات، يقف سؤال أعمق بكثير هل تغيّر معنى الطقس نفسه، أم تغيّرنا نحن في طريقة النظر إليه؟
موضوعات مقترحة
الطقوس القديمة في زمن جديد
في الماضي، كان عقد القران مناسبة تحفظ للفرح هيبته، وللطقوس قدسيتها.أما اليوم، باتت المراسم تتبع منطق المنصات اللقطة الأجمل، الموسيقى الأعلى، والإفيه الأظرف.الطقس نفسه لم يتغير، لكن سياق عرضه هو الذي تبدّل؛ من ساحة العائلة إلى ساحة الإنترنت.
وفي هذا الصدد، تقول الدكتورة سوسن فايد، أستاذة علم الاجتماع، جيل اليوم لا يعيش الحدث بقدر ما يدوّنه. ما يهم هو كيف ستبدو اللقطة لا كيف ستُعاش اللحظة. وحتى أكثر المواقف جدية أصبحت تُقاس بعدد الإعجابات والمشاهدات.
حفلات عقد القران
التريند يُدير المراسم
حفلات الزفاف في مصر، خصوصًا في المواسم الصيفية، صارت مشاهد إنتاج ضخم تُخطّط لتصبح "تريند".
الإضاءة، الزوايا، وحتى تعليقات المأذون، تتحول إلى عناصر في مشهد مصوّر قابل للمشاركة.
ويرى خبراء علم النفس أن هذه الظاهرة ليست سطحية بقدر ما هي انعكاس لعصر رقمي شامل؛ حيث أن السوشيال ميديا أعادت صياغة مفهوم الاحتفال. لم يعد المهم أن يكون الحدث ذا معنى، بل أن يكون قابلاً للانتشار
حفلات عقد القران
بين الجدّ والمزاح
ونجد أن الخط الرفيع بين الوقار وخفة الظل بدأ يتلاشى.فالمأذون الذي يمازح الحضور، والأغاني التي تتسلل إلى لحظات الإيجاب والقبول، ليست مجرد ظواهر منفصلة، بل علامات على تحوّل اجتماعي في فهمنا لما هو لائق أو مقدّس.
تقول الأخصائية النفسية شيماء عبد الناصر، عندما تتكرر مشاهدة هذه المشاهد، يتطبع الناس مع فكرة أن كل شيء يمكن أن يكون مادة ترفيهية. ومع الوقت نفقد الحس الجمعي بالرمزية.
اقرأ أيضا:
أمين الفتوى: الاقتراض لتجهيز البنات لا يجوز إلا للضرورة القصوى
ما حكم التحايل بالزواج العرفي من أجل الحصول على المعاش؟ أمين الفتوى يوضح
الجمهور الجديد خلف الشاشة
واستكملت في الماضي، كان جمهور عقد القران هم الأهل والأصدقاء المقربون.
اليوم، صار الجمهور بلا حدود؛ حيث أن المنصات لا تنقل الحدث فقط، بل تحوّله إلى محكمة رأي عام تصدر أحكامها في ثوانٍ:
"دمه خفيف"، "قلة ذوق"، " بيستظرف" تعددت التعليقات، لكن الجوهر واحد متسائلة هل الفرح أصبح عرضًا عامًا؟
وتؤكد الأخصائية النفسية على أن ما يحدث في حفلات الزواج اليوم ليس خروجًا فرديًا عن التقاليد، بل مرآة لعصرٍ يعيش على الشاشة، مضيفة في زمن اللايك، لم تعد المراسم تُقام لتُعاش، بل لتُشارك. وهكذا، شيئًا فشيئًا، تتحول الطقوس إلى محتوى، ويتراجع الشعور أمام عدسة الهاتف.
موضوعات قد تهمك:
تحديات الدايت والرياضة.. لماذا تواجه النساء صعوبة في الالتزام بالدايت والرياضة؟
كيف تعرف أنك في علاقة سامة؟.. علامات التحذير ونصائح الخبراء لتجنب الأذى النفسي