«عيد السياحة» فى انتظار قائمة اليونسكو.. ماذا تعرف عن العيد القومي لواحة سيوة؟| صور

13-10-2025 | 00:17
;عيد السياحة; فى انتظار قائمة اليونسكو ماذا تعرف عن العيد القومي لواحة سيوة؟| صور عيد السياحة في واحة سيوة

هل سمعت يومًا عن عيد السياحة في سيوة؟، إن كنت لم تسمع به من قبل، فهو يُسمى أيضًا "عيد إسياحت"، وهو عيد سنوي تراثي يحتفل به أهالي الواحة، خاصة في شهر أكتوبر، حيث يتوافدون على جبل الدكرور؛ لأداء طقوس دينية واحتفالات روحية، ويُعد هذا العيد تقليدًا تاريخيُا واجتماعيًا مهمًا يعكس وحدة وتماسك المجتمع السيوي. 

عيد السياحة في سيوة يُسمى أيضًا "عيد إسياحت" وهو عيد سنوي تراثي يحتفل به أهالي الواحة، خاصة في شهر أكتوبر، حيث يتوافدون على جبل الدكرور لأداء طقوس دينية واحتفالات روحية، ويُعد هذا العيد تقليدا تاريخيا واجتماعيًا هاما يعكس وحدة وتماسك المجتمع في سيوة. 


عيد السياحة في واحة سيوة

تفاصيل العيد

الاسم : يُعرف محليا باسم "عيد إسياحت" باللغةالأمازيغية. .

المكان: يتم الإحتفال به في منطقة جبل الدكرور في سيوة، وهي من أهم المعالم الدينية والتاريخية في الواحة.

الزمان: يتزامن العيد في شهر أكتوبر، غالبا مع إكتمال القمر.

الأهمية: يمثل عيدًا قوميا لسيوة وله أبعاد تاريخية واجتماعية ونفسية عميقة، كما يعكس التماسك والتكامل والقيم التي يحافظ عليها مجتمع سيوة .

كيفية الاحتفال: يتوافد أهالي سيوة من جميع أنحاء الواحة على جبل الدكرور للمشاركة في الاحتفالات والطقوس الدينية، ويرتبط الاحتفال بالجانب الروحي والصوفي في الثقافة السيوية.

تعتبر الطقوس والاحتفالات من أهم مظاهر التراث الثقافي اللأمادي والتي دعت منظمة اليونسكو منذ عام ٢٠٠٣م بلدان العالم إلى تحديدها ومحاولة الحفاظ عليها من الاندثار. وبالنسبة لمصر فهناك العديد من الاحتفالات والطقوس الشعبية والدينية، والتي تنشر في طول البلاد وعرضها، ومنها الاحتفالات الصوفية، حيث جمعت تلك الاحتفالات بين طياتها أكثر من مظهر من مظاهر الثراث الثقافي، فمن ناحية هناك الطقوس والشعائر المرتبطة بها، ومن ناحية أخرى ارتبط بعضها بأطعمة خاصة، وموسيقى أو أناشيد خاصة بتلك الاحتفالات، وغيرها من مظاهر التراث الثقافي الذي تتوارثه الأجيال،
وعيد السياحة من مظاهر حفظ التراث الثقافي سيوة، حيث يجمع بين الإسلام والحركات الصوفية فى واحة سيوة، نظراً لانتشار الصوفية بها الصوفية بواحة سيوة وبشكل خاص عيد السياحة، أو ما يسمى بعيد الصلح أو عبد الحصاد، نظراً لوقوعه في موسم الحصاد بالواحة، وتلك الممارسات الدينية والعادات الشعبية. 

تاريخ دخول الصوفية لسيوة ووصف الاحتفالات الصوفية وطقوسها المميزة بالواحة لطريقة الاحتفال بالمولد النبوي وغيرها من الاحتفالات الصوفية، مع التركيز بشكل خاص على أحد الاحتفالات الهامة ذات الطابعين الصوفي والشعبي، وهو ما يعرف بعيد السياحة، حيث نتابع أسباب وتسميات هذا الاحتفال وطقوسة المميزة، بالإضافة إلى دراسة الأماكن التراثية الخاصة به، لذا فإن هذا الاحتفال يعتبر من أهم مظاهر حفظ التراث اللامادي والمادي في آن واحد، نظراً لارتباطه بالعديد من الطقوس بالواحة مثل جبل الدكرور، وضريح سيدي سليمان وغيرها، مما يجعله من الاحتفالات المميزة التي يجب توثيقها والترويج لها لحفظ التراث وتنمية السياحة بسيوة وبشكل خاص سياحة التراث، والأناشيد، والأطعمة المحلية، بالإضافة إلى الأماكن والمواقع. 


عيد السياحة في واحة سيوة

مقدمة

تزخر سيوة بعناصر التراث الشعبي المتنوعة، بدءاً من العلاج الشعبي، مروراً بالاحتفالات والطقوس المسرح لها، حتى الأغاني والرقصات والألعاب الشعبية. ويعتبر عيد السياحة تراثاً مميزاً وخاصاً بأهل سيوة له أبعاده التاريخية والاجتماعية والنفسية، كما أنه يمثل قيم التماسك، والتكامل، والنقل التي يحافظ عليها المجتمع السيوي..

وحيث أن تعريف التراث الثقافي اللامادي، هو الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات، وما يرتبط بها وتعتبرها الجماعات والأفراد جزءاً من تراثهم، يتناقلونها جيلا بعد جيل، وتمارسه الجماعات والمجموعات بصورة مستمرة بما يتفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها، وهو ينمى لديها الإحساس بهويتها والشعور باستمراريتها، فالممارسات الشعبية تعتبر بمثابة نصوص ثقافية، يجب قراءتها من وجهة نظر أصحاب تلك الثقافة، حيث أنها تمزج بين المعتقد الديني والتاريخ والأساطير والتخيل الحكائي والتصورات الفكرية المختلفة. 

لذا فإن احتفالية عيد السياحة في سيوة، تعتبر من أهم مظاهر حفظ التراث الثقافي اللامادي، ليس فقط في سيوة، ولكن في مصر بشكل عام، وذلك ليس لكونه من الاحتفالات الدينية والممارسات الشعبية فقط، ولكن لأن هذا الاحتفال يضم بين طياته بين أكثر من مظهر من مظاهر التراث الثقافي اللامادي كالطعام، والذكر واللغة وغيرها، كما أنه خلال احتفالية عيد السياحة يتم زيارة أماكن الأثرية وتراثية عامة بسيوة، مثل جبل الدكرور وضريح سيدي سليمان وزاوية السبوخة أو ما يعرف بالجامع العتيق. لذا فإن هذا العيدالسيوي ذو الطابع الصوفي المميز، يعتبر من أهم مظاهر حفظ التراث سيوة ليس فقط اللامادي ولكن المادي أيضا. وعلى الرغم من اعتقاد ببرجيت شيفر أن الموقع الجغرافي لسيوة ووقوعها كنقطة النقاء الخطوط التجارة وطرق القوافل منذ القدم بمثابة مشكلة الدارسي اللغويات والأجناس البشرية، حيث أن سيوة تعتبر أبعد الواحات المصرية عن وادي النيل،  وبالنسبة لسكانها فهم خليط من العرب والأمازيغ، وذلك لوقوعها في قلب الصحراء، وعلى طريق القوافل؛ مما أدى إلى امتزاج هذا الخليط السكاني"، وهي تتكون حاليا من أحدى عشرة قبيلة، منها قبيلة واحدة من أصول عربية، وبالنسبة للغة بها فأهل سيوة حاليا يتحدثون العربية، بالإضافة إلى اللغة السيوية (الأمازيغية). 

تحث منظمة اليونسكو بلدان العالم في عام ٢٠٠٣ إلى حفظ وتوثيق تراثها وبشكل خاص التراث اللامادي، لذا فإن احتفال عيد السياحة بسيوة يعتبر من أهم مظاهر حفاظ التراث اللامادي والمادي في أن واحد لارتباطه بالعديد من الطقوس والأناشيد والأطعمة المميزة، بالإضافة إلى ارتباطه ببعض الأماكن والمواقع التراثية بالواحة مثل جبل الدكرور، مما يجعله من الاحتفالات المميزة التي يجب توثيقها والترويج لها، بل وأدراجها على قائمة اليونسكو لحفظ التراث اللامادي بمصر من خلال: 

- التعرف على الاحتفالات الصوفية بواحة سيوة وطقوسها المختلفة.

ـ نتتبع تاريخ عيد السياحة بواحة سيوة وتسمياته المختلفة، لنتعرف على الطقوس والعادات والأماكن التراثية المرتبطة بعيد السياحة بغية التعرف على المخاطر التي يواجهها عيد السياحة مع وضع استراتيجية للحفاظ عليه، باعتباره أحد أهم مظاهر حفظ الترات الثقافي السيوة ولمصر بشكل عام. 


عيد السياحة في واحة سيوة

الإسلام في واحة سيوة 

لا يمكن تحديد وقتاً بعينه لدخول الإسلام لواحة سيوة، ولكن على الأرجح فقد عرف الإسلام طريقة للواحة قبل نهاية القرن الأول الهجري السابع الميلادي، حينما زحفت جيوش عمرو بن العاص على شمال إفريقيا لفتحها، عندما مر عليها عقبة بن نافع لفتح برقة، 

كما يعتقد أن أول من فتح سيوة في العصر الإسلامي هم قبائل بني هلال وكان يقدر عددهم بحوالي تسعة آلاف رجل، وساعدهم في ذلك بعض العرب والبرير، حيث أمروا بفتح سيوة والبقاء بها الحراسة الجانب الغربي لمصر ورد الثوار عنها، ولكن لم ينتشر الإسلام في الواحة، إلا في أواخر العصر الفاطمي  ثم انقطعت أخبار الواحة عن العالم قرابة عام، حيث لم يعلم عنها إلا القليل، على عام ١٨٢٠م، حينما أرسل محمد على باشا حملة للواحة لإخضاعها 

التعريف بالصوفية

يُعرف التصوف في الإسلام بأنه الزهد في متاع الدنيا والاعتكاف على العبادة.  


عيد السياحة في واحة سيوة

الطرق الصوفية بواحة سيوة

يلعب التصوف دورًا مهمًا في واحة سيوة، حيث أن المتصوفة من الجماعات الدينية التي لها القدرة على التأثير على الأفراد والجماعات عن طريق الاحترام والإقناع والعلاقات الاجتماعية. كما أن النظام في الطرق الصوفية يقترب من أشكال القيادة في الجماعات القبلية التي تعتمد على العرف والتقاليد واحترام المقدس، ويعتبر شيخ الطريقة هو الصلة بين السلالة والأسلاف، والطقوس والاحتفالات هي وسيلة جمع الأفراد في الطريقة والتوحيد بينهم

1- الطريقة المدنية الشاذلية: تنسب تلك الطريقة الشيخ محمد حسن بن ظافر المدني، وظهرت في البداية في المدينة المنورة محل ولادة هذا الشيخ، ولقد غادر المدينة المنورة عام ١٢٢٢هـ/١٨٠٧م ومنها ساح في الأرض، متجها نحو المغرب الأقصى، الزيارة الأولياء وبعرض زيادة التفقه في العلوم الدينية والصوفية، وبدأ الدعوة لطريقته في سنة ١٢٥٣هـ / ١٨٣٦م، وظهرت وانتشرت تلك الطريقة في سيوة في ۱۲۸۴هـ/١ ۱۸۸م، لعمل موازنه للحركة السنوسية لدى الغربيين، حيث أن الشرقيين من أهل سيوة هم من يعتقونها، وهي تعتبر فرع من الطريقة الشاذلية. 

وتعتبر الطريقة المدنية الشاذلية بسيوة هي المسؤولة عن احتلال السياحة، وهي طريقة لا تهتم بالامور الشكلية، إلا بعض شارات وعلم أخضر يميزها، يكتب عليه (لا إله إلا الله محمد رسول الله الطريقة المدنية الشاذلية)، كما أن أفرادها يتسمون بالتواضع ويلاحظ ذلك خلال احتفال السياحة، حيث عندما ينادي على أحد ينقب بسيدي فلان، ويرد المنادي عليه سیدی، مهما كانت مكانة المنادي أو المنادي عليه، وإذا خالف شخص هذا المبدأ يغرم " ويقع عليه العقاب، ويجب عليه تقديم العتابة المقاديم". وهناك مقراً للطريقة المدنية بسيوة عبارة عن بيت أو زاوية بحارة السبوخة ويطلق عليه بيت المشايخ، حيث يقيم فيه المشايخ الذين يأتون الزيارة سيوة واهل الطريقة من مناطق مختلفة 

٢ - الطريقة السنوسية: تُنسب الحركة السنوسية إلى محمد بن على السنوسي، ولد بوهران بالجزائر عام ١٧٨٧م، وهو من قبيلة مستغانم، ويتصل نسبه بعلى بن أبي طالب وفاطمة الزهراء رضي الله عنهما، التحق بجامعة القيروان ودرس الطرق الصوفية، وقابل شيخ الطريقة الدرقاوية، ثم ذهب القاهرة ودرس المذهب المالكي في الأزهر الشريف، ثم سافر لليمن ومكة وواصل دراسة العلوم الشرعية والصوفية، وفي مكة تأثر بالحركة الوهابية السلفية التي قام بها ابن عبد الوهاب، فأسس الطريقة السنوسية في مصراتة بليبيا، ولقد ذهب إلى سيوة عام ١٨٣١م، وأقام في جبل الدكرور في المقابر المنحوتة بالجبل، في المكان المُسمى بقصر حسونة، وأقام مسجداً تحت محرابه بيديه. واستطاع أن يؤثر في أهل الواحة، فأنضم إليه الغالبية العظمى من السكان حينها، وحاليَا يعتنق تلك الطريقة الغربيين من أهل الواحة، ولهم زاوية خاصة بهم بأعلى الجبل، كما أن لهم طريقة خاصة في الإنشاد، ويقرؤون قصائدهم من كتاب " المناوي"، ولقد شكلت الدعوة السنوسية نوعاً خاصاً من التصوف، فهي حركة سلفية اعتمدت على تقاليد البدو والأصولية، وأوامر الصوفية والبركة والاعتقاد فيها. 

وتجدر الإشارة إلى اتصال سيوة من الغرب بواحة جغبوب في ليبيا، والتي تعتبر مركزا الطريقة السنوسية، عبر طريق صحراوي طوله حوالي مائة وعشرين متراً، كما أن الحركة السنوسية لعبت دورَا هامًا في انتشار الإسلام في الصحراء وبين القبائل. 

٣- الطريقة العروسية: هي أحدى فروع الطريقة الشاذلية نشأت في مكة، ومقرها الرئيسي بواحة سيوة هو الجامع الكبير الذي تم إنشاؤه بمناسبة زيارة الخديوي عباس الثاني للواحة، عام ١٩٠٤، وتم إكماله في عام ۱۹۲۸م، وتُقام به حضرة كل خميس بعد صلاة العشاء في الساحة التي تقع أمام ضريح سيدي سليمان، ويتميز أعضاء تلك الطريقة أنهم يستخدمون البنادر التى تعرف في الإنشاد، وينشدون وهم جلوس في حلقة، وموضوع قصائدهم هو حب النبي والاشتياق لزمزم والبيت الحرام. 


عيد السياحة في واحة سيوة

احتفالات الصوفية بواحة سيوة

الاحتفال بمولد سيدي سليمان:

كان أهل الواحة قديما يحتفلون لمدة أسبوع بأشهر والى بالواحة، وهو سيدي سليمان، حيث كان يشترك بالاحتفال النساء والرجال ويتم الاستعداد للاحتفال قبل موعده بفترة، حيث تصنع النساء الملابس وتعد الكعك ويقوم شيوخ الطرق الصوفية بغسل المقام بالضريح، وخلال الاحتفال يقوم الشباب بالذهاب للحدائق وممارسة الألعاب أو شرب اللبجي( مشروب غير مسكر يصنع من النخيل، يشبه عرق البلح)، بينما يفضل المسنون اقامة حلقات الذكر حول الضريح، ولكن يقتصر الاحتفال حاليًا على يوم واحد فقط، بينما أصبحت معظم الطقوس تقام خلال احتفال عيد السياحة. فيما عدا اشتراك النساء، أو شرب اللبجي. 

احتفال عيد السياحة:

يعتبر عبد السياحة تراث خاص بأهل سيوة له أبعاده التاريخية والاجتماعية والنفسية، كما أنه يمثل التماسك والتكامل والقيم التي يحافظ عليها المجتمع، ويعتبر هذا العيد بمثابة العيد القومي للواحة 

وعلى الرغم من أن الطريقة المدنية الشاذلية هي المسؤولة عن إقامة هذا الاحتفال، إلا أن الأمر ليس قاصراً عليها بل يشارك كلا من الطريقة السنوسية والعروسية في هذا الاحتفال.

أولاً سبب التسمية بعيد السياحة ومسمياته الأخرى: لهذا العيد عدة مسميات، لكل منها سبباً خاصاً، ولكن يلاحظ أنه احياناً، يتم الخلط بين هذا العيد، والاحتفال بعيد مولد سيدي سليمان أو احتفال الحصاد القديم ذو الأصل الوثني وطابع اللهو، في بعض المراجع لا سيما القديم منها، لذا وجب توضيح المسميات المختلفة لهذا العيد تحديداً حالياً، وهي كما يلي:

1- عيد السياحة: إن المقصود بالسياحة هناء ليست السياحة بمعناها الحديث ولكنها الكلمة الأمازيغية "السياحت"، والتي يقصد بها السياحة في سبيل الله أو السياحة بالقلب إلى الخلاء طلبًا لصفاء النفس بحسب المعتقد الصوفي، حيث يترك أهل سيوة ديارهم لمدة ثلاثة أيام، ذاهبين لأعلا جبل الدكرور، وتاركين متع الدنيا، ليجتمعوا على ذكر الله والتعبد، والشائع بين أهل سيوة، ويعتبر عيد السياحة هو الإسم المتداول لهذا العيد بين أهل الواحة، وهناك رأى آخر يرجح أن الكلمة جاءت من كلمة الساحة لأنه يقام في ساحة جبل الدكرور 

٢ـ عيد الصلح: يُسمى أيضا عيد الصلح أو التصالح، تعبيراً عن المصالحة بين البشر، والتخلص من الضغائن، واستمرارا وتقليداً لقصة مصالحة الشيخ محمد ظافر المدني، الأهالي سيوة من الشرقيين والغربيين، ويطلق عليه أيضا عيد السلام السنوي. 

٣ـ عيد الحصاد: يُسمى هذا الاحتفال أيضا بعيد الحصاد، نظراً لوقوعه في موسم حصاد الواحة من النخيل والزيتون، وهذا المورد الأساسي لنقل الواحة، وجدير بالذكر أنه يطلق على واحة سيوة بأرض النخيل. 


عيد السياحة في واحة سيوة

ثانياً - تاريخ الاحتفال بعيد السياحة:

يرتبط تاريخ هذا الاحتفال، بقصة مصالحة الشيخ محمد ظاهر المدني، لأهالي سيوة من الشرفيين والغربيين، حيث كان ينقسم أهل الواحة إلى قسمين يضم كلا منهما عدة عائلات الأول وهو الشرقيين والثاني وهو الغربيين، وكان هناك العديد من الصراعات والحروب بين كلا الجانبين، وظل هذا الوضع بين أهالي سيوة حتى قدوم الشيخ محمد ظافر المدني إلى سيوة وذلك خلال سياحته فى رحلته إلى المغرب الأقصى لنشر طريقته، والمعروفة بالطريقة المدنية، وكان ذلك في عام ١٢٨٥هـ / ١٨٦٨م، حيث يذكر أن عندما وحد الشيخ النزاع القائم بين الأهالي، رفض استضافتهم له، وتركهم واختار مكاناً بعيداً عن القرية ليقيم به وهو جبل الدكرور، حيث كان حينها منطقة محايدة، ومنعزلة يمكن فيها التفرغ للعبادة، وحينما كان يذهب اليه شيوخ القبائل ليسترضوه، حاول أن يعقد الصلح بين الطرفين، فطلب من كل شخص أن يذهب ويعود اليه بخمسة أرغفة، وفي رواية أخرى برغيف من الخبز، وحينما عادوا اليه جمع أرغفة الخبز وقام بتكسيرها وخلطها، ثم أقام حضرة صوفية، بعد صلاة العشاء، ثم طلب من الجميع تناول كسرة من الخبز، فلم يعلم أي منهم، خبز من قد أكله، بل أكل كل منهم من خبز جاره، وكعادة أهل القبائل فلا يجوز أن يستمر الخلاف بعد مشاركة الخبز أو الطعام، ثم بعد الطعام أقام الشيخ حلقة ذكر وبعدها صافحهم وطالبهم بألا يقطعوا السياحة في كل عام. 

ويذكر في المخطوط الخاص سيوة أن بداية الاحتفال بالسياحة، كان يحضر السياحة من وجبت عليه الصلاة فقط أي البالغين والأطفال ممن فرضت عليهم الصلاة، وكان كل شخص يحضر غذاء، وهو عبارة عن مطعوم  من العدس أو القول البصارة فيقومون بعمل حلقة ذكر بعدها يتناولون الطعام سويا، وقبل الغروب يرجعون إلى البلد وهم يذكرون الله حتى يصلوا إلى زاوية السبوخة وهي مقر الطريقة المدنية الشاذلية، ثم أصبح الاحتفال ثلاثة أيام، غير أيام التجهيز والانصراف، كما أصبحت أيام السياحة أجازة رسمية في سيوة لجميع المصالح الحكومية، وأصبح يشارك به الجميع ماعدا النساء، بل ويسمح للأجانب أيضا بالمشاركة فى الاحتفال. 

وجدير بالذكر أن د. أحمد فخري في كتابه عن واحة سيوة، لم يذكر من الأعياد عيد السياحة، لكنه أشار إلى مولد سيدي سليمان باعتباره عيدًا محلياً للواحة، وأشار إلى اقتران ذكر هذا العيد بالحصاد، لذا فليس من المستبعد أن يكون هو نفسه احتفال السياحة. 

ويعتبر عيد السياحة بسيوة احتفال ديني وشعبي تقليدي، يعبر عن الخصائص الثقافية للمجتمع السيوي، كما أنه يعتبر تعبيراً رمزياً عن التماسك والتضامن الاجتماعي، والتسامح وتقبل الآخر، وله هدفان بالنسبة لأهل الواحة أولهما السياحة في حب الله والعبادة، والثاني المصالحة بين أهلها؛ لذا يعتبره أهل الواحة بمثابة عيدها القومي أو باعتبار هذا العيد عيد  السلام السنوي.


عيد السياحة في واحة سيوة

طريقة الاحتفال بعيد السياحة وطقوسه المميزة

أولاً الاستعداد للاحتفال:

اختيار ميعاد السياحة بحسب الشهر الهجري - اعتدال الجو واكتمال القمر. 

كان احتمال عبد السياحة، يقام غالبا في منتصف شهر رجب، عقب انتهاء الموسم الزراعي، وحتى يكون الجو معتدلاً، والقمر في أحسن ظهور له، وكان في بعض الأحيان يؤجل إلى منتصف شعبان، حتى عام ٢٠٠١م، وقادة الطريقة المدنية هم المسؤولون عن تحديد ميعاد الاحتفال بالعيد. 

وحالياً يقام في الليالي القمرية من شهر أكتوبر، في منتصف الشهر العربي الذي يقع في أكتوبر، ويُعلل اختيار هذا التوقيت لاعتدال الجوء حيث يستطيع الجميع المكوث في الخلاء دون أن يلحق بهم ضرر، كما أن هذا التوقيت يأتي بعد الفراغ من حصاد المحصول. مما يعنى توفر المال والوقت للمشاركة في السياحة..

وبالإضافة لتحديد ميعاد السياحة، يتم الاتفاق حينها أيضًا على المبلغ الذي يدفعه المشترك وعدد أرغفة الخبز التي يقدمها كل شخص، ولا تستطيع أي جهة غير القدوة وأعضاء الطريقة التدخل في ذلك، شراء الذبائح، وذلك عبر اختيار الأجود والأرخص وكانت قديما من الغنم والجمال، ولكن حاليًا يتم شراءها من العجول لرخص ثمنها، ويكلف القدوة عدد من الشاويشية لتسجيل كشف الأسماء، ولم التبرعات من المنازل، ويخلط الخبز من الغربيين والشرقين، حتى لا يعلم أي شخص خبزه من خبز غيره، وإقامة الخيام والأخصاص وأماكن الطباخين يستمر الاحتفال ثلاثة أيام، ويقوم اتباع الطريقة بخدمة الناس، يشاركهم المحبون من المتطوعين لنيل البركة، والمسؤولون عن الاحتفال بشكل أساسي هم:

ـ القدوة: يحضر عيد السياحة هو شيخ الطريقة المدنية، ويجتمع مع المقاديم في مقر قدرة السياحة.

ـ المقدمون أو المقاديم وهم حوالي ١٤ مقدم، كل جامع يمثله مقدم أو اثنين، يشرفوا على الذبح والشيخ وتقديم الحلل. والأدوات اللازمة، ويكلفوا شخصاً يُسمى (الشاويش) بحصر للأدوات التي خرجت من عندهم للاحتفال بالسياحة لمعاودة تسليمها بعد الانتهاء .

ـ الطباخون: يخرج كل جامع عدداً من الطباخين برتبة شاويش ويشرف عليهم رئيس، ويشاركهم المتطوعين.

ـ الجزارون يخرج كل جامع عددا من الجزارين ويشرف عليهم رئيس.

ومن الجدير بالذكر أن الطباخين والجزارين لا يتقاضون أجرًا بل يعملون متطوعين أثناء الاحتفال لنيل البركة، والفكرة نفسها موجودة في الفكر الصوفي، وهي إطعام الطعام والتطوع لخدمة المريدين.


عيد السياحة في واحة سيوة

ثانيا - اليوم الأول من الاحتفال: يبدأ اليوم بوفود العربات التي تحمل المشاركون من سيوة إلى جبل الدكرور، مكان اقامة الاحتفال، كما يقام سوق إلى جانب موقع الاحتفال، وهي ظاهرة حديثة نسبيًا، حيث كان يحرم قديماً البيع والشراء خلال الاحتفال، أو إشعال النار في الخيام للطبخ، ولكن نظرة لكثرة عدد المشاركين حاليا، وصعوبة تقديم الطعام لهذا العدد، تم السماح بإقامة السوق الذي يقدم الطعام، من خبز وفراخ ومشروبات للمشاركين في الاحتفال، كما أصبح يقام هناك أماكن التسلية الأطفال، مثل المراجيح والأراجوز وغيرها، بالإضافة إلى معارض الأشغال البدوية السيوية، كما تشارك المحافظة بإرسال عربات الماء لمكان الاحتفال، ولكن احياناً ما يغضب أعضاء الطريقة، إن حدثت مخالفة ما، مثلما حدث حين تم إرسال فرقة من المزمار والطبول للاحتفال، كما يسمح للأجانب حالياً بالمشاركة في الاحتفال على ألا يشاركوا في الصلاة وحلقات الذكر، كما يجب على الأجانب المشاركون احترام الطقوس وقواعد الطريقة، ويقيم والطباخون والشاويشية والمقاديم في المنازل القديمة "شالي غادي بجبل الدكرور"، حيث يصنعون خياما من سعف النخيل، لصنع الطعام وتناوله وقراءة الأوراد الخاصة بهم والذكر فيها، ويميز اليوم الأول للاحتفال بهذه الطقوس وهى: 

1 - وجبة الظهر:

يبدأ الاحتفال بالتسمية وقراءة الفاتحة، ثم اختيار الذبيحة ونحرها، وسط الإنشاد، ويتم ذبحها في مكان واسع، ثم يتم تقطيع اللحم وذبح ذبائح المتبرعين، ولا يتم استخدام إلا اللحم والكبد فقط، وباقي الذبيحة يقام عليه مزاد عصراً للطباخين غالبا.

وبعد أذان الظهر، ينزل قادة السياحة إلى الرمال، من مقرهم بأعلى الجبل، ويقرؤون الأوراد الخاصة بالطريقة، ثم يصعدون إلى مقرهم بأعلى الجبل، ثم بعد انتهاء الطباخين من إعداد الطعام ينادي منادي إيذانا ببدء الطعام فيجتمع الناس ويشكلون دوائر على الرمال، كل دائرة من 3 أو 4 أشخاص، ويتم عمل صف من الشاويشية ، والمتطوعين لانزال أطباق الفتة وسط الإنشاد الديني أنشودة "ربنا بعضي يا كلى فيردد المشاركون لا إله إلا الله ومطلعها: ربنا بعضي يا كلي لا إله إلا الله إذا وقفت اصلى الله لا إله إلا الله وسركم في الحي ضميري.. الله لا إله إلا الله الست بالحي دارا.. الله لا إله إلا الله"

وعندما ينتهى الشاويشية، من جلوس كل الأفراد، ينادي باسم الله ليبدأ المشاركون بتناول الطعام، وبعد الطعام يترك المشاركون الأطباق، ويرفعها المتطوعون، ويقوم آخرين بحملها، بينما يتناول قادة السياحة الطعام بمقرهم اعلى الجبل، والطباخون بمكانهم بعد انتهاء المشاركون من الطعام، حيث يعتبر اجتماع أهل سيوة لتناول الغداء، أسفل جبل الدكرور في عيد السياحة السنوي دليلاً على حل الخلاف باعتباره عيدًا للتصالح أيضاً. 

- توزيع شوك اللحم

بعد صلاة العصر، تجرى القرعة لاختيار ترتيب توزيع شوك اللحم، وهي عبارة عن سلال من الجريد مثل الأسياخ يوضع بها اللحم كنوع من البركة للمشاركين، حيث يعتقدون أن أكلها يتسبب في حماية المشاركين من الأمراض، بالإضافة إلى تحقيق الأمنيات، حيث يجتمع الطباخون والمتطوعون في حلقات، ويوضع اللحم في قفف كبيرة تسمى "مواهي"، ثم يتم عمل أسياخ اللحم وسط الإنشاد. ويلاحظ أن فكرة استخدام جريد النخيل، تعبير عن استغلال البيئة المحيطة، حيث تشتهر سيوة بالنخيل، فتم استغلال الجريد كبديلاً للأسياخ المعدنية، وبعد توزيع اللحم، يقوم أعضاء الطريقة المدنية بالإنشاد، ثم يتبعهم في الإنشاد أصحاب الطريقة العروسية، وقد يشتركان في الإنشاء معا

حلقات الذكر "الحضرة": تبدأ طقوس الحضرة الصوفية بعد الغروب وبداية الليل، حيث ينزل قدوة السياحة من مقرهم بأعلى الجبل، إلى الرمال مرة أخرى وقت صلاة العشاء، بينما يصلى الطباخون في المكان المخصص لهم، ثم يقيم الطباخون حلقة ذكر، يجلسون عليها لشرب الشاي، بينما يجلس قادة السياحة على الرمال لاقامة حلقة ذكر أخرى تحت ضوء القمر،تستمر لمدة ساعة. 

والجدير بالذكر أن الحضرة تكون عبارة عن دائرة صغيرة يجلس بها الشيوخ والشباب ثم تتسع تدريجيا بانضمام المشاركين في الاحتفال، وتبدأ بالإنشاد والتراتيل ويرد الجموع على المنشد فيها، وعادة ما تكون " الحضرة الكبيرة بعد صلاة العشاء، وتنتهى الحضرة بأن يتصافح الأفراد في نظام معين يحافظ عليه الجميع، طوال مدة الاحتفال، ثم تنتهي مراسم هذا اليوم، فيذهب المشاركون للمبيت في الخيام والأخصاص الخاصة بهم في جبل الدكرور. 

ثالثا- اليوم الثاني من الاحتفال: 

لا تختلف طقوس هذا اليوم كثيراً عن الطقوس في اليوم الأول، ولكن يتكون طعام الغداء، في هذا اليوم من اللحم، كما أنه يعتبر يوم التصالح، حيث تعقد به لجنة مصالحات، ربما تقليداً لما فعله الشيخ المدني في مصالحة الأهالى 

طقوس اليوم الثاني من الاحتفال كما يلي:

- لجنة المصالحات

تقام بعد صلاة الظهر لجنة المصالحات، تبدأ  الجلسة بالوعظ الديني، ثم الإنشاد، ثم يعقد قادة السياحة لجنة التصالح بين المختصين. في مكان إقامة الطباخين، حيث يجلس الجميع على حصير مفروش، ويعرض كل فرد مشكلاته ويتم تصالح المختصمين، ثم تنتهي الجلسة بقراءة الفاتحة والدعوة للأحياء، ثم قراءة الفاتحة للأموات، ثم بعد الانتهاء من ذلك، يستكمل الاحتفال كالمعتاد بالإنشاد الديني والأغاني الاحتفالية وغيرها. 

رابعاً - اليوم الثالث من الاحتفال:

يعتبر هذا اليوم هو بؤرة الاحتفال، حيث أنه أكثر الأيام أهمية في احتفالية عيد السياحة، ومن أهم طقوسه ما يلي:

نزول قادة السياحة من مقرهم أعلى الجبل ووضع العلم

يبدأ اليوم في السابعة صباحاً وبعد شرب الشاي، ينشد الطباخون والشاويشية وهم جلوس ، في المكان المخصص لهم، ثم يصعدون في طابور يتقدمهم رئيس الطباخين إلى السلام المؤدية إلى أعلى قادة السياحة، وهم ينشدون طلع البدر علينا، وبعد دخولهم للحجرة يلقون تحية الصباح على الشيوخ ويقبلوا أيديهم، ثم يسلموا على الجميع، وبعدها ينزلون أيضاً في نفس الطابور، وهم ينشدون فرض الأمر إليه أن في التفويض ذكرا ثم ينتظرون في الخص المخصص لهم، وبعدها ينزل اليهم قادة السياحة، بعد حوالي عشرة دقائق، يتقدمهم قدوة الطريقة، إلى مكان الطباخين ليتناولوا الإفطار معهم، وبعد الإفطار يوضع علمان للطريقة المدنية وهو علم باللون الأخضر وكتابة بيضاء نصها لا اله إلا الله محمد رسول الله الطريقة المدنية الشاذلية"  أعلى السلالم، أمام حجرة قادة السياحة. 

وصول أعضاء الطريقة السنوسية

يصل أعضاء الطريقة السنوسية من الغربيين، في وقت الغداء ويصعدون إلى قادة  السياحة وهم ينشدون بطريقتهم الخاصة. ويتقدمهم شيخهم، ويكون في انتظارهم أحد المقدمين ليصلهم إلى الشيخ قدوة السياحة، وبعد السلام يجلس الجميع لقراءة القرآن حيث يجلس كل شيخ ومعه جزء من القرآن، ويتم ختم القرآن، ثم يتناولون الغداء معا، وفي العصر يشاركون في تناول البركة التي يجمعها الشخاذون، وبعد صلاة العصر يتم إنزال علم الطريقة من أمام حجرة القادة، إلى الرمال ليكون مسؤولاً. 

الشحاذون

يقوم اثنان من الطباخين بالتنكر في زي الشحاذين، حيث يرتديان شوالاً حول الرأس، يتدلى حتى الوسط ويتم ربطه بحبل، ويضعان لحية بيضاء، مستعارة من صوف العلم، ويمسك كل منهما عصا في يده، ويسير خلفه اثنان لمعاونته، أحدهما بمسك شوالاً ليتم جمع النفقات به، والآخر يمسك عصا الحماية لابعاد الأولاد، ويلقون على العمل الجمع النفحة، ويسير خلفهم الأولاد الصغار في موكب مرح، حيث يحاول الأطفال شد لحية وملابس الشحات، وهم يرددون با عظیم اقدار يا مولانا، وحينما يصل الشمات الأحد أكواع المشاركين بالاحتفال من العائلات يقول كل عام وأنت بخير ويقرأ الفاتحة، فيقدم له النفحات، وهي عبارة عن قول سوداني، كعاد، بسكوت، فاكهة وغيرها فيأخذها المعاون ويضعها في الشوال، وتستمر جمع النفحة حوالى ساعة و وبعدما تمتلني الأشولة يتم افراغها في قفة خلف العلم، الموضوع في منتصف الساحة، ويلاحظ أن أحد الشحاذين يلف في الجانب الشرقي، بينما الآخر في الجانب الغربي، ثم تفرش مفارش بيضاء، ليجلس عليها القادة والمقدمون والطباخون والمشاركون في الاحتفال، ويأكل الجميع من هذه البركة، التي اختلط فيها كل الطعام، فيأكل كل شخص من طعام الآخر، لم تقام حلقة ذكر تسمى "حضرة النفحة على الرمال يتوسطها الشحاتين، ويشارك فيها الجميع من القدوة إلى الشاويشية.  

1- لجنة الإنصاف:

تعقد لجنة تسمى بلجنة الإنصاف لمعاقبة المخالفين خلال احتفال السياحة، ومن تلك المخالفات الإعلان الخاطئ عن بدء ميعاد الأكل، ويكون العقاب أن يلف الشخص على المشاركين، ويعتذر لهم، وإن كان الخطأ كبير يعاقب الفرد بدافع غرامة مالية، ومن أمثلة المخالفات ذات العقوبات الصارمة " الجلد، حيث أنه ذات مرة قام أحد الشباب بالرقص والغناء، فقام قادة السياحة بإصدار أحكام صارمة، وهي جلده أمام الحاضرين، على أن يتولى ضربه ولي أمره، ولا يمكن تأجيل تنفيذ الأحكام، كما أن كل من يرفض حكم لجنة الإنصاف، يعاقب بغرامة أو تبيعة، ويحرم من المشاركة في الاحتفال بعد ذلك. 

 المزاد

ما يميز هذا اليوم هو إقامة المزادات وهما مزادان، الأول مزاد للطباخين، حيث يقام مزاد على السلع المتبقية من الاحتفال، وأجزاء الذبيحة( كالذيل والرأس وغيره) ويتم منح المال من المزاد للطباخين، وذلك لأنهم يعملون تطوعاً دون أجر خلال الاحتفال وعقب صلاة المغرب يقيمه الطباخون بعد الإقامة حضرة خاصة بهم، ثم يوزع التمر والخبز المتبقي على الشاويشية والطباخين، والثاني هو مزاد  يسمى مزاد العنزة الحية " ثم يقام مزاد آخر على عمرة حية، تقدم إلى "الشيخ على"، وهو من أولياء الواحة، ويوجد قبر بمكان بعيد بحل الدكرور، حيث يذهب جماعة إلى مكان القبر يتقدمهم فارس يعمل علم اخضر، فيقرؤون الفاتحة عند القبر ويعودون، ثم ينتهي اليوم بعد صلاة العشاء، حيث اعلام حضرة على الرمال، بواسطة قادة السياحة، تنتهي بانصراف الناس وعودتهم لمنازلهم بالمدينة. 


عيد السياحة في واحة سيوة

خامساًـ خاتمة احتفال عيد السياحة:

 في الصباح الباكر، حيث يبدأ الشاويشية جمع الأدوات التي تمت استعارتها من الجوامع، كأواني الطهي ليتم نقلها وتسليمها للجوامع مرة أخرى، ثم تقام طقوس مميزة وهامة كختام الاحتفال بالسياحة، ومن أهم تلك الطقوس ما يلي:

1 - الموكب:

يتم إنزال العلم في الساعة التاسعة صباحا، من خلال شخص مكلف بذلك، ثم ينزل أفراد الطريقة المدنية الشاذلية، ويصطفون في موكب يتقدمه قائد القافلة الذي يحمل العلم، ومن خلفه المنشدون ومن خلفهم من يرددون الذكر، ثم تبدأ مسيرة من قادة السياحة وقادة الطريقة السنوسية مشياً على الأقدام، من جبل الدكرور إلى سيوة، حتى يصلوا إلى ضريح سيدي سليمان.(ويلاحظ أن فكرة المواكب وحاملي الأعلام تتواجد في الموالد الصوفية أيضاً). 

الحضرة عند ضريح سيدي سليمان:

ينتهي الاحتفال بمسيرة تنتهي في وسط المدينة، عند ضريح سيدي سليمان بالقرب من جامع الملك، حيث يقفون في حلقة يتوسطها علمان ويقيمون حلقة ذكر، ثم يختم اللقاء بكلمة بلقيها شخص معين لقيه عاشق النبي صلى الله عليه وسلم يتوارت المهنة عن أبيه وحده، ثم يتركون علم الطريقة فوق ضريح سيدي سليمان للعام القادم، وجدير بالذكر أن هذا المكان، كان موقع احتفال الحصاد القديم. 

الحضرة عند جامع السبوخة الجامع العتيق

يسير الموكب من ضريح سيدي سليمان، إلى جامع السبوخة، ويجتمعون أمام منزل شيخ الطريقة المدنية، حيث يقيمون حلقة ذكره ثم يسلمون على بعضهم البعض، ويقرؤون القائمة للشيخ المدني، وفي النهاية يضعون العلم الآخر في جامع السبوخة 

كيفية احتفال النساء بعيد السياحة

لا يُسمح للنساء بالمشاركة في احتفالية السياحة، ولكن يسمح للفتيات صغيرات السن دون البلوغ بالبقاء بمكان الاحتفال بجبل الدكرور، على أن يعُدن إلى منازلهن بعد صلاة العصر، حيث تشارك تلك الصغيرات في احتفال النساء أيضا عند عودتهن إلى منازلهن. 

ولكن على الرغم من عدم السماح للنساء بحضور احتفال عيد السياحة، إلا أنه على الرغم من ذلك تقيم نساء سيوة احتفالية خاصة لهم في منازلهن، حيث تجتمع نساء كل حارة، في منزل سيدة لديها مكانة عاطفية لديهن، غالباً الأكبر سنا بين نساء الحارة، أو من تمتلك مكاناً فيما يتسع الاجتماع المحتفلات، وذلك للمشاركة في الطعام أو مشاهدة التلفاز، وفي ميعاد الاحتفال ومثلما يفعل الرجال من الشاويشية، تذهب مجموعة من النساء إلى منزل تلك السيدة ليسألنها هل ستقيم الاحتفال كعادتها كل عام، اذا أجابت بالإيجاب تتولى إحدى السيدات جمع المبالغ المتفق عليها للاشتراك في الاحتفال، ويرسلن أحد الشباب للسوق لشراء الطعام والهدايا مثل الخيط والبخور والبمبوني، وفي أول يوم في السياحة تجرى قرعة، لتحديد الأعمال ما بين تنظيف وطبخ، وغسيل أواني، ثم تُعاد القرعة يوميًا خلال الاحتفال، لإعادة توزيع الأدوار، وتجتمع النساء يوميا خلال الاحتفال في منزل السيدة الكبرى من الثامنة صباحا وحتى العاشرة مساءً، يتشاركن الغداء والتسلية

وجدير بالذكر أن الفتيات الصغيرات، ينشدن بعض الأغاني عند ذهابهن لمنزل السيدة، مثل أغاني المناسبات كالحج والزواج ومنها: (يا خضرة يا خضرا ما تخافي يا حضرة تا نتحداكي تحت الشجرة). 

وبعد العشاء، تجلس النساء المحتفلات في دائرة على الأرض ليقام حفل كبير التوزيع الهدايا ويتخلله الرقص والكوميدياء وينشدون (يا مولانا يا عظيم الجود)، وأحياناً يقمن بأجراء تمثيلية فكاهية، وتختتم جلسة النساء بتمني زيارة قبر الرسول والإنشاد الديني مثل ليا أمنة بشراك "يا مولانا يا عظيم الجود والله الله يا عالم بالسر لا يخفى)، ويعتبر هذا الاحتفال الخاص بالنساء أيضا تعبيرا على التضامن والاندماج بين أبناء الحارة، عبر المشاركة في العمل والطعام والغناء. 

أهمية عيد السياحة كأحد مظاهر حفظ التراث

يحمل احتفال عيد السياحة رسالة إخاء، ومحبة وسلام، كما أنه دمج بين التقاليد القديمة الواحة والاحتفالات، حيث مزج بين الطريقة السنوسية والمدنية، وكل تقاليد الصوفية من إنشاد وذكر ومشاركة طعام، حتى تحول من مناسبة دينية إلى عيداً قوميا للواحة، يأتي اليه الزوار من جميع أنحاء العالم.

يعتبر التراث الثقافي على اختلاف أنواع، مبعث فخر الأمم، واعتزازها بأصالتها بما يحمله من قيم ومعاني، حيث أن التراث يعرف بأنه التراكم المعرفي الغير محدود الزاخر بالقيم والتقاليد، كما أنه يمثل بمفهومه الواسع الذاكرة الحية للفرد والمجتمع، والتي يتم بها التعرف على الفرد والمجتمع، وهويته وانتمائه الشعب من الشعوب أو حضارة من الحضارات، وينقسم هذا التراث إلى نوعين وهماء التراث المادي ويتمثل في كل ما يتركه المرأ بحواسه ومرت عليه فترة زمنية معينة وينسب إلى حضارة من الحضارات، مثل الأماكن الأثرية، كالقلاع والقصور والحصون وغيرها، والتراث اللامادي وهو غير ملموس ويشمل كل التقاليد وأشكال التعبير الشفهي، وأنواع الفنون والممارسات الاجتماعية والطقوس والاحتفالات بالإضافة إلى اللغة والأدب والحكايات الشعبية، والموسيقي والغناء والعادات والتقاليد والأزياء

يزخر هذا الاحتفال  بمظاهر التراث الثقافي وشكل خاص اللامادي، بالإضافة إلى ارتباطه بعدة مواقع تراثية وأثرية شهيرة بالواحة؛ مما يجعله مصدرًا لحفظ التراث، بنوعيه المادي واللامادي، وذلك من خلال إنشاءه عبر الأجيال وتكراره في كل عام، حيث يجمع بين طياته، بين العديد من مظاهر التراث الثقافي بنوعيه، والتي يمكن توضيحها كالتالي:

أولاً - عناصر التراث اللامادي المرتبطة باحتفالية عيد السياحة:

يعتبر احتفال السياحة يعتبر بشكل عام من عناصر التراث اللامادي الهامة بواحة سيوة، باعتباره يمثل الاحتفالات الشعبية، والطقوس الدينية لما له من طابع صوفي، ولكن على الرغم من ذلك فهو يحمل بين طياته الكثير من عناصر التراث الثقافي اللامادي المميزة کاشكال التعبير الشفهي والممارسات الدينية، وعادات الطعام والملابس وغيرها، والتي يمكن توضيحها كالتالي:

حلقات الذكر "الحضرة"

إن الذكر هو غاية المتصوفة من أجل الفراغ العقل والقلب من كل شيء هذا الله، واستحضار عظمة الله في القلوب، حتى يشعر المتصوف بأن كل ما حوله يشاركه التسبيح والعبادة، والذكر في الصوفية من أركانها الأساسية معتمداً على آيات القرآن الكريم بفضل الدينية لما له من طابع صوفي، ولكن على الرغم من ذلك فهو يحمل بين طياته الكثير من عناصر التراث الثقافي اللامادي المميزة كاشكال التعبير الشفهي والممارسات الدينية، وعادات الطعام والملابس وغيرها والتي يمكن توسيعها كالتالي: 

كما أن الذكر الجماعي "الحضرة" يعتبر أبرز نشاطات الجماعات الصوفية، وهو بمثابة رقص شعائري يتم تأديته على أنغام لمن يؤديه منشد يصاحبه علما قارعوا الدفوف وعازفو الناي، وذلك من أجل جلاء القلب وتهيئته لاستقبال الفيض النوراني وهو يتخذ أشكالا متعددة فقد يؤدي فردي أو جماعي بحركة أو بدون، ولكن بشكل عام يتخذ الذكر الجماعي الحضرة شكل حلقة وصفوف متقابلة ويقف في قلب الحلقة الشيخ أو من ينوب عنه ويقام الذكر طبقا لكل طريقة، و يبدأ عادة بتلاوة ورد الطريقة أو حزب الشيخ أو ينتهى به

 

وخلال احتفال عيد السياحة تقام حلقات الذكر على مدار أيام الاحتفال، وذلك من خلال الطريقة المدنية الشاذلية، كما تقام ايضا حلقات الحضرة المميزة مثل " حضرة النفحة في اليوم الثالث من الاحتفال، أو حضرة ضريح سيدي سليمان والتي يشترك بها الجميع من الطرق الصوفية المختلفة، كقائمة للسياحة.

الطعام

يرتكز احتفال السياحة على تقديم الطعام التقليدي في سباق ثقافي ديني، كما أن التجمع حول الطعام ومشاركته، يرمز للتضامن والتماسك الاجتماعي والتسامح، كما أنه يشير إلى الوحدة ، كما أن طعام الاحتفال قيمة رمزية بدءاً من جمع " أرغفة الخير ثم إعداده عبر تكسيره وخلطه، وتوزيعه الذي يشير إلى تنوع العلاقات الاجتماعية، بل وأن قواعد تقديم الطعام وتناوله التي تتم وفقا لأوقات وطقوس محددة، وعقوبة من يخالفها، يشير إلى الانضباط الاجتماعي المتمثل في العديد من القيم مثل الطاعة والقوة والانتماء والالتزام. 

وخلال الاحتفال عيد السياحة، يتم تمثيل قصة تكسير خبز القبائل وخلطه معا حتى يأكل كل فرد من خبر جاره، كما في قصة مصالحة الشيخ المدني لأهالي سيوة وذلك عبر تجميع أرغفة خبر المجردق وتكسيرها وعمل الفتة (أرز - لحم - خبز المجردق) والتي تمثل الوجبة الرئيسية خلال الاحتفال، ويتم تناول الطعام معا في توقيت محدد، وبعد إشارة البدء التجمع " واعلم ثم التسمية تبدأ الطعام، وتتوارث تلك الطقوس الخاصة بالطعام الاحتفالي جيلا بعد جيل، مما يجعل هذا الاحتفال وطقوسه تعبيرا عن الهوية السيوية. وتجديداً للانتماء وتقوية للسلطة القبلية

وهناك طعام البركة أو النفحة التي يجمعها الشحاذون من سوداني وكعك وسكوت، ويتشاركها الجميع حتى القادة الطرق الصوفية الأخرى كعلامة على المصالحة والمحبة والسلام ولنيل البركة.

وهناك أيضاً شوك النعم وهي من العلامات المميرة لعيد السياحة بسيوة، وتعتبر من الأطعمة الرمزية، حيث يوضع اللحم في أسياخ من جريد النخيل مما يدل على استخدام عناصر البيئة المحيطة.

كما يلاحظ أنه تقام جلسات الشاي على الطريقة السيوية أثناء احتفال عيد السياحة، وفيها يتم صب الشاي بالطريقة التقليدية، عبر صبه في أكواب كاسات صغيرة، مع رفع البراد لأعلى، كما أن الشاي السيوي يكون منكها بالأعشاب النعناع أو عشبة الليمون ويصنع بطريقة تسمى الزردة. 


عيد السياحة في واحة سيوة

المعتقدات الشعبية

يعتقد أهل سيوة أن طعام الاحتفال نوعاً من البركة، لذا يتطوع الكثيرون للمشاركة في إعدادة، بل ويحرصون على تناوله، كالفتة وما تم جمعة كنفحة وذلك لنيل البركة، لذا في يتفرق الجمع بعد دقائق بمجرد تناول اللقيمات منه، أو يتهافتون لنيل ثمرة أو حبة سوداني من النفخة، كما تعتبر شوك النجم من الأطعمة الرمزية، والمميزة لاحتفال عيد السياحة، حيث توجد البركة وترتبط بالمعتقدات السيوية فيضاء لذا فإنها تعتبر مظهراً آخر من مظاهر التراث اللامادي سيوة والمتمثل في المعتقدات الشعبية، حيث يعتقد أهل سيوة أن من يتناولها يحفظ من الأمراض أو تتنطق أمنياته. 

كما أنه وبحسب العادات الشعبية السيوية، فإن الجبل الدكرور وهو مكان إقامة الاحتفال مكانة في معتقدات أهل سيوة، حيث يعتقدون بحسب الروايات والأساطير أنه كان لملك من ملوك سيوة القديمة يسمى " البريق، حتى أنهم يسمون جبل الدكرور " إدرار بالإضافة في اعتقادهم بالأولياء وبشكل خاص سيدي سليمان وما ترتبط به من العديد من المعتقدات الشعبية بأنه حامي الواحة، حتى فريق منهم يرى حيث كنوزه وخزانته بهذا الجبل كما يعتقد السيويين أن الحيوانات لا تحزن ولا يسمع لها صوت أثناء الاحتمال وخاصة الحمير.  


عيد السياحة في واحة سيوة

وظائف خاصة بالاحتفال

هناك عدة وظائف مندرجة خلال احتفال السياحة، ولكل درجة مهام معينة يقوم بها أفرادها كالتالي:

القدوة: يتم اختياره من قبل مقدمي الجوامع ليكون شيخاً للطريقة المدنية الشاذلية ورئيساً لاحتفال السياحة، وعادة ما يكون أكثرهم خبرة وفهما للدين، ووظيفته رئاسة مجمع المقاديم في الاجتماعات، وتحديد موعد السياحة

المقدم وجمعها المقاديم: يختارهم القدوة، وهم حلقة الوصل بين مجمع المقاديم وبين الجامع، كما أن مجمع المقاديم برئاسة القدوة هم المسؤولون عن تحديد ميعاد السياحة، كما أنهم المسؤولون عن تسلم النقود والكشوفات من شاويشية المساجد، بالإضافة إلى شراء المستلزمات وتنظيم السياحة والإشراف عليها 

الشاويش: وظيفته جمع النقود وأرغفة المجردق من المشاركين، بالإضافة إلى القطب اللازم للطهي، وذلك يعمل كشف بالاسم والكمية والمبلغ المطلوب من كل شخص، كما أن من مهام الشاويشية خلال احتفال السياحة، أحد أواني الطهي من الجامع وتسليمها للطباخين ومراقبتهم واستلامها منهم بعد انتهاء السياحة، حيث أن نكل جامع أدوات طهي خاصة به يشتريها أهل الحارة التي بها الجامع، حيث تجمع نقودها على كل شخص وجب عليه الصيام حوالي ١٢ عام ولا يتم شراؤها من مال وقف الجامع، كما يعتبر من مهام الشاويش أيضا تسليم سلال اللحم إن تغيب أحد المشاركين في الجامع لديه في حضور الاحتفال، كما أن من مهام الشاويش منع الأطفال حتى لا يتلوث الطعام بعد وضعه على الأرض.

المتطوعون من الجزارين والطباخين والمندوبين ولكل منهم رئيس ويحق فقط الرئيس الطباخين تذوق الطعام والإشراف على إعداده، بينما يعتبر ذلك خطأ يستوجب العقوبة إن فعله أحد الطباخين.

الملابس: ليس هناك أزياء احتفالية بعينها يرتديها المشاركون في الاحتفال بعيد السياحة، ولكن جدير بالذكر أنهم يرتدون الملابس التقليدية السيوية من الكتان القميص السيوي خاصة أعضاء الطريقة المدنية وتقوم المحافظة أحيانا بتوزيعها على أعضاء الطريقة قبيل الاحتفال، كما يرتدي الطباخون الجلباب والطواقي البيضاء، ويرمز اللون الأبيض إلى الوقار عند الرجال، كما أنه هناك فئة ترتدى ملابس خاصة في اليوم الأخير من الاحتفال وهم فئة الشحاذون، حيث يرتدون ملابس مصنوعة من الأجولة، ولحية من صوف الغلم، أثناء تمثيلهم والقيام بمهمة اليوم الأخير في جمع النفقة من المشاركبن

1- الأناشيد والأغاني: يعتبر الصوفية أن الغناء أو السماع أحد المقامات على طريق الله ولكن يسمى الصوفية المنشد بالقول بدلا من كلمة المغني التي ترتبط بالظهر في أذهان الناس، ويذكر نايل جرين أن السماع هو الاستماع الطقسي للموسيقي والشعر للوصول إلى النشوة أو ما تعرف عند الصوفيين بالأحوال مما يجعلهم أكثر قربًا من الله أو الأولياء حسب اعتقادهم.

الأناشيد خلال احتفالية السياحة يقوم المشاركون بالإنشاد طوال أيام الاحتفال، حتى في أثناء العمل كأعداد الطعام وتحضيره وجدير بالذكر أن الإنشاد في الطريقة المدنية يعتمد على الإنشاد الصوتي وتوسعات المقامات الصوتية، ولا يستخدمون الآلات الموسيقية، كما أن لهم نعمة خاصة في الإنشاد تختلف عن أروع الطريقة الشاذلية، وبالنسبة للقصائد فهي تحفظ عن طريق السماع أو نقرأ من كتب مثل كتاب السعادة الأبدية أو كتاب الشيخ سلامة راضي وأشهر القصائد في قصائد تنتمى للشيخ المدني مثل الصيدة فوضت الأمر اليه وقصيدة ذكرت أخواني بالإضافة القصيدة عبد الرحمن البرعى التي قالها اشتياقاً لزيارة الرسول أيا عالم بالسر لا يخفاء، ولا يبدأ المنشد إلا بعد أخذ الإذن من القدوة، ثم يريد البيت مرة أو مرتين ويردد خلفه الإخوان بيتا معيناً بعد كل فقرة ينشدها ، ومن أشهر الأناشيد التي يتم إنشادها خلال احتفال السياحة بل وتنشدها النساء أيضا خلال: 

احتفالهم بالسياحة في المنازل في أنشودة " يا عالم بالسر لا يخفاءومطلعها:

يا أمنة بشرك يا مولانا يا عظيم الجود الله الله يا عالم بالسر لا يخفاء.

الله الله يا عالم بالسر لا يخفاء.. والرحمة العاشقين تحمل نقل الصحية والهوى الضاح

وتردد المجموعة الله الله يا عالم بالسر لا يخفاء

وهناك أيضاً أنشودة ربنا بعضي يا كلى، وأنشودة طلع البدر علينا، وأنشودة فوض الأمر اليه إن في التفويض ذكرا. 

الأغاني: بالنسبة للأغاني الشعبية هناك أغاني يلقيها الأطفال أثناء الاحتمال مثل أغنية خضرة يا حضرة التي تلقيها الفنيات والتي تعنى في الأفراح السيوية أيضاً.

اللغة: يتحدث الأهالي اللغة السيوية، وهي تنطق ولا تكتب حيث أنها مزيح بين اللغة الأمازيغية والعربية وغيرها، يلاحظ بعض الكلمات الخاصة مثل تسمية العيد باللهجة الأمازيغية السياحة والتي تعنى السياحة في حب الله على الطريقة الصوفية، وبعض المصطلحات السيوية مثل خبير المجردق، وقفف المواهي التي تحمل بها شوك اللحم، والكلمات الخاصة بطقوس الاحتفال بل ويعاقب من يخالف توقيتاتها

الممارسات الاجتماعية

يعتبر احتفال السياحة سيوة بمثابة صياغة الممارسة الأصلية التي يحكمها الأهالي حول زيارة الشيخ المدني لواحة ومصالحة أهلها من القبائل الشرقية والغربية وتتمثل تلك الممارسة في بعض العناصر الرئيسية وهي عنصر المكان المتمثل في حبل الدكرور وهو المكان نفسه الذي أقام به الشيخ المدني، وجمع به القبائل للتصالح وعروض المصاهرة حيث تجتمع الفتيان للاحتفال كل عام، رغم زوال الخلاف بالإضافة إلى عقد لجنة الإنصاف والمصالحة لمن وقعت بينهم خصومات، ومن يريدون التصالح، والطعام الجماعي الذي يتم تداوله بشكل يحاكي الممارسة القديمة بدءا من جمع أرغفة الخبز وتكسيرها وخلطها، ثم عمل الفئة والمشاركة في الطعام، ويعتقد أهل سيوة بقدسيته حتى أن الجميع ينتظر ليتناول بعضاً منه، كما أن الأكل الجماعي يعني المصاهرة ونبذ الخلاف.

عنصر الزمن: من خلال  اختيار الليالي القمرية، حيث التقي الشيخ المدني بأهل سيوة في ليلة مقمرة تتيح الرؤية وعمل الصلح، كما أنه يقام بعد الحصاد مما يعنى أنه موسم الرواج الاقتصادي تنتعش فيه الزيجات، فيستطيع الشاب أن يختار عروسه خلال أيام الاحتفال كما أن الاحتفال بعيد السياحة، يبدو وكانه جمع بين احتفالين سابقين في سيوة وهما الاحتمال بعيد الربيع، حيث كانت الناس تخرج للمزارع والخلاء للتنزه لمدة ثلاث أيام، وبين الاحتفال بمولد سيدي سليمان 

ثانيا - عناصر التراث المادي المرتبطة باحتفالية عيد السياحة:

وتتمثل في الأماكن الأثرية والتراثية التي ترتبط بها طقوس الاحتفال وهي: 

1 - جبل الدكرور

يقع جبل الدكرور على بعد خمسة كيلو مترات جنوب سيوة، وهو متاخم للمنطقة السكنية، ويتميز بجوه الصحي، وتوافر المياه العذبة به، والجبل يضم عددا من المقابر المحفورة في الصخر، كما تم استخدامه كمحجر في العصور القديمة، كما يستخدم أسفل الجبل في العلاج عبر الدفن في الرمال، حيث يلقي هذا النوع من السياحة العلاجية رواجاً عالميا 

ولقد ارتبطت منطقة جبل الدكرور بالمعتقدات السيوية ( اعتباره مكان كنوز الملك ابريق) بالإضافة إلى العديد من الممارسات الشعبية من أهل سيوة، وبشكل خاص الممارسات الطبية حتى ثلاثينات القرن العشرين اعتاد أهل سيوة من الرجال والنساء والأطفال، فضاء عدة أيام على سفح التل الرملي عند اكتمال القمر من شهر رجب، وكان كل شخص منهم يأكل أكبر قدر من الثوم، اعتقادا منهم أنه سيوفر لهم مزيد من الصحة طوال العام، وعلى الرغم من انقطاع تلك العادة الشعبية، إلا أنها اتخذت أشكالا أخرى حيث ما تزال تلك المنطقة مكاناً للعلاج الشعبي بالدفن بالرمال إلى الآن، كما أن لهذا الجبل مكانة في المعتقدات الشعبية السيوية. 

كما أنه يقام أسفله أكبر الاحتفالات بالواحة ذات الطابع الروحي الصوفي، وهو عيد السياحة، وينتظم المشاركون في احتفال السياحة في شكل متدرج في البيئة الطبيعية المتمثلة في منطقة جبل الدكرور، حيث يكون في أعلى الجبل رئيس الاحتفال شيخ القبائل الذي يمثل القيادة العلياء يليه القدوة الذين يمثلون شيوخ القبائل ومعاونيهم الذين يطلق عليهم المقدمين، ثم الشاويشية الذين يتولون عملية المحافظة على النظام في الاحتفال، وفي قاعدة الجبل يكون المشاركون الذين يمثلون أعضاء العائلات كما يجدر الإشارة إلى استخدام المشاركين في الاحتفال المنازل القديمة شالي غادي وهي منازل مصنوعة من الكرشيف " المحلي. كما أن الجبل ينقسم إلى ثلاث مستويات أثناء الاحتفال الأول الساحة الفسيحة أسفل الجبل، والثاني مرتفع قليلا مكان أخصاص الشاويشية والطباخين، والثالث بالأعلى مكان اقامة قدوة السياحة

ضريح سيدي سليمان - سلطان الواحة:

يعتبر ضريح سيدي سليمان، والذي يقع في الميدان الواسع المدينة سيوه، إلى جانب الجامع الجديد أو المعروف بجامع الملك، من أكثر الأماكن اجلالاً في واحة سيوة، حيث يعرف سيدي سليمان بسلطان الواحة، كما أنه أبو الأولياء لديهم، ويعتقدون في حرمته ومعجزاته، ويأتي مولده بعد عيد الحصاد. 

وتروى المعجزات والكرامات حول سيدي سليمان، ومن كرمه وحمايته الواحة ضد الغزاة، ويعتبرون قبره علماً لأى شخص يطلب الحماية والمساعدة، لذا تقدم له النذور ويطلق البخور وتوفد له الشموع، وكان في الماضي يقام له احتفال عظيم بمولده بأتي الحصاد ويستمر لمدة أسبوع، وهو يشبه لحد كبير احتفال السياحة العالي فيما عدا أن النساء كان مسموح لهن بالمشاركة، كما أن الشباب كانوا يخرجون للحدائق لشرب اللبجي وهو نوع من أنواع الخمور المصنوعة من النخيل، بينما يبقي المسنون حول ضريح سيدي سليمان الإقامة حلقات الذكر، يسميه السيويين "أبو الأولياء" وله كرامات، منها أن ولادته كان لها معجزة حسب معتقداتهم الشعبية أنه قد اشتهت أمه السمك، وهو نادر في الواحة وعند ولادتها جاء طائر بسمكة لها، ولأن سيدي سليمان كان فاضي مشهور وفاضل، تأكل نساء سيوة عند ولادتهن السمك 

المسجد العتيق

هو أقدم مسجد في واحة سيوة، وبحسب مخطوط سيوة فإن المسجد قد تم بناؤه حوالي عام ٦٠٠ها/ ۱۲۰۳ و، عندما اضطر سكان سيوة إلى بناء مدينتهم المحسنة " عالي القديمة فوق الجبل التحسبهم من اعتداءات البرير والبدو المتكررة، وما يميز هذا المسجد أنه قد تم بناؤه من الكرشيف والسقف مغطى بجذوع النخل، كما أن مأذنة المسجد لها شكل مخروطي يشبه الصوامع كما في عمارة المغرب والأندلس، وملحق بالمسجد من الجانب الشمالي ساحة الخلوة وهي عبارة عن ساحة مستطيلة غير مغطاة ومحاطة بالأسوار.

تستخدم في إقامة حلقات الذكر "الحضرة" من المناسبات الدينية، وبشكل خاص الطريقة المدنية الشاذلية. 

إن لعيد السياحة بسيوة أهمية كبيرة في الحفاظ على تراث واحة سيوة الشعبي من عادات وتقاليد وطقوس دينية، لذا فإن إقامته تعتبر دليلا على صون التراث وبشكل خاص اللامادي بواحة سيوة حيث أنه يمثل التراث ويحدد الهوية السيوية، حتى أن أهلها يعتبرونه بمثابة العيد القومي للواحة، أو عيدا السلام السنوي.

عيد السياحة  قد تأثر ببعض المتغيرات عبر السنوات مثل السماح بإقامة الأسواق أو السماح للأجانب بالمشاركة به، بل أن العيد نفسه يتشابه في طقوسه الاحتفالية والأماكن المرتبطة به بأعياد أخرى قديمة في الواحة مثل الاحتفال بعيد الحصاد، أو الاحتفال بمولد سيدي سليمان، مما يظهر صورة التاريخية.

ويواجه عيد السياحة حالياً، بعض المخاطر التي تهدد هذا الاحتفال مثل تغير أفكار الشباب عن أهميته بالإضافة إلى معارضة البعض  بالواحة لإقامته، لذا يجب وضع استراتيجية الحفاظ عليه وصيانته وذلك من خلال:

الدعوة إلى إدراج احتفالية السياحة في قائمة صون التراث اللامادي بمصر، خاصة مع أهمية هذا العيد الكبيرة في نشر أسس المحبة والسلام بين الناس وتقبل الآخر.

جمع وتوثيق المعلومات عن الحتفالية عيد السياحة بسيوة، غير استخدام التسجيل الصوتي وتصوير الفيديو، ويجدر الإشارة إلى دور الأرشيف المصري للتراث بجمع الكثير من المادة العلمية حول هذا الاحتفال وتراث سيوة بشكل عام، ولكن يجب وضع استراتيجية الحفاظ على هذا الاحتفال وصونه من خلال:

ـ منع الدخيل على هذا العيد عبر السنوات المعرفة ما يطرأ عليه، وما يمكن تقبله وما يمكن أن يؤثر على هوية هذا العيد وطقوسه الأصيلة، حيث هناك طقوس لم يعد يتم ذكرها أو الاحتفال بها مثل مزاد العنزة الحية، وهناك رأى ينفي فكرة مصالحة الشيخ لأهالي سيوة، لذا يحب الجمع والتوثيق ومقاربة المادة العلمية المجمعة عبر السنوات.

ـ يجب مشاركة المجتمع المحلى والمتاحف والمسؤولين بسيوة في دعم ونقل التراث الثقافي بسيوة وبشكل خاص اللامادي وكل ما يتعلق بالاحتفالية بعيد السياحة، وذلك عبر اطلاع الجمهور على أهمية هذا الاحتفال للمجتمع المحلي وأفراده بما يلعبه من دور هام في تحديد الهوية السيوية.

ـ  استخدام التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي والإعلام لنشر كل ما يتعلق بهذا الاحتفال، مثل عمل الأفلام الوثائقية ونشرها في البرامج التليفزيونية ومنصات التواصل الاجتماعي.

ـ عمل ندوات توعوية وتثقيفية عن التراث وحفظه، والعمل على نشره، وعن مدى أهمية احتفالية السياحة تصون التراث السيوي، بل ودوره في حفظ الهوية السيوية، وبشكل خاص للأطفال والشباب.

ـ العمل على الترويج الاحتفال عيد السياحة لتنشيط سياحة التراث بمصر، مما يساعد في رفع المستوى المعيشي لأهل الواحة. 

ـ الترويج إعلاميا لأهميته، حتى يتم أدراجه على قائمة صون التراث باليونسكو. 

 المصادر والمراجع

محمد التداوى (۲۰۱۱)، واحات مصر جنان مصر البعيدة الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة.

 سوزان السعيد (۲۰۰۹) المرأة والهوية: دراسة في واحة سيوة مجلة الثقافة الشعبية، عدد ٢. 

سوزان السعيد  (۲۰۰۱) احتفال السياحة والطريقة المدنية الشاذلية في واحة سيوة.

سوزان السعيد  (۲۰۰۷) الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في واحة سيوة مجلة الفنون الشعبية، عدد ۷۲،۷۳. 

 عامر النجار (1995) الطرق الصوفية في مصر: نشأتها ونظمها وروادها الرفاعي - الجيلاني - البدوي - الشاذلي -الدسوقي، دار المعارف، القاهرة.

 عبد العزيز  الدميرى (۲۰۲۲)، مدير آثار مطروح جولة ميدانية في شالي القديمة.

محمد الجوهرى  (١٠٠٦)، مقدمة في دراسة التراث الشعبي المصري،  القاهرة.

 ياسر هاشم (۲۰۱۱)، دور المنظمات الدولية والإقليمية في حماية التراث الثقافي وإدارته وتعزيزة مجلة أدومانو

 حسين على الرفاعى  (۱۹۳۲)، واحة سيوة من النواحي التاريخية والجغرافية والاجتماعية والاقتصادية المطبعة الأميرية القاهرة

 إبراهيم محمد (۱۹۷۰) ابن عروس والطريقة العروسية مجلة الدون الشعبية، عدد ١٥. 

 رفعت الجوهرى  (١٩٤٦) جنة الصحراء سيوة أو واحة آمون نواحي مجهولة من البلاد المصرية دار المعارف، القاهرة.

مصطفى جاد (۲۰۱۱) فولكلور واحة سيوة والهوية الثقافية مجلة الثقافة الشعبية،  عدد ١. 

 نایل هرين (۲۰۱۸) الصوفية نشأتها وتاريخها، ترجمة صفية مختار، مؤسسة هنداوي.

حبيب شوقي عبد القوي : السياحة في سيوة مجلة الفنون الشعبية. 

شيفر بريجيت (1994). واحة سيوة وموسيقاها، ترجمة: جمال عبد الرحيم، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة.

عرفة عبده (1995) موالد مصر المحروسة، عين الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية.

نبيل أحمد عبد الحميد (۲۰۱۱) جغرافية واحة سيوة وهيكلها الإداري، مجلة القراءة والمعرفة جامعة عين شمس عدد ۲۱۳. 

أحمد فاروق (٢٠١٦) قاموس المأثورات الشعبية المعالجة الموضوعية باستخدام الميكانزيم الهيئة المصرية العامة للكتاب.

أحمد  فخرى (۱۹۷۳)، واحات مصر، مج 1: واحة سيوة ترجمة جاب الله على مطابع هيئة الآثار المصرية، القاهرة.

أحمد صبحي (۲۰۰۰) العقائد الدينية في مصر المملوكية. 

الأثري عبد الله إبراهيم موسى 

مدير منطقة آثار مطروح للآثار الإسلامية والقبطية 


عيد السياحة في واحة سيوة

عيد السياحة في واحة سيوة

عيد السياحة في واحة سيوة

عيد السياحة في واحة سيوة

عيد السياحة في واحة سيوة

عيد السياحة في واحة سيوة

عيد السياحة في واحة سيوة

عيد السياحة في واحة سيوة

الأثري عبد الله إبراهيم موسى

الأثري عبد الله إبراهيم موسى
#   #   #   #   #   #   #   #   #   #   #   #   #   #   #   #   #   #   #  

كلمات البحث