نبتت بين مصر وفلسطين علاقة إنسانية منذ وقت طويل، سقاها الشعراء والكتُاب والنقاد والفنانون، والسينمائيون والمسرحيون، والمصورون والحالمون والمحبون وحتى الحضن السياسي احتواها، فتوجت العلاقات بأعمال أدبية وفنية وحتى علاقات مصاهرة تعدت الحدود التي رسمتها السياسات.
موضوعات مقترحة
شخصياً بدأت أشعر بهذا التعاطف، في قصائد الشاعر الجميل الراحل عبد الرحمن الأبنودي، يوم أن سمعت في طفولتي قصيدته "الحارة الفلسطينية" بلهجته الصعيدية الجميلة، وروح الشعر التي كانت تتجلى في صوته، فأحضر فلسطين لسياق من الفهم وقضى على البّعد الجغرافي ليصير كياناً واحداً متآلفاً.
ولم يكن الأبنودي وحده، إنما قبله غنّى عبد الحليم ملاحم بطولية كتبها صلاح جاهين والأبنودي، فكانت رمزية فلسطين والقدس تعود في كل مرة ليسطع نجمها مع جمهور مصري انتقل من التعاطف إلى التبني، وتصدر القضية كإحدى أولوياته.
وما بين أحمد فؤاد نجم، وأمل دنقل، والأبنودي وصلاح جاهين، ازدادت هذه القوى الناعمة في مد يدها لفلسطين، فصار لها ركناً في معرض القاهرة الدولي للكتاب، وصار ركن فلسطين مزارا للمشتاقين والحالمين، ومنصة لترويج الإنتاج الأدبي عن فلسطين ومن فلسطين، بالتعاون مع الدور والمؤسسات التي كانت تملأ الفراغ الثقافي، بمحاولات دائمة لعقد مواثيق محبة والتزام إنساني عالي مع الشقيقة مصر.
فتحت مصر ذراعيها عبر فعالياتها الثقافية المختلفة لكل فلسطيني يحمل صوتاً ورؤية ومنحت كل المساحات للمبدعين الفلسطينيين جنبا إلى جنب لإيصال الرواية الفلسطينية، في السياقات المحلية أو الدولية، خصوصاً بعد حرب الإبادة التي شهدها قطاع غزة مؤخراً.
ولم تكن تجربتي بعد نزوحي إلى مصر إلا انعكاساً لهذا الاحتضان، فقد كانت المشاركة من كّتاب وشعراء غزة النازحين في ورشات مصر الأدبية والثقافية المتعددة، كورشة الزيتون مع الكاتب شعبان يوسف، وصالون المرأة مع الكاتبة ضحى عاصي، انصهاراً حقيقياً والتحاماً مع الفكرة في دفع الرواية الفلسطينية محلياً ودولياً، من خلال هذه المنصات.
فيما تصدرت مؤسسة التعبير الرقمي - أضف، وفتحت قلبها ومكانها لأولئك النازحين الناشطين الثقافيين والكُتاب، ومشت كتفاً إلى كتف وجنباً إلى جنب مع رحلة البداية الصفرية، ضمن رؤية واحدة ورواية واحدة، نقدمها للعالم معاً، عن تلك البلاد التي قاتل أهلها بكل ما يملكون من أجل حريتها، التي لم ينالوها بعد.
هبة الآغا، كاتبة فلسطينية