حسام أبو النصر يكتب : مصر.. قلب العروبة وسند فلسطين

9-10-2025 | 22:44
حسام أبو النصر يكتب  مصر قلب العروبة وسند فلسطينحسام أبو النصر

رغم كل ما تتعرض له مصر، إلا أنها مازالت تقوم بدورها العروبي غير آبهة بالإساءات من مختلف الجهات، لتسخر كل الإمكانيات والمقدّرات لصالح القضية الفلسطينية، فمنذ إندلاع أحداث 7 أكتوبر التي أدت حتى الآن إلى استشهاد ما يقارب 100,000 شهيد ومفقود. 

موضوعات مقترحة


تقدم مصر المساعدات الإنسانية بمجموع فاق ٨٠% مما تقدمه الدول العربية، مصر ذات الدور المحوري منذ سنوات طويلة، فقد قاتلت وحاربت منذ 48 الجماعات والعصابات الصهيونية التي حاولت احتلال فلسطين، ومن ضمن القرى التي حاربوا فيها كانت قريتي التي تمركزت فيها القوات المصرية، وسميت بمعركة دير سنيد، وقد حاربوا في الفالوجا لصد هجمات الصهيونية، ثم حاربت أيضاً عام ١٩٦٧م لتختلط الدماء الفلسطينية والمصرية، دفاعاً عن الأرض ورغم إحتلال باقي فلسطين وسيناء، استعادت قوتها لتحارب عام ١٩٧٣م وشارك معها بعض القوات الفلسطينية والعربية حتى استعادة سيناء، وكان لمصر وما زال الدور الأساسي في دعم القضية الفلسطينية، حيث استمر العدوان الاسرائيلي، بكل أشكاله لكن بقيت مصر قلعة شامخة ضد كل محاولات الإمبريالية للمساس بأمنها، وذلك بسبب تمسكها بالقضية الفلسطينية ورفضها رفضاً قاطعاً مشروع التهجير الذي بدأ منذ خمسينات القرن الماضي، في مناطق غزة وسيناء، وقد اندفعت الجماهير وانتفضت ضد ذلك، ولا ننسى كيف روت الدماء المصرية فلسطين في مذبحة بحر البقر وغيرها من المذابح التي سعى الاحتلال الصهيوني إضعاف قوتها وابتزازها لتتراجع عن دعم فلسطين، وحاولوا ضرب مكانة مصر من خلال أيضاً المشاريع المشبوهة لابتزازها وآخرها مشروع سد النهضة واللعب بمياه النيل ومحاولات الإرهاب للنيل من أمنها كل ذلك لم يثنيها عن الاستمرار في الدفاع عن القضية الفلسطينية.

 واليوم كل ما تتعرض له مصر من محاولات التشويه لم يغير ولن يغير شيء بالعكس، ازدادت اصراراً وثباتاً وشموخاً وبقيت تقدم للقضية الفلسطينية ومنذ حدوث هذه المقتلة ومصر تبذل كل الجهود لوقف العدوان مع قطر والسعودية، وقدمت كل ما يمكن سياسياً إضافة للاستضافة محادثات الفصائل الفلسطينية دوماً مثلما استضافتها في حوارات الوحدة الوطنية طوال سنوات. كانت مصر دائماً صمام أمان للوطن العربي ككل، فدائماً نقول أن مصر قلب الأمه العربية إذا ضعف القلب ضعفت الأمة وبالتالي أمن مصر من أمن الوطن العربي ونحن كفلسطينيون نقدر هذا الدور ونعرف تماماً ما قدمته مصر ومازالت تقدمه من أجل الدفاع عن القضية الفلسطينية، ولم تتراجع عن ذلك قيد أنمله، ليس فقط من باب الدعم السياسي والإنساني بل مصر فتحت أبوابها لتعليم مئات الآلاف من الفلسطينيين منذ سنوات طويلة وتساوى في فترة من الفترات الطالب الفلسطينيين مع الطالب المصري وتعلموا في جامعاتها وفي مدارسها، وكلياتها، وانا من هؤلاء، واتممت فيها الدراسات العليا في التاريخ، تحت اشراف اصدقائي وأساتذتي الكبار والعظام الذين أناروا الوطن العربي بعلمهم منهم المؤرخ الكبير الدكتور عاصم الدسوقي أطال الله في عمره، والراحل المفكر الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله الذي كان صديقاً مقرباً، وقدمت مصر كثيراً من الفكر والعلوم والمعرفة والأدب الذي أثرى المشهد العربي وبالتالي نحن الفلسطينيون ننظر لمصر بعين الفخر لما قدمته لهذه الأمة مما رفع من مستوى الوعي والمعرفة في مواجهة الاحتلال بكل أشكاله، لذلك مصر هي قلب العروبة، حاملة اللغة، والهوية العربية، بكل ما تمثله من قامات السياسية وعلمية وفكرية وأدبية، فهي بالنسبة لنا مناره ننهل منها دائماً ومهما كانت كل محاولات التشويه لن تغير الحقيقة بأنها صمام الأمان لنا جميعاً.


ورغم ما تعرضت له من ثورات وأحداث واضطرابات، لم يثنيها ذلك لحظة واحدة عن دعم القضية الفلسطينية، واستمرارها في تقديم كل أشكال المساعدات الممكنة لأهلنا في فلسطين حتى العامة من الشعب ينتفض من أجلها، فنجد المظاهرات في النقابات والاتحادات وفي شوارع المدن المصرية ونجد حتى بائعي الفواكه يرسلون البرتقال إلى غزه المحاصرة، إننا أمام مشهد يؤكد بأن اسرائيل لم تستطيع على مدار سنوات طويلة من النيّل من هذه العلاقة التاريخية بل بالعكس تزداد قوة ومتانة في وجه هذا الاحتلال و كل محاولات التطبيع في الدول العربية والمشهد الحالي لم تجعل من مصر تتزحزح عن موقفها المبدئي. 


لأن مصر تعيش في قلب ووجدان فلسطين وفلسطين تعيش في قلب ووجدان مصر وعلينا أن نتذكر أن أقباط مصر ساهموا في بناء كنيسة القيامة، وعاشوا منذ أكثر من ألفي عام في المدينة المقدسة وكان لهم الدور في الحفاظ عليها، و مواجهة الإحتلالات التي مرت على فلسطين وآخرها الاحتلال الاسرائيلي حتى الآن.


حتى الفنانون المصريون رسموا وغنوا لفلسطين، والكتاب والشعراء نثروا كلماتهم من أجل دماء غزة، والصحفيين انتفضوا نصرة لزملائهم الشهداء، ناكر من ينكر كل ذلك، وقدر مصر أن حدودها مع غزة مما يلقي على كاهلها كثيرًا من الأعباء رغم محاولات المس بأمنها القومي في حدود أخرى إلا أنها عملت طوال سنوات بإتزان وحكمة من أجل القضية الفلسطينية، دبلوماسياً وسياسياً، وساهمت مواقفها المتينة في تمرير مشاريع أممية وعربية لصالح فلسطين، لذا واهم كل من يحاول المساس بهذه العلاقة، ومصر قدمت ومازالت تقدم رغم استمرار الحصار المفروض من الاحتلال الإسرائيلي، تفتح أجواءها لسيل المساعدات ومحاولات وصولها جواً وليس فقط براً ولا تذخر أي جهد في إستقبال الجرحى والمرضى من قبل الحرب الأخيرة فيما لجىء أكثر من ٢٠٠ ألف فلسطيني لها عبر سنوات الأخيرة، مصر والمصريون لم يخذلونا يوماً، رغم قلة الحيلة أحياناً إلا أنها جادت ومازالت تجود، في وقت تكالبت الأمم على فلسطين.

حسام أبو النصر، كاتب ومؤرخ فلسطيني، ممثل فلسطين في اتحاد المؤرخين العرب.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة