طبق غيّر مجرى التاريخ: القصة الحقيقية وراء المنسف الأردني

8-10-2025 | 13:13
طبق غيّر مجرى التاريخ القصة الحقيقية وراء المنسف الأردنيالمنسف الأردني
منال محمد خزاعله

المنسف طبق صمد آلاف السنين، وكان سيد المائدة الأردنية.. وخلال السطور التالية نسرد قصة أشهر الأكلات الأردنية.

موضوعات مقترحة

معنى المنسف

سُمي بالمنسف لمعنى الكلمة، التي تعني “المنسوف” أو “المدود”، ويرجع ذلك إلى طريقة تقديم الأرز مع اللحم واللبن، حيث يُمدد الأرز في طبق (السدر) ويغطى باللحم واللبن والمكسرات، ويُقدّم ساخنًا.

قصة مملكة المؤابين والمنسف

تتحدث رواية شعبية تناقلها كبار السن في البادية بالأردن، أن المنسف ارتبط بزمن وجود الملك المؤابي ميشع، خليفة القصة في القرن التاسع قبل الميلاد، حيث كانت مملكة المؤاب تحت حكم ميشع، وخاضعة لسلطة بني إسرائيل، لكن ميشع قرر القيام بثورة ضدهم بهدف الحصول على الاستقلال.

وعندما انتصر، أمر حينها بتشكيل وليمة ضخمة يقدم فيها اللحم المطبوخ بلبن الجميد، وهو حليب الماعز أو الغنم المجفف والصلب، ويختلف عن اللبن العادي لأنه مالح قليلًا وحامض خفيف نتيجة التخمير الطبيعي بدل اللبن الحلو.

والسبب في ذلك أن الجميد مكوّن من حليب الماعز، وكان يُعتبر رمزًا للبدو والأحرار، وأمر أن يُوكل من يدين لمؤاب بالانتماء والولاء، ومن هنا أصبح المنسف رمزًا للولاء وليس مجرد أكلة.

ما السبب وراء تحريم المنسف في الدين اليهودي؟

جاء في كتاب التوراة، وتحديدًا في جملة مكررة ثلاث مرات في سفر الخروج وسفر التثنية: “لا تطبخ جدّيًا بلبن أمه”، والمعنى المقصود هو: لا تطبخ لحم الجدي بلبن أمه، لأنهم اعتبروها قسوة على الحيوان ومخالفة للطهارة الدينية.

ومع مرور الزمن، فسر الحاخامات (علماء الدين اليهود) الجملة بشكل أوسع، فحرّموا طبخ أو خلط أي نوع من اللحوم مع اللبن في نفس الوجبة.

وورد في قوانين الطهارة الغذائية (الكشروت) أن اليهود المتدينين لديهم مطابخ وأدوات وأوانٍ منفصلة للحوم ومنتجات الألبان، بالإضافة إلى ذلك، يُشترط الانتظار لفترة زمنية بين تناول اللحم ومنتجات الألبان، وتختلف هذه الفترة حسب التقاليد لديهم.

المنسف والمناسبات

من الناحية التاريخية، كان المنسف يُقدّم في المناسبات المهمة لكل قبيلة أو عائلة، سواء كانت لمناسبة صلح أو استقبال ضيوف، وأيضا في حالات الحزن وفقدان الأحبة، يُقدّم المنسف لإظهار التضامن والمواساة، لأن مشاركة الطعام تخفف الحزن وتُظهر التعاطف والدعم، وعلى صعيد المناسبات السعيدة والأفراح، يُقدّم لأنه طبق كبير وغني، مما يعكس الوفرة والفرح.


انتقال المنسف من البادية إلى المدن

هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى انتقال المنسف من البادية إلى المدن، منها الهجرة من البادية إلى المدن في القرن العشرين، حيث بدأت القبائل بالانتقال من الصحراء إلى المدن طلبًا للعمل والتعليم والاستقرار.

المنسف ليس مجرد طبق على المائدة، بل هو قصة وطن تُروى من جيل إلى جيل، ورمز للولاء والانتماء، في الأفراح قبل الأحزان، يظل حاضرًا على كل طاولة، يربط بين الماضي والحاضر، بين البادية والمدن، ويؤكد أن الطعام أحيانًا يكون أبلغ من الكلمات في سرد تاريخ وهوية الأمة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة