تعد الحقيبة المدرسية جزءًا لا يتجزأ من يوم الطفل الدراسي، فهي الرفيق الدائم الذي يحمل كتبه وأدواته من وإلى المدرسة، غير أن هذا الرفيق الصغير قد يتحول إلى عبءٍ كبير إذا لم يُستخدم بالشكل الصحيح، إذ تؤكد تقارير طبية أن الحقيبة الثقيلة أو غير المناسبة قد تسبب مشكلات صحية خطيرة تمتد من آلام الظهر والكتفين إلى تشوهات في العمود الفقري واختلال في التوازن الحركي، خصوصًا لدى الأطفال في مراحل النمو المبكرة.
موضوعات مقترحة
مخاطر خفية تهدد نمو الأطفال
في السنوات الأخيرة، أصبحت شكاوى الأطفال من آلام الظهر أكثر شيوعًا من أي وقت مضى، وهي ظاهرة أثارت قلق الأطباء وأولياء الأمور على حد سواء.
وقد صرّحت منظمة الصحة العالمية في تقرير صدر عام 2023 أن “الوزن الزائد للحقيبة المدرسية يُعدّ أحد العوامل الأساسية التي تساهم في زيادة مشكلات العمود الفقري لدى الأطفال دون سن الثانية عشرة”، محذّرة من أن “هذه الممارسات قد تؤدي إلى مشكلات مزمنة في المستقبل إذا لم تُتخذ إجراءات وقائية جادة”.
يشرح أطباء العظام أن الطفل الذي يحمل حقيبته بطريقة غير متوازنة يُجبر جسمه على الميل للأمام أو الخلف لمحاولة الحفاظ على توازنه، ما يسبب ضغطًا على فقرات الظهر وعضلات الرقبة. كما أن الأطفال الذين يحملون الحقيبة على كتف واحد فقط، يعانون من إجهاد عضلي متواصل ينعكس على نموهم الطبيعي ووضعيتهم أثناء المشي أو الجلوس.
الأسباب وراء هذه المشكلات
أحد أبرز الأسباب هو تجاوز وزن الحقيبة الحد الموصى به، إذ يشير الخبراء إلى ضرورة ألا يتعدى وزنها 10 إلى 15% من وزن الطفل. لكن في كثير من المدارس، يضطر الطلاب إلى حمل كتب ودفاتر وأدوات متعددة يوميًا، مما يجعل الحقيبة تتجاوز هذا الحد بأضعاف.
إضافة إلى ذلك، فإن تصميم الحقيبة الرديء يمثل عامل خطر لا يقل أهمية. فالأحزمة الرفيعة وغير المبطنة لا توزع الوزن بشكل متوازن، ما يؤدي إلى ضغط على منطقة الكتفين، في حين أن غياب الوسادة الخلفية يجعل الظهر في تماس مباشر مع الكتب، مسبّبًا التهابات وأوجاعًا متكررة.
معايير الحقيبة الصحية
يؤكد المختصون أن الحقيبة المثالية يجب أن تكون خفيفة في وزنها فارغة، وأن تحتوي على وسادة خلفية لتوزيع الوزن، وأحزمة عريضة قابلة للتعديل. كما يوصى بأن يكون الجزء السفلي من الحقيبة قريبًا من منطقة الخصر وليس أسفل الظهر.
وفي هذا السياق، أطلقت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال في تقريرها السنوي لعام 2023 حملة توعوية بعنوان “احملها صح”، هدفت إلى توجيه أولياء الأمور والمدارس لاختيار الحقائب المناسبة وتعليم الأطفال كيفية ارتدائها بطريقة صحيحة. وشملت الحملة إرشادات عملية مثل ارتداء الحقيبة باستخدام كلا الشريطين وعدم حملها على كتف واحد فقط.
صحة الطفل مسؤولية جماعية تبدأ من الأسرة وتمتد إلى المدرسة والمجتمع بأكمله. فحقيبة الظهر ليست مجرد وسيلة لحمل الأدوات المدرسية، بل عنصر يؤثر بشكل مباشر على النمو البدني للطفل ومستقبله الصحي.
إن التوعية بأساليب الحمل السليمة واختيار الحقيبة المناسبة خطوات بسيطة لكنها كفيلة بتجنّب كثير من المشكلات التي قد ترافق الطفل لسنوات. فالاستثمار في صحة الظهر اليوم هو استثمار في جيلٍ قادرٍ على التعلم والحركة بثقة، بعيدًا عن الألم والمعاناة.