7-10-2025 | 14:21

كان أنور السادات بحق رمزًا للكبرياء والعزة، وبطل حرب وسلام صنع أسطورة لا تُنسى كقائد حرب، لم يكن مجرد رئيس يشهد معركة، بل كان إستراتيجيًا بارعًا وقياديًا صلب الإرادة.. اتخذ القرار الشجاع بحرب أكتوبر ١٩٧٣، محققًا المستحيل بعبور أقوى خط دفاعي "بارليف"، ورد الاعتبار للجندي المصري بعد سنوات من الاحتلال.

كانت لحظة العبور تلك هي لحظة استعادة الكرامة، ليس لمصر وحدها، بل لكل عربي شعر بالإهانة. لقد أعاد للأمة العربية كبرياءها وثبت أن العدو ليس بالقوة التي لا تقهر كصانع سلام، كانت لديه رؤية لم يستطع الكثيرون فهمها في حينها. 

لم يكن سلامه استسلامًا، بل كان سلام الأقوياء.. استخدم انتصاره العسكري كورقة ضغط لاستعادة سيناء بالكامل دون مساومة.. كان سلامه استمرارًا للحرب بوسائل أخرى، يهدف لتحقيق الرفاهية لشعبه وبناء مستقبل أفضل.. لقد ضرب أروع الأمثلة في أن القوة الحقيقية ليست في المواجهة فقط، بل في اختيار توقيت السلام المناسب أيضًا!

لقد جمع السادات بين نار البندقية ونداء السلام، فكان بحق البطل الذي منح شعبه وأمته النصر والكرامة، ثم انتقل بهم من أرض المعركة إلى طاولة المفاوضات، حاملًا في يده غصن زيتون من دماء الشهداء.

كان الرئيس أنور السادات محور تحقيق انتصار حرب أكتوبر ١٩٧٣، والذي أعاد الكرامة لمصر والعالم العربي بعد نكسة ١٩٦٧؛ لقد جمع بين عقلية الإستراتيجي العسكري ورؤية صانع السلام، محققًا ما يمكن وصفه بـ"المعجزة" التي غيرت وجه التاريخ.

كان قرار الحرب نتاج إرادة صلبة وتخطيط دقيق، حيث قاد السادات عملية "الخداع الإستراتيجي" الأكبر في التاريخ الحديث، وهي خطة محكمة بدأت قبل الحرب بأكثر من عام وشملت جميع مناحي الحياة في مصر. فبينما كانت الاستعدادات للحرب تجري على قدم وساق، ظهرت الحياة العامة وكأنها طبيعية تمامًا؛ حيث استؤنف الدوري المصري لكرة القدم، ونشرت الصحف أخبار الأفلام والأنشطة الثقافية، وتم تسريب أخبار عن إخلاء مستشفيات بسبب "وباء مفترض" لتجهيزها لاستقبال الجرحى!! بل وتم الإعلان عن تسريح آلاف المجندين لطمأنة العدو!!

وصلت خطة التضليل إلى ذروتها عندما زار وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان الجبهة صباح يوم الحرب ولاحظ أن الجنود المصريين لا يرتدون الخوذ، فاطمأن بأن لا نية للقتال! بينما كانت الأوامر تنص على ارتدائها قبل ساعة الصفر بخمس دقائق فقط! وقد اعترفت القيادة الإسرائيلية لاحقًا بأنهم "خُدعوا".

في الثانية ظهرًا من السادس من أكتوبر١٩٧٣، تحققت المفاجأة الكاملة وبدأ العبور التاريخي لقناة السويس وتدمير "خط بارليف" المنيع، لم يكن هذا النجاح فقط، بل كان لحظة تاريخية أعادت الثقة للجندي المصري وللأمة العربية بأكملها، وحطمت أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر.

وقد علقت الصحف العالمية وقتها بإعجاب على هذا الإنجاز، فوصفت صحيفة "نيويورك تايمز" العبور بأنه "جريء وعبقري"، بينما سلطت "واشنطن بوست" الضوء على "الانتصار النفسي" الكبير الذي حققه المصريون بعد الحرب، انتقل السادات من موقع القائد العسكري إلى رجل الدولة صانع السلام. 

لقد استخدم النصر العسكري كورقة ضغط لبدء مسيرة دبلوماسية جريئة، كان ذروتها زيارته التاريخية إلى القدس عام ١٩٧٧ وتوقيع اتفاقية كامب ديفيد للسلام، والتي أدت إلى استعادة كامل تراب سيناء الغالي. 

ورغم أن قرار السلام هذا أثار غضبًا وجدلًا كبيرًا في العالم العربي، وحرمه من شعبيته الداخلية في سنواته الأخيرة، بل وتسبب في اغتياله في ذكرى انتصاره! إلا أن هذا المسار يؤكد رؤيته العميقة.

فالحرب كانت لاستعادة الأرض والكرامة، والسلام كان لضمان مستقبل البلاد ورفاهيتها.. وهكذا، يبقى إرث السادات مقترنًا بلحظتي الانتصار التاريخيتين؛ انتصار أكتوبر العسكري الذي أعاد الكرامة، وانتصار السلام الذي استعاد الأرض وفتح صفحة جديدة.

لقد كان بحق "بطل الحرب والسلام" الذي صنع بقراراته المصيرية أعظم ملحمة في التاريخ المصري الحديث.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة