«مبادرة ترامب» تعيد خلط الأوراق في غزة.. حماس توافق بشروط ونتنياهو في مأزق

6-10-2025 | 15:52
;مبادرة ترامب; تعيد خلط الأوراق في غزة حماس توافق بشروط ونتنياهو في مأزقالرئيس الأمريكي دونالد ترامب
رسالة واشنطن - سحر زهران

جاء رد حركة حماس، على عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بموافقتها المشروطة على الخطة الأميركية لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، ليعيد ترتيب أوراق القضية الفلسطينية، كما تمثل أول إشارة علنية من الحركة إلى استعدادها للتعامل مع إطار تفاوضي أميركي بعد 728 يوما من القتال، الذي استنزف القطاع وأصاب أهله بالمجاعة التي أحدثتها قوات الاحتلال نتيجة الحصار ومنعها الدواء من الدخول إلى قطاع غزة.

موضوعات مقترحة

وتضمن بيان حركة حماس، العديد من الملاحظات ومنها طالبت الحركة بضمانات دولية لوقف إطلاق النار بشكل دائم، وبإشراف غير أميركي على آلية تبادل الأسرى، إلى جانب انسحاب الاحتلال من شمال القطاع قبل أي ترتيبات سياسية لاحقة، وعلى الرغم من ذلك اعتبرت دوائر المتابعة في واشنطن، منعطفاً دبلوماسياً يحمل رسائل أبعد من تفاصيل الصفقة نفسها، فهو يعبّر عن إدراك الحركة بأن استمرار الحرب لم يعد خياراً قابلاً للاستدامة، وأن المشهد الدولي بات يتغير بسرعة في غير صالحها، في المقابل يضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، في حجر زاوية؛ فارضا عليه وقف الحرب.

فعلى بعد أيام تحل ذكرى بداية الآلة الإسرائيلية في تدمير متعمد لقطاع غزة، وإبادة الغزيين، والتي خلف حتى الآن عشرات آلاف من الشهداء والمصابين؛ منذ سنتين، وخلال هذه الفترة شنت الحكومة الإسرائيلية تحت قيادة نتنياهو، سلسلة الضربات على لبنان واليمن وإيران، وانتهت باستهداف قيادات حماس في قطر، متجاهله القانون الدولي، إلى جانب عدم الاكتراث باحتياجات القطاع الإنسانية مانعه عنه الغذاء والدواء، فضلاً عن إطلاق الأكاذيب، ليكون الرد الدولي على مجازر الاحتلال بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتكون مبادرة الرئيس الأمريكي ترامب، طوق النجاة لوضع حدا للخراب الدائرة هناك، ولإعادة الإعمار، وإنها دور الحركة سياسيا.

وترى الباحثة بمعهد بروكينغز، رأت تمارا كوفمان ويتس، أن قبول حماس ولو جزئياً بخطة ترعاها أمريكا يشير إلى إدراكها أن الحرب استنزفت رصيدها الشعبي والسياسي، وأن استمرارها على هذا النحو قد يفقدها شرعيتها أمام حاضنتها الإقليمية، مضيفة أن هذا الموقف ينقل الضغط إلى الجانب الإسرائيلي الذي يواجه الآن تساؤلات جدية حول موقفه من أي مبادرة للتهدئة.

أما المفاوض الأميركي السابق في الشرق الأوسط، آرون ديفيد ميلر، اعتبر أن إعلان حماس يضع إسرائيل في زاوية سياسية حرجة؛ لأن رفضها الآن سينظر إليها كرافضه للسلام، موضحا أن هذه المرة تختلف عن جولات التفاوض السابقة لأن البيئة الإقليمية تغيرت، والعواصم العربية الكبرى لم تعد مستعدة لتحمل كلفة استمرار الحرب دون أفق سياسي.

ووصف الخبير في مجلس العلاقات الخارجية، ستيفن كوك، الخطوة بأنها تحول تكتيكي لكنه اختراق دبلوماسي في الوقت ذاته، مشيراً إلى أن حماس تدرك أن التوقيت الحالي يمنحها فرصة لإعادة التموضع سياسياً في ظل تصاعد الضغوط على حكومة نتنياهو من واشنطن ومن الداخل الإسرائيلي ذاته.

وتراعي الإدارة الأمريكية بحسب تصريحات السفير الأمريكي السابق في مصر، ريتشارد دوني، في خطتها جانبين متوازيين: الأول إنساني، يركز على التخفيف الفوري لمعاناة المدنيين وتوفير الخدمات الأساسية؛ والثاني استراتيجي طويل الأمد، يشمل إعادة صياغة المشهد السياسي في غزة والضفة الغربية، عبر إشراك الأطراف العربية الرئيسية وإبقاء حماس خارج أي دور قيادي مستقبلي. 

ويضيف دوني، أن الرئيس ترامب حرص على التشاور المكثف مع مصر وأطراف عربية أخرى، سواء شخصيًا أو عبر السفراء والمبعوثين، مؤكدًا أن أي حل مستدام يجب أن يشمل الضفة الغربية ضمن النتيجة الاستراتيجية النهائية.

وأكد أن هذه الخطة تعتمد على قيادة عربية قوية لإعادة الاستقرار وإقامة واقع جديد مستقر وسلمي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مع منح شعوب الطرفين القدرة على العيش في أمن ومستوى معيشة لائق، بينما يعاد إعمار غزة بعد سنوات من الدمار والحصار الطويل، وفي هذا الإطار، تشير عناصر الخطة المنشورة إلى العودة إلى السعي نحو حل الدولتين، رغم التراجع عن أي إشارات صريحة لذلك، في ظل الرفض المستمر لإسرائيل بقيادة نتنياهو.

وفيما يتعلق بحماس، أوضح السفير دوني أن حماس ككيان تبدو محكومًا عليها بالزوال، ولن تتمكن من لعب أي دور مستقبلي في قيادة غزة أو إدارة شؤون الفلسطينيين، في حين يظل الشعب الفلسطيني صامدًا في مطالبه بالاستقلال والحكم الذاتي والكرامة والسلام والأمن.

ويرى بريان هوك، المستشار السابق لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأمريكية، أن استبعاد حماس يمثل خطوة استراتيجية لوضع حد لنفوذها، لكنه أكد أن تنفيذ الخطة يتطلب قيادة عربية واضحة.

وركز المحللون على التحديات التي قد تواجه الخطة، مع الإشارة إلى أن نجاحها يعتمد على التعاون الإقليمي المكثف، وخاصة على الدور المصري.


وتتقاطع القراءة الأميركية لهذا التطور عند نقطة واحدة؛ أن واشنطن ترى في هذا الموقف فرصة نادرة لإعادة إحياء مسار دبلوماسي أوسع، قد يبدأ بوقف النار وينتهي بإحياء فكرة الحل السياسي على أساس دولتين، على الرغم من تعامل الإدارة الأمريكية الحذر مع الخطوة خشية الاصطدام المباشر مع الحكومة الإسرائيلية، إلا أن أوساطاً في وزارة الخارجية الأميركية، بدأت تتحدث عن نافذة واقعية يمكن البناء عليها خلال الأسابيع المقبلة.

وعلى الرغم من قبول حركة حماس جاء مشروطاً ومقيداً، إلا أن مجرد التعاطي الإيجابي مع إطار أميركي يمثل تغيراً نوعياً في طبيعة الخطاب السياسي للحركة، ويعني عملياً أنها لم تعد تراهن على استمرار الحرب كأداة ضغط، كما أنه يمنح إدارة ترامب فرصة نادرة لاستعادة زمام المبادرة في ملف الشرق الأوسط.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: