من دفتر تضحيات الحرب.. صياد «المكس» قدّم 7 من أبنائه لجلب النصر| فيديو

6-10-2025 | 16:04
من دفتر تضحيات الحرب صياد ;المكس; قدّم  من أبنائه لجلب النصر| فيديو صياد المكس قدّم 7 من أبنائه لجلب النصر
الإسكندرية - جمال مجدي

ملحمة وطنية كبرى شارك فيها الشعب المصري بأسره، في معركة المصير حتى أتاه النصر المبين في أكتوبر 1973، باستعادة أرض مسلوبة واسترداد كرامة ضاعت مع نكسة سابقة.

موضوعات مقترحة

ومن بين آلاف قصص التضحية والبطولة، التي سطرها جنود مصر بدمائهم على رمال سيناء، تبرز حكاية أسرة بسيطة لصياد من حي المكس في الإسكندرية، قدمت سبعة من أبنائها دفعة واحدة ليكونوا جنودًا على خط النار.

أب غرس الوطنية في أبنائه

«السيد أحمد عيسى»، صياد «مقاتل» من حي المكس، غرس في نفوس أبنائه السبعة المعنى الحقيقي للانتماء، بعد أن أثر حب الوطن على حاجته لأبنائه في تأمين «لقمة العيش» للأسرة الكبيرة، إلا أنه بكل المحبة والعرفان قدّمهم جميعًا لخدمة الوطن، مؤمنًا أن الدفاع عن الأرض هو الواجب الأول قبل أي اعتبارات أخرى.

لم يحالف الحظ ابنه «خميس» للانطلاق إلى الجبهة؛ حيث حُرم من التجنيد لإصابة في عينه جعلته غير لائق صحيًا، بينما التحق أشقاؤه السبعة بالقوات المسلحة يخدمون في مختلف الأفرع.


الإخوة السبعة على الجبهة

«رُحنا الجبهة.. وكل واحد فينا اتوزع على كتيبة غير التاني» يستعيد الشقيقان أحمد وفرج السيد أحمد عيسى تفاصيل لحظات الفخر، موضحين أن أشقائهما الخمسة  تم توزيع كلٌ منهم على سلاحه، مؤكدين: «رغم إن كل واحد فينا بعيد عن التاني.. لكن كنا حاسين إننا كتلة واحدة في معركة المصير."

من الزفاف إلى الجبهة.. خطوات إلى العبور 

«لقيت استدعاء عاجل جاء لي يوم جوازي» يروي أحمد السيد بداية شرارة الحرب وكيف لبى نداء الوطن.

ويحكي أنه التحق بالخدمة العسكرية عام 1967 كجندي صاعقة في أنشاص، وعندما وصله الاستدعاء أكد أن والده لم يتردد في حثه على تلبية نداء الواجب، قائلاً له: «شرف الجندية فوق أي مناسبة».

فذهب في صباح عشية زواجه ليسلم نفسه إلى كتيبته، للدفاع عن الوطن مع أشقائه وزملائه على الجبهة. 

ويضيف أحمد، بمجرد وصولي إلى الكتيبة في 3 أكتوبر 1973 تلقّينا إشارة من قيادة الصاعقة بالتحرك، ويوم 5 أكتوبر جاء وفد من وزارة الأوقاف لإلقاء خطبة الجمعة عن الشهادة وفضل الشهيد، وخطبة كهذه أشعلت حماسنا وشعورنا بقرب ساعة العبور الذي كان وقتها حلم كل مصري.


صياد المكس قدّم 7 من أبنائه لجلب النصر

إشارة العبور وبداية الملحمة

ويتابع في يوم 6 أكتوبر، الساعة 12 ظهرًا، أمرنا القائد بالتجهيز كأمرٍ اعتيادي، لكن الساعة 1 ظهرًا فوجئنا بوصول قوافل محمّلة بقوارب مطاطية، وعند الساعة 1:45 ظهرًا صدرت أوامر العبور.

«شوفنا الطيران المصري على الضفة الشرقية بيستهدف نقاط العدو»، يسترجع أحمد اللحظات الأولى لحرب الفخر، مؤكدًا أن العبور كان عملية تكاملت فيها الأسلحة من الطيران والمدفعية والصاعقة، لنجد أنفسنا نطلق صيحات «الله أكبر» مندفعين كالسيل إلى خط بارليف.


صياد المكس قدّم 7 من أبنائه لجلب النصر

بطولات لا تغيب عن الذاكرة

ويتذكر أحمد السيد، أنه خلال يومي 15 و16 أكتوبر تحرّكت سبع دبابات للعدو عبر القناة إلى الضفة الغربية، فصدرت أوامر بالتعامل معها ومنع تقدمها، فعدنا إلى الضفة الغربية وتنفيذ عمليات تمشيط حتى قرية «عين غثين»، ولأكثر من 8 ساعات دافعنا ببسالة عن الأرض.

ويشير إلى أنه خلال أيام 17 وحتى 19 أكتوبر تواصلت تحركات العدو وحاول التقدم من مناطق عدة مثل الدفرسوار وشريط السكك الحديدية، لافتا إلى صدور أمر بالتعامل مع أول دبابة تعبر شريط السكة الحديد لتعطيل تقدمها، ومساعدة قواتنا على عمليات التطويق، ومرة أخرى أثبتنا قدرة على التعامل والتصفية. 

الأب الصياد قائد صارم

يؤكد فرج السيد، شقيق أحمد، أن والدهم لم يرَ في إرسال أبنائه السبعة خطرًا على أسرته، بل اعتبره شرفًا ووسامًا على صدره، يفاخر به أمام الجيران وأهالي المنطقة، لافتا إلى أن والدهم كان يتابع تصاريح إجازاتهم بنفسه، ويذكّرهم دائمًا بضرورة العودة إلى وحداتهم في موعدها، وكأنه ضابط مسؤول عنهم جميعًا، لا مجرد أب يخشى على أبنائه.


صياد المكس قدّم 7 من أبنائه لجلب النصر

بقاء الوطن.. أهم من بقاء الأبناء 

ويتابع فرج: أن الأب كان صيادًا بسيطًا، يكدّ يوميًا في البحر لتأمين قوت أسرته، إلا أن الانتماء والولاء للوطن، كانوا عنده أثمن من المال، متابعًا: أنه رغم حاجته لأبنائه في مهنة الصيد الشاقة، ظل يشجّعهم على أداء واجبهم العسكري حتى النهاية، بل وكان يصرّ على أن يتأكد بنفسه من أوراق إجازاتهم، في صورة تعكس وعيه العميق بأن النصر لا يتحقق إلا بالالتزام والانضباط.

عمليات خلف خطوط العدو

ويروي فرج، أنه التحق بالخدمة العسكرية عام 1971 وظل بها حتى عام 1976، ضمن مجموعة قتالية للصاعقة خلف خطوط العدو، وكانت له مهارات في السباحة بحكم عمله مع والده في مهنة الصيد.


صياد المكس قدّم 7 من أبنائه لجلب النصر

عملية سرية على الضفة الشرقية

ويتذكر فرج أحد بطولاته، خلال حرب الاستنزاف، لا تغيب عن ذهنه وذاكرته، أنه في نهاية عام 1971، صدرت أوامر لمجموعته بتدمير معسكر للعدو على الضفة الشرقية.

ويتابع بما أنه صياد ويجيد السباحة، تولِّي عبور القناة سباحةً مربوط بحبل متصل بقارب مطاطي صغير مغطَّى بشباك وأشجار لتمويه القارب تمامًا، وعند وصوله إلى الضفة الشرقية ربط الحبل في صخرة أسفل خط بارليف ثم صعد إلى القمة لأداء مهمة الرصد والاستطلاع.

ويضيف، بعد الاطمئنان لسلامة المنطقة، عاودت لسحب القارب الذي كان على متنه ثمانية من زملائه، موضحا أن المعسكر المستهدف كان يبعد نحو ثلاثة كيلومترات عن قمة خط بارليف، وكانت التعليمات أن التعامل مع أفراد الحراسة بالأسلحة البيضاء، حتى لا يشعر بوجودهم قوات العدو بالمعسكر.

وبدأت المجموعة بوضع عبوات متفجرة بجوار مخازن الأسلحة والذخيرة المحددة سلفًا، لكن جنود العدو اكتشفوا تواجدهم، فدارت بينهم اشتباكات عنيفة، أسفرت عن استشهاد ستة من رفاقه، وبقي منهم ثلاثة فقط، هم فرج وقائد المجموعة وجندي آخر، انسحبوا شمالًا قبل وصول تعزيزات العدو.

ويتابع فرج، أنه بعد المواجهة اختبأ الناجين الثلاثة في منخفض مغطَّى بالحشائش لمدة ثلاثة أيام، وبينما كانت دوريات العدو تتفقد المنطقة، وفي اليوم الثالث، اقتربت سيارة للعدو من مخبأهم فشنّوا عليها هجومًا، وتعاملوا مع أربعة جنود.

ارتدى الناجون ملابس العدو وتحركوا بسيارتهم بين صفوف العدو، دون أن يُكتشف أمرهم حتى وصولهم إلى شاطئ القناة، ثم عاد فرج مرة أخرى عن طريق السباحة إلى الضفة الغربية ساحبًا القارب الذي كان يضم بقية زملائه.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة