يجتمع اليوم الإثنين (6 أكتوبر) المجلس التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، وهو اجتماع مهم في الرحلة المصرية للفوز بمنصب مدير عام المنظمة، حيث يوصي المجلس باسم المرشح، والذي سيعرض على الجمعية العمومية للمنظمة في اجتماعها الشهر المقبل في سمرقند بأوزبكستان. والاسم الذي يختاره المجلس التنفيذي هو الذي تعتمد اختياره الجمعية العمومية.
ويتنافس لنيل توصية المجلس التنفيذي المرشح المصري الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار الأسبق، والمرشح من الكونغو إدوار ماتوكو. وفرص المرشح المصري هذه المرة كبيرة؛ لأنه حتى رغم إفريقية المرشح الكونغولي، فإن الاتحاد الإفريقي اعتمد ترشيح العناني، وكذلك جامعة الدول العربية، ودول عدة في أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
وتوجه وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج الدكتور بدر عبد العاطي مبكرًا إلى باريس لدعم انتخاب المرشح المصري، ورئاسة وفد مصر في اجتماعات المجلس التنفيذي للمنظمة، والمكون من ممثلي 58 دولة، والمنوط به اختيار مدير عام المنظمة.
حملة المرشح المصري الدكتور خالد العناني للمنصب بدأت منذ عامين ونصف العام، زار خلالها أكثر من 60 دولة، في حين روَّجت الخارجية المصرية للمرشح في لقاءات وزيرها مع نظرائه في العالم. وركزت القاهرة على الدعم العربي والإفريقي، كما تلقت مجددًا وقبل أيام الدعم الفرنسي المعلن للمرشح المصري، خلفًا للمديرة الفرنسية الحالية للمنظمة أودري أزولاي. وعقد الوزير د. بدر لقاءات متعددة مع مسؤولين فرنسيين ومع ممثلي الدول الأعضاء في المجلس التنفيذي من مختلف القارات، وحضر الدكتور خالد كل هذه اللقاءات التي كانت بمثابة فرصة لإعادة تقديم نفسه ولما ينوي العمل عليه في حال فوزه، كما شارك فيها عمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية.
وفي اللقاءات المنوعة للجانب المصري مع السفراء باليونسكو، وصفه د. بدر بـ"صاحب الرصيد المهني الطويل والإنجازات البارزة في مجال الثقافة والتراث والتواصل الحضاري". بينما أعلن د. خالد التزامه بالعمل على "مبادرات" تعزز الحوار والسلام والتنمية المستدامة في جميع أنحاء العالم. وكان المرشح المصري قدم رؤيته للمنظمة تحت عنوان "اليونسكو من أجل الشعوب"، والتي تعلي من روح الشراكة والتعاون مع كافة الدول الأعضاء، وبأن تكون المنظمة بيتًا جامعًا للتنوع الثقافي والفكري، ورسالة سلام وتفاهم بين شعوب العالم.
لقد جربنا خوض انتخابات اليونسكو مرتين، الأولى مع وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني، ثم مع وزيرة السكان السابقة د. مشيرة خطاب. ونتمنى الفوز بالمنصب الرفيع هذه المرة، مع الدكتور خالد العناني الذي قدمناه باعتباره مرشح العرب والأفارقة، وقد حصلنا على دعمهما الرسمي المشترك، فضلًا عن دعم دول عدة في أمريكا اللاتينية وآسيا، مثل هايتي وباراغواي وكوريا الجنوبية وسيريلانكا والمكسيك والأرجنتين.
ربما ما يجري في العالم من حولنا، وتركيز إسرائيل والولايات المتحدة والسابحين في فلكهما على تدمير ما بقى من الأمم المتحدة ومنظماتها، بسبب عدم الإذعان لمخططات الشر الصهيوني، ربما يفسح المجال للتهوين من شأن المنظمات الأممية مثل الأونروا واليونسكو. إلا أنه على العالم الذي يقاوم ويصمد، والمنظمات التي تدافع عن وجودها، أن تحاول النجاة مما يدبر لها في الخفاء وفي العلن. ويتوجب على كل الدول أن تساعد في بقاء هذه المنظمات، فإفشالها يسرع من انهيار النظام العالمي، حتى من قبل أن يتمكن العالم من الإفاقة، وإقامة نظام عالمي جديد.
ومن بين أهم هذه المنظمات تبرز منظمة اليونسكو، التي تأسست في العام 1945. ولمصر علاقات عميقة وممتدة مع هذه المنظمة، فضلًا عن التعاون المثمر بينهما. لقد ساهمت اليونسكو في حملة إنقاذ النوبة سنة 1960، وإنقاذ معابد أبي سنبل وفيلة في زمن بناء السد العالي، وإنشاء المتحف الوطني للحضارة المصرية في القاهرة وإحياء مكتبة الإسكندرية القديمة، والتعاون في ترميم القاهرة التاريخية.
ولم يكن اختيار العناني للمنصب سوى واقع اهتمامات الوزير السابق، وخبراته الواسعة في مجال الآثار، وحفظ التراث الذي هو من صميم عمل اليونسكو. قدم العناني إنجازات بارزة في فترة توليه الوزارة، ومنها افتتاح متاحف الغردقة، شرم الشيخ، كفر الشيخ، المركبات الملكية ببولاق بالقاهرة، وافتتاح المتحف القومي للحضارة المصرية في الفسطاط، وتنظيم واستقبال موكب المومياوات الملكية. وكان لالعناني باع طويل في مشروعات ترميم كل من: المعبد اليهودي إلياهو هانبي بالإسكندرية، وقصر البارون إمبان بمصر الجديدة، وهرم زوسر أول بناء حجري في التاريخ، والمقبرة الجنوبية للملك زوسر بسقارة، وتطوير المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية. واشتغل العناني في تطوير ثلاثة مواقع على مسار العائلة المقدسة في ظل مشروع "إعادة إحياء مسار العائلة المقدسة" وهم: المنطقة المحيطة بكنيسة السيدة العذراء والشهيد أبانوب بسمنود بمحافظة الغربية، والمنطقة المحيطة بكنيسة العذراء مريم بسخا بمحافظة كفر الشيخ، وموقع تل بسطا بمحافظة الشرقية. بالإضافة إلى افتتاح مجموعة من الآثار الإسلامية. وكانت مصر جزءًا أصيلًا في زمن توليه الوزارة، من مبادرات دولية لحماية التراث الثقافي في العالم خصوصًا في قارة إفريقيا.