عايشت وعلى الهواء مباشرة (بلغة الفضائيات) أحداث يناير 2011 كاملة وعلى مدار 24 ساعة، حيث كنت وقتها أحد مديري تحرير أهمّ برنامج توك شو وما زال، وهو برنامج "الحياة اليوم" على شبكة تليفزيون الحياة بمشاركة نخبة من نجوم الإعلام المصري والعربي وقتها وحاليًا. وجميعنا يعلم ما شهدته مصر من فوضى في الشارع المصري وقتها وتوقف العمل في كثير من قطاعات الإنتاج والإضرابات والاعتصامات واقتحامات للسجون واستغلال لتيارات الإسلام السياسي لتلك الأحداث ووصولها للحكم، ولكنها والحمد لله فشلت في إسقاط الدولة المصرية كما كانت تخطط لذلك، وبفضل وعي ووطنية رجال القوات المسلحة وقيادات المجلس العسكري. والأهم هو أن الدولة لم تتوقف عن دفع مرتبات الموظفين والعاملين في الجهاز الإداري الضخم والبالغ عددهم أكثر من 7 ملايين وقتها ويعولون ملايين الأسر.
ومنذ أيام وخلال نقاش بيني وبين صديقي وأخي يوسف خليل المصري القبطي الوطني المحب لوطنه مصر، نبهني لنقطة هامة وطرح تساؤلًا: ماذا لو أغلقت الحكومة كما يحدث هنا في الولايات المتحدة الأمريكية الآن ومنذ عدة أيام؟ نعم يا سادة، الحكومة الأمريكية مغلقة الآن ولا تدفع مرتبات آلاف الموظفين الفيدراليين، وسيتم تسريح آلاف الموظفين الآخرين بسبب فشل الكونجرس في إقرار الموازنة العامة.
الحكومة الأمريكية أغلقت وأوقفت عملياتها منذ يوم الأربعاء الماضي لأول مرة منذ 6 سنوات بعد فشل مجلس الشيوخ في إقرار مشروع قانون التمويل أو الموازنة العامة، مما أدخل البلاد في أزمة حادة. علاوة على ذلك، تصاعدت التوترات مع تهديد الرئيس ترامب بتسريح المزيد من الموظفين الفيدراليين.
تجدر الإشارة إلى أن تصويت مجلس الشيوخ بأغلبية 55 صوتًا مقابل 45 لم يترك سوى فرصة ضئيلة لإبقاء الحكومة مفتوحة، وانتهى وقت الإغلاق الساعة 12:01 صباح الأربعاء الماضي. وتتعقد الصورة أكثر، خاصة مع توجه إدارة الرئيس دونالد ترامب لإعادة صياغة خطط الطوارئ التي اعتادت الوكالات الفيدرالية اتباعها في مثل هذه الحالات.
هذه المرة، لم يقر الكونجرس أي من قوانين الإنفاق الـ12 التي تموّل الوكالات الفيدرالية، ما يجعل الإغلاق أكثر شمولًا. والأسوأ أن ترامب هدد بالفصل الدائم للموظفين غير الأساسيين، بدلًا من الاكتفاء بإجازة مؤقتة كما جرت العادة.
وبحسب القانون، تستمر الأنشطة الحيوية مثل الجيش والأمن وتفتيش الأغذية، كما تواصل الرئاسة والهيئات المرتبطة بها مثل مكتب العفو والممثل التجاري الأميركي عملها. الاحتياطي الفيدرالي وهيئات مثل مكتب حماية المستهلك ستواصل العمل لأنها لا تعتمد على تمويل سنوي من الكونجرس. أما الكيانات شبه الحكومية مثل البريد الأمريكي وفاني ماي وفريدي ماك فلديها مصادر تمويل مستقلة وتستمر في العمل.
في الإغلاقات السابقة تم إيقاف 40% من الموظفين الفيدراليين عن العمل، بينما واصل الباقون أداء مهامهم كموظفين أساسيين. لكن الجميع يتوقف عن تلقي الرواتب مؤقتًا على أن تُدفع لاحقًا بعد انتهاء الإغلاق وفقًا لقانون "معاملة الموظفين الفيدراليين بإنصاف لعام 2019". وللحديث بقية.