ما زالوا يدفعون ثمن خطيئتهم بالصراخ

5-10-2025 | 13:16

الأسبوع الماضي شهدت السوق المصرية انهيارات في الأسعار غير مسبوقة وبقوة.

نعم، هذه الانهيارات السعرية، أو كما يحلو للبعض التخفيضات، أرى أنها في صالح العميل المصري بلا شك، في الوقت الذي يقف فيه مكانه ولن يتحرك.

العملاء لا ينسون أبدًا ما كان يحدث معهم في الماضي القريب عندما كانوا يدخلون إلى أي ساحة عرض ويسألون عن أي سيارة بلون وفرش – متاح من قبل الوكيل وليس اختراعًا – يكون الرد: "لا يوجد، وإن أردت طلباتك فالسعر سوف يزيد عن المبلغ المحدد، مع الوضع في الاعتبار أن السعر يخضع لقاعدة "الأوفر برايس" المتفق عليه بين التجار!!"

وعندما يبدأ العملاء يفكرون في العرض، يكون الرد عليهم قاطعًا: "إذا لم تتخذ قرارك الآن وخرجت وعدت من جديد، سوف يزيد عليك السعر الذي أعلنّاه"، أيها السادة، السيارات منذ عدة أشهر كانت مثل البورصة، كل ساعة ويوم بسعر، ولا أحد كان يستطيع أن يوقف تصاعدها الصاروخي.

أتعجب من صراخ العديد من التجار، فأنتم الآن تدفعون ثمن خطيئتكم، ولهذا فعندما كان العملاء يجدون السيارة صاحبة الماركة المفضلة عنده لا يختارون اللون، فعليه فقط أن يرفع يديه للسماء شاكرًا أنه وجد ضالته ويرضى بالسعر واللون.

وبالرغم من تحرك الأجهزة الرقابية ووضع ضوابط وحملات، إلا أن الوضع كان مخزيًا ومؤلمًا للعملاء في مصر. هذا الموقف لا يمكن أن يُمحى من ذاكرة العملاء، وقد حان الوقت لرد الاعتبار بالتوقف عن الشراء.

تعالوا نستعرض خريطة السوق من خلال التسعير، ففيه عشوائية بالرغم من أنه يخضع لمقاييس يشترك فيها الشركة الأم مع الوكلاء، وللأسف البعض منهم كان صامتًا أمام "الأوفر برايس". وهناك من كان يدافع عن أن هذا "سوق عرض وطلب" وكلام كبير من السادة الخبراء الذين ملأوا شاشات التليفزيون والسوشيال ميديا مثل (الناشطين) في فترة مرت من عمرنا!

للأسف، كبار اللاعبين في السوق لا يعرفون أن ما فعلوه من رفع أسعار غير منطقي ولا يتوافق مع قاعدة (قيمة مقابل سعر) كان ضد سوق السيارات والنظرة الاستثمارية وصناعة السيارات وضعف قوة السوق المصرية. لماذا؟ ببساطة جدًا أن مصر يسكنها نحو 120 مليون، ومبيعات السيارات سنويًا في أشد حالاتها ازدهارًا لن تصل إلى 220 ألف سيارة. فقوة استيعاب السوق ليس جاذبًا لأي مستثمر يراهن على السوق المحلية فقط!! ولهذا فإن "الأوفر برايس" من أهم أسباب انخفاض مبيعات السوق.

الأقدار لعبت لعبتها بسبب الحروب والعقوبات الاقتصادية والرسوم الجمركية على الشرق والغرب دفعت الشركات الأم للبحث عن أسواق بعينها لتصريف منتجاتها، ولهذا كان اتجاه الشركات لمصر كبوابة للدخول إلى أسواق أفريقيا، فتهافتت الشركات الصينية للاستفادة من الاتفاقيات التجارية العديدة مثل (الكوميسا – نافتا)، والاتفاقية العربية- أغادير – الشراكة الأوروبية – اتفاقية الميركسور. كل هذه الاتفاقيات تدفع أي مستثمر يدخل إلى أرض بلادي ليضخ أمواله من أجل استغلال موقعها واتفاقياتها للدخول إلى أسواق بعينها، كان من الصعب عليها أن تدخله بمفردها دون تجميع أو تصنيع في مصر.

نعود إلى السوق المحلية وصراخ الوكلاء والتجار من عدم تحرك العملاء. سيظل السوق على ما هو عليه حتى تعود الأسعار إلى رشدها من جديد، فقد فطن العميل المصري لأصول اللعبة ويستطيع أن يحكم بنفسه على خططكم، حتى ولو بدأتم في رفع أسعاركم أملًا في بث القلق في نفوس العملاء فيهرولون إلى الشراء.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة