تشهد السنوات الأخيرة تحولاً جذرياً في طريقة قضاء المراهقين أوقاتهم، حيث أصبحت ألعاب الفيديو جزءاً محورياً من حياة الفتيان، ووفقاً لمسح وطني حديث في الولايات المتحدة، فإن الأولاد والشباب من سن 15 إلى 24 عاماً ضاعفوا متوسط وقتهم الأسبوعي في اللعب خلال الخمسة عشر عاماً الماضية، ليصل إلى نحو 10 ساعات أسبوعياً — وهو رقم يعكس صعود ثقافة رقمية جديدة تتجاوز الترفيه إلى ما هو أعمق. New York Times
موضوعات مقترحة
بين القلق والإدمان
يرى بعض المعلمين أن ألعاب الفيديو باتت تصرف انتباه الطلاب داخل الفصول الدراسية، بينما يربط بعض الاقتصاديين بينها وبين تراجع ساعات عمل الشباب. ويخشى كثير من الآباء أن تكون الألعاب قد حلّت محل النشاطات الواقعية مثل ممارسة الرياضة، أو اللقاءات الاجتماعية، أو حتى النوم.
تقول المعلمة سوزان دونوهو من ولاية ماين: "الأولاد يفضلون الجلوس أمام Minecraft أو Fortnite على اللعب في الخارج. إنهم يعيشون حياة افتراضية بدلاً من الواقعية، ويفقدون بذلك مهارات التواصل والمسؤولية."
الجانب الآخر: مجتمعات رقمية وانتماء حقيقي
لكن الصورة ليست سلبية بالكامل. فالأبحاث الحديثة تشير إلى أن الألعاب الإلكترونية أصبحت منصة اجتماعية متكاملة تتيح للفتيان بناء صداقات وشعوراً بالانتماء.
توضح الدكتورة آني ماهو من جامعة نورث كارولينا أن "التفاعل الاجتماعي عبر الألعاب يغيب عن كثير من الدراسات، رغم أنه يمثل متنفساً حقيقياً للمراهقين".
وأظهر استطلاع لمستشفى بوسطن للأطفال أن أغلب المراهقين يلعبون مع أصدقائهم عبر الإنترنت، وغالباً ما يتحدثون أثناء اللعب عبر تطبيقات مثل Discord وFaceTime، ما يجعل الانقطاع عن اللعب نوعاً من العزلة الاجتماعية لدى بعضهم.
97 % من الفتيان على الأقل يلعبون
بحسب مركز Pew Research، فإن 97% من الفتيان المراهقين و73% من الفتيات يمارسون ألعاب الفيديو. لكن الفتيان يقضون وقتاً أطول بكثير — نحو 10 ساعات أسبوعياً مقابل ساعتين فقط للفتيات.
ويفسّر الباحثون هذا الفارق بأن الألعاب تشبع لدى الشباب ثلاث حاجات أساسية في النمو النفسي:
الكفاءة من خلال إتقان المهارات.
الاستقلالية عبر إنشاء الشخصيات واستكشاف العوالم الافتراضية.
الارتباط الاجتماعي عبر التفاعل مع الأقران.
الاقتصاد الخفي للألعاب: متعة مجانية بثمن باهظ
يحذر الباحث زاك راوش من جامعة نيويورك من أن الجيل الجديد من الألعاب صُمم ليكون أكثر إدماناً من أي وقت مضى.
فمنذ عام 2010 تحولت معظم الألعاب من الشراء المسبق إلى نموذج اللعب المجاني الذي يعتمد على إطالة زمن الاستخدام وزيادة الإنفاق داخل اللعبة.
ألعاب مثل Fortnite وRoblox وCall of Duty تُحدث تحديثات يومية، وتقدم مكافآت للمستخدمين الذين يسجلون الدخول باستمرار، وتبيع عناصر رقمية محدودة لجذبهم أكثر.
ويضيف راوش: "ملايين الفتيان يحملون في جيوبهم منتجات صُممت لتكون إدمانية. القلق لا يتعلق بالأولاد أنفسهم، بل بالنماذج الربحية التي تستغل نقاط ضعفهم."
من اللعب إلى الإدمان العصبي
تشير دراسات جامعة ييل إلى أن الذكور أكثر عرضة لإدمان الألعاب مقارنة بالإناث، اللواتي يواجهن مخاطر أكبر مع إدمان وسائل التواصل الاجتماعي.
ويرى الدكتور مارك بوتينزا أن السبب هو ميل الذكور إلى المنافسة والمخاطرة، حيث تُظهر فحوص الدماغ تنشيطاً أعلى لمراكز المكافأة أثناء اللعب لديهم مقارنة بالفتيات.