علماء يزرعون «مخاً بشرياً مصغراً» لتشغيل الحواسيب.. خطوة علمية تقرّبنا من أفلام الخيال العلمي

8-10-2025 | 12:30
علماء يزرعون ;مخاً بشرياً مصغراً; لتشغيل الحواسيب خطوة علمية تقرّبنا من أفلام الخيال العلميعلماء يزرعون مخاً بشرياً مصغراً لتشغيل الحواسيب
عمرو النادي

في مشهد يبدو وكأنه مأخوذ من رواية خيال علمي، يعمل فريق من العلماء في سويسرا على تطوير نوع جديد من الحواسيب يعتمد على خلايا حية مأخوذة من الإنسان بدلاً من الشرائح الإلكترونية التقليدية. هذه التكنولوجيا الثورية، المعروفة باسم «الحوسبة الحيوية» (Biocomputing)، قد تغيّر مستقبل الذكاء الاصطناعي والطاقة الرقمية كما نعرفه اليوم، وفقا للنسخة الإنجيلزية من BBC

موضوعات مقترحة

ولادة جيل جديد من الحواسيب «الحية»

في مختبر FinalSpark السويسري، يقود الدكتور فريد جوردان وفريقه مشروعاً يهدف إلى إنشاء مراكز بيانات تحتوي على «خوادم حية» قادرة على التعلم والتطور بطريقة مشابهة للدماغ البشري، مع استهلاك طاقة أقل بكثير من الحواسيب التقليدية.
الفريق يستخدم ما يسمى بـ «البرمجيات الرطبة» (Wetware)، وهي تقنية تقوم على زراعة خلايا عصبية بشرية في شكل مجموعات صغيرة تُعرف باسم «الأورغنويدات» (Organoids). يتم ربط هذه الكتل الدقيقة من الخلايا بأقطاب كهربائية لتتحول إلى وحدات معالجة بيولوجية يمكن تدريبها على تنفيذ أوامر بسيطة — مثل استجابة لحركة لوحة المفاتيح — تمهيداً لتطوير قدراتها على التعلم.

كيف تعمل «الأدمغة المصغّرة»؟

تبدأ العملية بأخذ خلايا جذعية بشرية من الجلد تُستورد من عيادات معتمدة في اليابان. بعد أشهر من النمو في بيئة معملية، تتحول هذه الخلايا إلى كُتل بيضاء دقيقة تحتوي على مئات الآلاف من الخلايا العصبية، وهي ما يصفه الباحثون بأنها «عقول صغيرة» لها البنية الأساسية نفسها للدماغ البشري، وإن كانت أبسط بكثير.

يتم بعد ذلك توصيل هذه الكتل بالأقطاب الكهربائية، مما يسمح بإرسال واستقبال إشارات كهربائية يمكن رصدها على شاشة تشبه رسم المخ (EEG).

ويقول الدكتور جوردان: «نحن نحاول أن نُعلِّم هذه الخلايا كيف تتفاعل مع المحفزات مثل الحاسوب، حتى نصل في النهاية إلى مرحلة تستطيع فيها التعلم واتخاذ القرار مثل الذكاء الاصطناعي».

التحدي الأكبر: إبقاء «الحاسوب الحي» على قيد الحياة

ورغم التقدم الكبير، لا تزال هناك عقبة علمية ضخمة: كيف يمكن الحفاظ على حياة هذه «الأورغنويدات» لفترة طويلة؟

يوضح البروفيسور سيمون شولتز، مدير مركز التكنولوجيا العصبية بجامعة «إمبريال كوليدج» في لندن، أن المشكلة تكمن في أن هذه الأدمغة المصغرة لا تحتوي على أوعية دموية لتغذيتها بالعناصر الحيوية مثل الدماغ الطبيعي، وهو ما يجعل استمرارها تحدياً صعباً.

حالياً، استطاع فريق FinalSpark إبقاء هذه الكائنات الحية تعمل لمدة تصل إلى أربعة أشهر فقط، لكنهم لاحظوا ظاهرة غريبة عند اقتراب نهايتها، إذ تُظهر نشاطاً كهربائياً مكثفاً قبل موتها، يشبه ما يحدث لدى البشر في اللحظات الأخيرة من الحياة.

منافسة السيليكون: تعاون لا استبدال

الحوسبة الحيوية ليست حكراً على المختبر السويسري؛ فشركات في أستراليا والولايات المتحدة تعمل أيضاً في هذا الاتجاه. فقد أعلنت شركة Cortical Labs الأسترالية في 2022 عن نجاح خلايا عصبية صناعية في لعب لعبة Pong الكلاسيكية، بينما يستخدم باحثو جامعة جونز هوبكنز الأمريكية الأدمغة المصغرة لدراسة أمراض مثل الزهايمر والتوحد.

وترى الدكتورة لينا سميرنوفا، الباحثة في جونز هوبكنز، أن هذه التقنية لن تحل محل الشرائح الإلكترونية، بل ستكملها وتفتح آفاقاً جديدة في أبحاث الدماغ وتطوير العلاجات وتقليل استخدام الحيوانات في التجارب.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: