المتلقى المصرى يبحث عن الممنوع ولديه هاجس أن القنوات المحلية تخفى عنه الحقائق
موضوعات مقترحة
الصحافة الورقية لم تفقد دورها ولكنها فقدت حضورها
تعلمت أصول الصحافة التليفزيونية فى الجزيرة ولكن استحالت العشرة بيننا فى 2011
عودتى إلى العمل فى مصر وتحديدًا فى القنوات الإخبارية المصرية هو واجب وطنى
لأن صناعة الخبر بدقة وسرعة وشفافية أمر ليس سهلا ويحتاج الى قائد بمواصفات خاصة، لذلك اختارت الشركة المتحدة "سميرعمر" رئيسا لقطاع الأخبار لخبرته الطويلة فى الصحف الورقية والصحافة التليفزيونية والقنوات الخاصة وقناة الجزيرة وسكاى نيوز، وعن خطته لتطوير القنوات الإخبارية المصرية ورؤيته لسبل صناعة "براند" خاص بها بما يجعل المتلقى المصرى والعربى يسمع منا وليس عنا.. كان لنا معه هذا الحوار.
أعلم أنك من المنحازين للعمل الصحفى.. فلماذا تركته واتجهت للصحافة التليفزيونية؟
وأنا فى أولى جامعة قررت أشتغل صحفى وذهبت الى جريدة صوت العرب باعتبارها صوت الناصريين وقتها وأمضيت بها نحو شهرين ولم ينشر لى شيئا فتركتها وانقطعت عن العمل الصحفى الذى لم يكن قد بدأ بعد وفى رابعة جامعة أجرى جورنال الدستور حوارا معى باعتبارى زعيم الحركة الطلابية فى الجامعة وفى اليوم اللى كان المفروض الحوار يتنشر فيه فوجئت بأنه لم ينشر فذهبت لمقر الدستور عشان أتخانق مع إبراهيم عيسى ولم أكن أعرف شكله وفى لحظة دخولى الجورنال كان هو واقفا مع صديق مشترك لنا فسألنى انت جاى ليه؟ قلتله جاى أتخانق مع إبراهيم عيسى قالى طيب إبراهيم أهو إتخانق معاه والمدهش أن أستاذ إبراهيم قالى بدل ما تتخانق تعالى اشتغل معانا وألحقنى بقسم التحقيقات تحت رئاسة الأستاذ سيد على وعملت أول تحقيق فى حياتى عن صندوق التنمية الاجتماعية، ومن هنا بدأ عملى الصحفى وبعد إغلاق الدستور عملت فى العربى الناصرى والأهرام الرياضى وكل الناس والأخبار والشرق الأوسط، وأنا أعتز جدا بالفترة التى قضيتها بالعمل فى الصحافة الورقية لأنها ساهمت فى تشكيل مهاراتى الصحفية.
على ذكر الصحافة الورقية.. هل ترى أنها فقدت دورها التوعوى وتأثيرها؟
الصحافة لم تفقد دورها ولكنها فقدت حضورها، فالصحافة أصلا هى وسيلة إعلام بمعنى أنها لاتحتاج عمق وفلسفة الكتابة ومن ثم فنتيجة هذا التسارع الفظيع فى وسائل التواصل الاجتماعى وثورة الاتصالات فقدت جزءا من تأثيرها فضلا عن أن القراءة فى حد ذاتها تراجعت نسبيا ونالت الصحف الورقية نصيبا من هذا تراجع.
هذا التراجع نتيجة ضعف المضمون الصحفى أم سيطرة السوشيال ميديا؟
الاثنان ولكن لو تكلمنا عن الحالة الصحفية فى مصر فنحن قطعا عندنا انتكاسة مرعبة فى مستوى المضمون الصحفى، لذا أصبح الوسيط الرقمى هو الاختيار الأول لمعظم الصحفيين لكونه لا يبذل فيه الجهد المطلوب فى الصحافة المطبوعة، كما أنه خلق نمط للكتابة مختلف ومتلقى أيضا مختلف، ولكن الأصل الصحفى هو الحصول على الخبر والتأكد من صحته وصياغة جديرة بالبث للجمهور العام وبعد ذلك يأتى الوسيط سواء كان جورنالا يوميا أو مجلة شهرية أو موقعا الكترونيا مش هيفرق المهم أن يتوافر لدينا المهارة الصحفية.
ما بين الصحافة وقنوات التليفزيون المصرى وقناة الجزيرة وسكاى نيوز أيهما كانت التجربة الأكثر ثراء وتأثيرا عليك؟
كل تجربة كان لها دور وتأثير كبير على تكوين مهاراتى خاصة تجربتى فى فيديو كايرو سات ولكن تبقى تجربتى فى قناة الجزيرة الأكثر تأثيرا لأنى تعلمت فيها أصول الصحافة التليفزيونية الحقيقية وأمضيت فيها سنوات حتى عام 2011 حيث إستحال الإستمرار نتيجة انحياز الجزيرة لأفكار ضد مبادئى وقناعاتى فاستقلت من الجزيرة والتحقت بسكاى نيوز.
هناك أزمة ثقة قديمة بين المواطن المصرى والقنوات الإخبارية المصرية.. فما السبب؟
المتلقى بطبعه يبحث عن الممنوع وعنده هاجس طوال الوقت أن القنوات الرسمية لاتنقل الحقيقة وهذا الشعور تكون منذ ظهور الـ BBC ثم تكرر الأمر مع ظهور القنوات الناطقة بالعربية مثل الجزيرة والتى شكلت تغييرا جذريا فى الإعلام العربى وعندما ظهرت القنوات المصرية الخاصة بدأت الناس تتابعها بجانب الجزيرة ولكن بقى الهاجس أن القنوات المصرية تخبئ دائما شيئا ما تريد الحكومة إخفاءه ولا تقوله إلا القنوات الأجنبية وأنا فى تقديرى أنه بغض النظر عن جنسية وسيلة الإعلام وهيكل تمويلها فكل مؤسسة إعلامية لها أجندة خاصة بها وقطعا أن المتلقى سيذهب لما يتناسب مع أفكاره وقناعاته فضلا عن أن الصوت الإعلامى المعارض له جاذبية خاصة.
وكيف نعيد بناء الثقة بين المتلقى والقنوات الإخبارية المصرية؟
إذا ظهرت وسيلة إعلام تقدم للناس تدفقا إخباريا سريعا ومستقلا الناس ستثق فيه.
القنوات الإخبارية المصرية تعانى من ضعف الإمكانيات أم سوء توزيعها؟
قطعا نحن لدينا مواهب عظيمة ومتى توافرت لهذه المواهب بيئة عمل إيجابية وحرية رأى وتعبير ومنظومة تشريعية وتنفيذية غير ضاغطة سنصنع إعلاما عظيما ومثاليا وأنا أرى أننا الأن لدينا كفاءات صحفية تواجه حربا مركبة تتمثل فى مجتمع "مش مصدقنا أوى" ودولة غير سعيدة بحرية الإعلام وإن كان الأمر بدأ يتغير مؤخرا وأصبح هناك مساحة من الحرية تسمح بصناعة إعلام متميز.
فى ظل هذا المناخ.. أعتقد أن قرار العودة من سكاى نيوز لرئاسة القنوات الإخبارية المصرية لم يكن سهلا؟
صحيح ولكنى شعرت أن محاولة إنعاش الإعلام الإخبارى المصرى ومحاولة تقديم نماذج إعلامية ناجحة مهمة وطنية.. فأنا أشعر بأن السعى مع زملائى فى القنوات التى أترأسها الآن لتقديم خدمة إخبارية تليق بالدولة المصرية العظيمة وتليق بالجماعة الصحفية المصرية وتليق بالشعب المصرى الذى يستحق صحافة وإعلاما أفضل مهمة وطنية عظيمة ويعد شرفا كبيرا لى أن أنول محاولة تنفيذها والحقيقة أن الشركة المتحدة وفرت لى كل شروط النجاح وما أريده لكى أنجح.
وما شروط النجاح التى تستطيع بها كسب ثقة المتلقى المصرى وجذبه لقنوات بلده مرة أخرى؟
الشرط الحاكم الأساسى فيما يتعلق بإكسترا نيوز الموجهة للمتلقى المصرى هو أن نضمن له تدفقا إخباريا حرا ونزيها وشفافا، وفيما يتعلق بقناة القاهرة الإخبارية الموجهة للخارج فضمان الجذب هو اتساع أفق وتمويل يكون كافيا واستعانة بكفاءات تمكننا من تقديم خدمة إخبارية جادة والشروط الأخرى هى مساحة الحرية واختيار الكفاءات وتوفير بيئة عمل إيجابية تمويل مناسب.
ألا ترى أن هناك تحفظا على توفير مساحات الحرية؟
لم يعد هناك هذا التحفظ أو على الأقل أنا أسعى الى ذلك واختبرونا.. وأنا أضمن أن كل ما يحتاجه المواطن المصرى من معلومات سيجدها فى إكسترا نيوز.
هل سيجد المصريون أخبارا وتحليلات عن اهتماماتهم بالأسعار والتضخم وكل ما يخص شئونهم الخاصة والبسيطة على إكسترا نيوز؟
قطعا سيجدونه، فإعلام الخدمة العامة يعد أمرا لايمكن الإستغناء عنه ونحن سوف نلعب هذا الدور بالشكل اللائق حيث إن كل ما يحتاجه الجهمور المصرى سيجده موجودا على شاشة اكسترا نيوز وإكسترا لايف.
جذب الأجيال الجديدة والشباب لقنوات الأخبار المصرية يعد تحديا ليس سهلا.. فكيف يمكن تحقيقه؟
جذب الشباب لقنوات الأخبار المصرية من أهم التحديات التى أواجهها وأؤكد أن الشباب الصغير والأجيال الجديدة سيجدون برامج تخص كل ما يتعلق باهتماماتهم خاصة فى مجال التكنولوجيا والذكاء الإصطناعى والتريندات الأكثر رواجا ولكن فى قالب لائق بالعرض دون إبتذال ولا سخرية ولا تجاوز أخلاقيات المهنة ومشكلة الشباب تحديدا أنه لم يكن يرى اهتماماته تظهر على الشاشة وبالتالى لن يبحث عنك ولكن عندما يجدها باللغة والطريقة المناسبة لعمره وأفكاره على شاشاتنا ومنصاتنا سيبدأ فى البحث عنك والارتباط بك.
سمير عمر
وما خطتك لجذب المتلقى العربى ليسمع منا وليس عنا؟
المتلقى خارج مصر لابد أن يسمع الأخبار من مصر نفسها ويثق فى صدق ما يسمعه بمعنى أنه عندما يريد أن يعرف شيئا عن مصر يفتح القنوات المصرية أو منصاتها على السوشيال ميديا وهذا يحتاج الى بناء جدار كبير من الثقة فى تلك القنوات وما تقدمه من أخبار مما يفرض علينا أن نقدم إعلاما سريعا دقيقا وتحليلا لهذا الخبر ونحن بشكل عام نعرف جيدا شروط النجاح ونمتلك القدرة على إحداثه ولدينا خطة وجدول زمنى للوصول لهدفنا.
كيف يمكن كسر جمود القالب الإخبارى وتقديمه بشكل أكثر جاذبية؟
الأخبار بطبعها جامدة ولكن أن تقدميها فى قالب جذاب "دى شطارتنا" وهذا ما سترونه منا فى الفترة القادمة كما سترونها على المنصات الرقمية بشكل مختلف وأكثر جاذبية لأن الكتابة للتليفزيون تختلف تماما عن الكتابة للسوشيال ميديا والديجيتال والمتلقى الذى اعتاد قراءة الجورنال يختلف عن متلقى التليفزيون والمنصات الرقمية ونحن سنقدم لكل منهما الخبر بالطريقة التى اعتاد عليها.
سمير عمر
سافرت أكثر من 50 دولة حول العالم.. فكيف يرانا الناس فى الخارج وما حجم تقديرهم لمصر؟
مرة كنت فى جولة مع مؤسسة greenpeace فى البحر الأبيض المتوسط ضمن حملة لإنقاذ أسماك التونة والمركب كان عليه جنسيات متعددة وأنا الوحيد المصرى فلما كنت أتكلم مع زملائى على المركب عن مصر كنت أرى حالة حب وشغف وعشق غير عادية وكان معظمهم يعرف أم كلثوم والأزهر وعبد الناصر والسادات، ومرة أخرى كنت فى بنجلاديش وفوجئت أن ما فى شخص هناك يعرف يسألنى عن بلدى فأقول له إيجيبت إلا وينتفض ويقول لى "ميصر" ويتعاملون معى بترحاب غير عادى ومرة رأيت فى إندونسيا مشهدا لا أنساه عندما كنا داخلين الجامعة مع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وطبعا طوال الطريق ترحاب غير عادى به وبمجرد ما وصلنا الجامعة الطلبة كلهم اصطفوا لاستقباله وهم يرددون نشيد بلادى بلادى.. فحقيقى مصر بلد وأمة عظيمة جدا والكل يقدرها حتى فى أوقات ضعفها ولكن تبقى المشكلة أن السردية المصرية مظلومة والدور المصرى مظلوم طوال الوقت بالمزايدة عليه ولنا أن نعلم أن هناك دولا تدفع مئات المليارات لتصنع لنفسها Nation brand أو علامة وطنية، أما مصرفهى فى حد ذاتها "براند".
سمير عمر