الحرب الإسرائيلية الأولى في القرن الحادي والعشرين لم تكن مع العرب، بل كانت مع إيران، آخر الحروب الإسرائيلية مع العرب كانت 1973 في القرن الماضي.
وما كان يحدث في غزة وغيرها في الضفة الغربية أو في لبنان، كان عدوانًا إسرائيليًا مفرطًا على الفلسطينيين، وآخرها ما حدث منذ أكتوبر 2023، وحتى حروب لبنان، ليست حروبًا مع إسرائيل، إنها عدوان إسرائيلي على لبنان، رد الجيش اللبناني دفاعًا ولم يحارب إسرائيل.
الحرب الأخيرة أُطلق عليها الزلزال، تغيرت فيها المنطقة كثيرًا، مثلها مثل حربي 1967 و1973، تترك بصماتها على كل الشرق الأوسط، امتدت الحروب وكانت المفاجأة الإسرائيلية بضرب طهران، "قيادات وعلماء"، كانت إسرائيل تخطط ليس لضرب رغبة إيران في امتلاك السلاح النووي فقط، لكن لاقتلاع النظام الإيراني، وإقامة نظام بديل يقيم علاقات معها، لكن القرار الأمريكي تدخل في اللحظات الحرجة، وكان ضرب منشأة فوردو ونطنز وجواهر المنشآت النووية الإيرانية، بمثابة طوق الإنقاذ للنظام الإيراني، وتحقيق الهدف الإسرائيلي الأول، الذي يتلاقى مع الأمريكيين، لذلك اعتبر ترامب نفسه منتصرًا في الحرب الإيرانية - الإسرائيلية، لأنه تدخل في الوقت المناسب!
وحقق ترامب هدفه وأوقف العدوان الإسرائيلي على إيران، وكانت مكافأة إيران لأمريكا أن أبلغتها أنها سترد في قاعدة «العديد» المقامة في قطر.
أثبت الإيرانيون أنهم لا يحمون البرنامج النووي أو القادة العسكريين، بل يحمون النظام عندما يشتد أوار الحرب وتنشب المعارك، ليتم التفاوض والمقايضة.
الحرب الإيرانية - الإسرائيلية كشفت لكل الأطراف أن إسرائيل لا تملك مفاتيح القوة في الشرق الأوسط، كما أن إيران لا تملكها، فقد خرجت مرتين، طوال العامين الماضيين من السيطرة على المنطقة، الأولى كانت عندما لم تقض أمريكا على العلماء تمامًا، لكن حين بعثت برسالة إليهم جميعًا، أن ليس هناك من يحميكم، وأن نظام الحكم في طهران لن يتدخل في حمايتكم، نستطيع أن نقول إن إسرائيل وأمريكا حققتا أهدافهما في إيران، وأن الحرب الإيرانية - الإسرائيلية سوف تنتهي باتفاق بين الطرفين لضمان بقاء النظام الإيراني واستئصال البرنامج النووي الإيراني، هناك إيران انتصرت، وأمريكا وإسرائيل انتصرتا كذلك. انتصر ترامب بالتدخل في هذه الحرب، فزاد تموضع أمريكا في قلب الشرق الأوسط، وفي غرب آسيا، وحرم الصين وروسيا من التموضع في إيران.
وانتصرت إيران بحماية النظام الذي قام في عام 1979 حتى الآن.
بل إن الحرب مكنت النظام الإيراني من السيطرة على حدود 1750كم، وحقق نتنياهو هدفه.
نقولها ببساطة، يحق لإسرائيل الاحتفال بالنصر، كما يحق لإيران الاحتفال بالنصر، وكذلك إيران تستحق أن تحتفل ببقاء نظامها وعدم تفكك إيران، هذا ما حدث في حرب يونيو 2025 بين إيران وإسرائيل، وبالتدخل الأمريكي لإنهاء الحرب.
لعلنا نقول: إن القضية الفلسطينية لم تخسر في هذه الحرب، فقد ظهر أمام أمريكا وإسرائيل أن أمن الدولة اليهودية لن يتحقق بالحروب، لكن بمعادلة إقامة الدولة الفلسطينية، فهي ضرورة ليس فقط لإيصال الحقوق لأصحابها الفلسطينيين، لكن لإسرائيل نفسها ولكل دول المنطقة.
القضية الفلسطينية أثبتت في هذه الحرب جدارتها وقوتها، فقد دخلت كل دول المنطقة حروبًا مع إسرائيل، وصلت النيران والحروب إلى طهران والخليج العربي.
يحق للفلسطينيين كذلك الاحتفال بالنصر في هذه الحرب الأخيرة أو الأولى في القرن الحادي والعشرين مع أهل منطقة الشرق الأوسط، والدولة الإسرائيلية.