الملك تحتمس الثالث.. الإمبراطور المصري الذي استعانت الدول بخططه العسكرية| صور

4-7-2025 | 11:00
الملك تحتمس الثالث الإمبراطور المصري الذي استعانت الدول بخططه العسكرية| صور الملك تحتمس الثالث
محمود الدسوقي

يعد الملك تحتمس الثالث، سادس فراعنة الأسرة الثامنة عشر، وقد أتقن المصريون القدماء فى عهده صناعة النبال والأسهم التى أصبحت ذات نفاذية خارقة يعترف بها مؤرخو أيامنا هذه.

موضوعات مقترحة

بدوره يقول الدكتور مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار لـ"بوابة الأهرام"، إنه تظهر لنا تماثيل تحتمس الثالث، الشاب المفتول العضلات، وقد امتلك مقومات المناضل والقائد، إذ فى الوقت الذى كانت تحكم فيه حتشبسوت فكانت تتبع سياسة سلمية مع مناطق النفوذ المصرى فى فلسطين والنوبة ومع جيرانها، وكانت تهتم بالبحرية وترسل الحملات البحرية إلى بلاد بونت وإلى سواحل لبنان للتبادل التجارى، انتهزت بعض المحميات فى سوريا والميتانى للتمرد على حكم المصريين ومعاداتهم، وبمجرد أن اعتلى تحتمس الثالث العرش بعد وفاة حتشبسوت كان لا بد أن يعيد السيطرة المصرية على تلك الحركات المعادية تأمينا لحدود البلاد

تلك التبعات جعلته ملكًا محاربًا أسطوريًا قام بستة عشرة حملة عسكرية على آسيا (منطقة سوريا وفلسطين) واستطاع أن يثبّت نفوذه هناك كما ثبت نفوذ مصر حتى بلاد النوبة جنوباً.

وقد كان أمير مدينة قادش فى سوريا يتزعم حلفا من أمراء البلاد الأسيوية فى الشام ضد مصر وصل عددهم إلى ثلاثة وعشرين جيشا، وكان من المتوقع أن يدعم تحتمس الثالث دفاعاته وقواته على الحدود المصرية قرب سيناء إلا أن تحتمس قرر الذهاب بجيوشه الضخمة لمواجهة هذه الجيوش فى أراضيهم ضمن خطة توسيع الأمبراطورية المصرية إلى أقصى حدود ممكنة وتأمين الحدود ضد جيوش المتحرشين.


الملك تحتمس الثالث

ألقاب تحتمس الثالث

ويوضح شاكر، أنه لقب تحتمس الثالث بـ "أبو الإمبراطوريات"، وكذلك "أول إمبراطور فى التاريخ" إذ يعد من العبقريات الفذة فى تاريخ العسكرية على مر العصور وهو أول من قام بتقسيم الجيش إلى قلب وجناحين، وقد استعانت الإمبراطورية البريطانية بالعديد من خططه فى معاركها.

عمل تحتمس الثالث على بناء القلاع والحصون، وقام بتدريب الجنود على أفضل التدريبات وأمدهم بأسلحة مبتكرة قوية مثل النبال المستحدثة والتوسع فى استخدام العربات فى القتال.


الملك تحتمس الثالث

 معركة مجدو

فى حملة معركة مجيدو قسم جيشه إلى قلب وجناحين واستخدم تكتيكات عسكرية ومناورات لم تكن معروفة من قبل، ثم قام على رأس جيشه من القنطرة و قطع مسافة 150 ميلا فى عشرة أيام وصل بعدها إلى غزة ثم قطع ثمانين ميلا أخرى فى أحد عشر يوما بين غزة وأحد المدن عند سفح جبل الكرمل، هناك عقد تحتمس الثالث مجلس حرب مع ضباطه بعد أن علم أن أمير قادش قد جاء إلى مدينة مجدو وجمع حوله 230 أميرا بجيوشهم وعسكروا فى مجدو المحصنة ليوقفوا تقدم تحتمس الثالث وجيشه، وكان هناك ثلاثة طرق للوصول إلى مجدو اثنان منهما يدوران حول سفح جبل الكرمل والثالث ممر ضيق ولكنه يوصل مباشرة إلى مجدو، وقد استقر رأى تحتمس على أن يمر الجيش من الممر الثالث فى مغامرة قلبت موازيين المعركة فيما بعد، وتعتبر من أخطر مغامرات الجيوش فى العالم القديم.

وقد استدعى اتخاذ ذلك الممر فى التقدم لمفاجأة الأعداء أن يحمل الجنود المصريون عتادهم الحربى، بالإضافة إلى عرباتهم الحربية وأحصنتهم فكانوا يفكون العربات الحربية ليسهل حملها وتسللوا عبر الممر الضيق فى مجموعات صغيرة وكان ذلك مجازفة كبيرة على الجيش لأن يتخد تحتمس الثالث هذا الطريق كى يفاجئ الأعداء المعسكرين على الساحة التالية على الممر.

كانت قوات العدو قد تمركزت عند نهاية طريقين فسيحين معتقدة أن الجيش المصرى سيأتى من أحدهما أو من كليهما، وفى فجر اليوم التالى أمر الملك تحتمس الثالث الجيش بإعادة تركيب العربات الحربية والاستعداد للهجوم المفاجئ، وهجمت قواته وكان على رأسهم فى المقدمة على شكل نصف دائرة على مجدو فكانت المفاجأة أن يبادرهم المصريين بهذا الهجوم الكاسح فاضطربوا وفقدوا توازنهم حتى أصبحت جيوشهم فى حالة من الفوضى وعدم النظام وبدأ قادة الجيوش والسرايا فى الهروب تاركين وراءهم عرباتهم الكبيرة ومعسكرهم الملئ بالغنائم ليدخلوا المدينة المحصنة، وبسبب انشغال أفراد الجيش المصرى بجمع الغنائم تمكن الآسيويون من الهروب إلى المدينة وتحصنوا فيها.


الملك تحتمس الثالث

 تحتمس الثالث في أقوال المؤرخين

قال المؤرخون القدامى فى مصر القديمة عن قوة مصر فى عصر تحتمس الثالث:"لا توجد قوة فى الأرض تستطيع أن تواجه الجيش المصرى الذى نال تدريبًا عسكريًا فائقًا وفاز بقيادة ملك عبقرى هو فرعون مصر العظيم تحتمس الثالث".

ويضيف مجدي شاكر ، أن تحتمس الثالث ،اهتم بأنشاء أسطول بحرى قوى استطاع أن يبسط سيطرته على الكثير من جزر البحر المتوسط مثل قبرص وأيضا بسط نفوذ على ساحل فينيقيا "سواحل لبنان وفلسطين حاليا"، بذلك هو أول من أقام أقدم إمبراطورية عرفها التاريخ، امتدت من أعالى الفرات شمالا حتى الشلال الرابع على نهر النيل جنوبا، وأصبحت مصر أقوى وأغنى إمبراطورية فى العالم عاش فيها المصريون قمة مجدهم وقوتهم.

بعد قيام تحتمس الثالث بتأمين البلاد وغزو بلاد الجوار لمنع هجومهم على مصر، اهتم بشئون إدارة تلك البلاد الواسعة التى تمتد من حدود العراق الغربية الحالية وشمال سوريا إلى الجنوب على طول مجرى نهر النيل جنوبا حتى الشلال الرابع فى وسط السودان الحالى، ونصب لكل من تلك البلاد خارج مصر واليا من مصر لحكمهم وتأمين البلاد، يساعد الوالى فى حكم البلد موظفون إداريون وكتبة، وكان الوالى مسئولا أيضا عن تموين قوات الجيش المصرى القائمة هناك وكذلك جمع الجزية من السكان، وكان الوالى رئيسا لأمراء تلك البلاد، وعندما كانت تقوم حركة تمرد فى إحدى المقاطعات كان الوالى يقوم بإخمادها بواسطة الجنود المصريين المقيمين عنده من دون لزوم الرجوع إلى أخذ تصريح من ملك مصر. إلا إذا كان التمرد واسعا فيطلب العون من فرعون مصر الذى يمده بقوات إضافية أو يذهب إليه بنفسه على رأس حملة كبيرة لإخماد التمرد.


الملك تحتمس الثالث

تحتمس الثالث وحكم دام 54 عاما

مات تحتمس وعمره 82 سنة بعد أن حكم أربعة وخمسين عاما كما جاء فى نص أمنمحات "من العام الأول حتى العام الرابع والخمسين فى الشهر الثالث من فصل الشتاء اليوم الأخير من عهد فخامة الملك "من خبر رع" ملك دولة مصر الشمالية ومصر الجنوبية، ولم يعرف تاريخ مصر ملكا بكى عليه المصريون وحزنوا عليه حزنا شديدا مثل ما حدث مع تحتمس الثالث، وبعد وفاته أقيمت مراسم الحداد والدفن الملكية تبعه فيها كل المصريين وهى أضخم جنازة فى التاريخ القديم ودفن فى مقبرة بوادى الملوك كان قد أعدها لنفسه وهى المقبرة رقم 34، حيث يعد من أوائل الملوك الذين بنوا مقابر لأنفسهم فى وادى الملوك، وقد اكتشفت مقبرته فى عام 1898م على يد العالم فيكتور لوريت ووجد المقبرة قد تعرضت للنهب ولم تكن بها المومياء التى عثر عليها فى الدير البحرى عام 1881م.

ومن أشهر مقولاته لوزيره الشهير رخمى رع "لا يرضى الرب بالتحيز (الفساد)، كن يقظا فمنصب الوزير عماد الأرض كلها فليس للوزير أن يستعبد الناس، استمع للشاكى من الجنوب والدلتا أو أى بقعة.. تصرف بالعدل فالمحاباة يمقتها الرب.. كن عادلا مع من تعرفه ومن لا تعرفه".


مومياء الملك تحتمس الثالث

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: