كارثة الدائري .. قد لا تكون الأخيرة

3-7-2025 | 14:15

كنا على اتفاق باستكمال مقالنا السابق؛ ولكن كارثة الدائري الإقليمي عصفت بذهني؛ وعصرت قلبي؛ مثل ملايين من المواطنين؛ تألموا كثيرًا لفقدان الزهور البريئة لحياتهم في لحظة من الإهمال الأشد علينا؛ والذي نشاهده يتكرر على مدار الساعة؛ إلا أن ستر الله يحفظ الكثيرين.

وقد رفعه آنذاك؛ ليبين لنا كم الإهمال وحجمه وضرورة التعامل الحاسم معه؛ وكلنا يقين أن الفتيات البريئات هن في جنان من النعيم عند الرحمن الرحيم.

انتهت تحقيقات النيابة لإدانة سائق الشاحنة بشكل كامل؛ باعتباره المسئول عن تلك الكارثة؛ حيث تبين رعونته في القيادة، وكذلك تعاطيه المخدرات؛ وهو ما يجعله فاقد الوعي أثناء القيادة.

القانون سيحاسب السائق؛ هذا أمر لا نناقشه؛ ولكن ما نناقشه؛ هو كيفية حدوث تلك الكارثة؟

هذا الطريق يحتاج لعناية فائقة للغاية؛ يشكوه الناس منذ شهور طويلة؛ ويعانون من سوءاته؛ على هذا الطريق تحدث كل ما لا علاقة له بآداب القيادة؛ قد يكون أبرزها القيادة عكس الاتجاه؛ وهو أمر يبرره المخطئون دومًا؛ ولكن يعلمه المتابعون؛ على الأقل المستخدمون؛ ومنهم بالطبع أحد المسئولين؛ أيا كان حجم مسئوليته؛ إلا أنه شاهد كل هذا التعدي على الطريق ولم يستطع وقفه.

كارثة الدائري؛ قابلة للتكرار؛ لأن أسبابها قائمة؛ ليست فقط على الدائري الإقليمي؛ ولكنها جاهزة للتنفيذ على بقع أخرى؛ ما نسمعه عن عدد الحوادث على بعض من المحاور؛ يجعل الأمر محور لسؤال يفرض نفسه بشدة؛ تكرار الحادث في نفس المكان؛ لم يستوقف أحدًا؛ لماذا؟

لأنه لو كان حدث ولفت الانتباه؛ كان يمكن وقف ذلك التكرار على الأقل في نفس المكان، ولكن دائمًا هناك لا تنتهي المبررات؛ والمحصلة واحدة؛ حوادث تودي بحياة الأبرياء.

فما الحل؟

 تشكيل لجنة من كبار مهندسي الطرق؛ عددها كبير جدًا؛ يتم تقسيمها بشكل يسمح لهم بالمرور على المحاور الموجودة؛ لإبداء الملاحظات الهندسية إن وجدت؛ لتلافيها؛ ثم وضع الاقتراحات التي من شأنها ضبط إيقاع الطرق بآلية تؤمن مستخدميه لنحافظ على أرواح الناس.

 أما من وجهة نظري؛ فلابد من عناصر مساعدة تعيد للطرق أمانها بشكل منضبط، أولها؛ وجود دوريات ثابتة ومتحركة؛ تضبط نظام السير بشكل كامل؛ وقتها سيمنع السير عكس الاتجاه وهو سبب رئيسي لوقوع الحوادث.

 ثانيها؛ ضبط السرعات القصوى ومراقبتها بشكل صارم؛ مع التأكد من سلامة الترخيص للقائد وللمركبة.

 ثالثها؛ عودة التحليل المفاجئ للمخدرات لكل السائقين على الطريق، ولنبدأ بالسيارات الكبيرة؛ والباصات.

 رابعها؛ وقد طالبت به من قبل؛ عند تجديد أو إصدار رخصة قيادة لابد من عمل تحليل مخدرات في مركز حكومي؛ ويكون التحليل لكل أنواع المخدرات؛ ولا تصدر الرخصة بدونه؛ ويرسل التحليل على وحدة المرور بشكل آلي؛ وفي حال ظهور طالب الرخصة متعاطيًا؛ يتم  استبعاده ومنحه مهلة عام؛ بعدها يعاد التحليل؛ ولو ثبت تعاطيه؛ يوضع على قائمة سوداء.

 تغيير أماكن اجهزة الرادار؛ بحيث لا يعلمها الناس كما يحدث الآن؛ فحينما يقتربوا منها يلتزموا بالسرعات القانونية؛ وبعد تجاوزها؛ تنفلت السرعات. أو تسيير سيارات تحمل أجهزة رادار تقف في أماكن مختلفة تتغير على مدار اليوم والأسبوع والشهر؛ فلا يعلمها أحد. ومن ثم يصبح السبيل الأمثل لتفادى غرامة تجاوز السرعة؛ احترامها.

 كثيرون منا يشهدون تجاوزات عدد من سيارات النقل الكبيرة التى تنقل المخلفات وتسير بدون لوحات؛ غير عابئ قائدها بأي قانون وٌجد. ورغم تكرار الشكوى؛ ما زالوا يرتكبون آثامهم ببرود عجيب.

 أما آن الأوان لوقف تلك المهازل؟! فبعد أن حددت النيابة العامة مشكورة رقم واتس يرسل عليه الناس فيديوهات توثق بعض التجاوزات؛ وهو قرار فريد جدًا يحتاج لمقال يبن فوائده الكثيرة. هل يمكن تصوير تلك السيارات وهي ترتكب حماقاتها؛ وتسير بدون لوحات؛ أيمكن الوصول لها؟ أم أن الأفضل في تلك الحالات وجود دوريات سيارة؟

 الملف شائك وصعب ويحتاج لتكاتف حقيقي؛ فلو شعر قائد السيارة، أيًا كان، بوجود رقيب يحاسب على الخطأ؛ ما ارتكب الخطأ على الأقل عامدًا. وهذا حال الدول المتقدمة؛ كل تجاوز عليه عقاب؛ وتكراره قد يمنعك من قيادة السيارة مرة أخرى في بعض الأحيان.

 رحم الله الفتيات الأبرياء؛ وألهم ذويهم الصبر؛ ورزقنا السبيل لمنع تكرار تلك الكارثة مرة أخرى.

كلمات البحث