2-7-2025 | 13:21

في التقدير النهائي والشامل، ستبقى ثورة الثلاثين من يونيو لحظة فارقة ومضيئة في تاريخ الشعب المصري العظيم، لأنها وضعت حدًا فاصلًا بين جموع المصريين وجماعة إرهابية شكلت تهديدًا مباشرًا وجسيمًا للسلم والأمن الاجتماعي، وفرقت بين مكونات الشعب، وسعت لبث الفرقة والفتنة فيما بينهم، وسارت بالبلاد نحو مسارات وعرة وخطيرة شملت احتضان مئات الإرهابيين وحشدهم للوقوف في وجه المصريين الذين رفضوا بقاءهم في السلطة، ولم تكترث قيادات الجماعة بما سيلحق بأمننا القومي من توابع ومآلات.

كما كانت الثلاثين من يونيو لحظة تأسيس مستمرة، حيث تأسس عليها بدء مواجهة لاقتلاع جذور الإرهاب والجماعات المتطرفة، وخلالها سقط عشرات الشهداء الذين جادوا بأنفسهم عن طيب خاطر ليظل الوطن آمنًا ومستقرًا، ولا تُدنس أرضه الطاهرة أقدام الإرهابيين الذين جمعهم الإخوان من كل صوب وحدب ليكونوا الفزاعة التي يرفعونها في وجه المصريين الذين حسموا أمرهم وطالبوهم بالرحيل من السلطة، بعدما اكتشفوا زيف وضلال وظلامية أفكارهم، وأنهم يتجهون بالمحروسة صوب الهاوية اقتصاديًا وأمنيًا وسياسيًا واجتماعيًا، فضلًا عن تدهور علاقاتنا مع دول الجوار والعالم.

وقد دللت الأحداث التالية في الإقليم على مدى صواب رؤية المصريين وبعد نظرهم، حينما قالوا "لا" لبقاء الإخوان، الذين ما إن يحلوا في أي مكان حتى يبدأ التخريب والقتل والترويع، وهدم مؤسسات الدولة الوطنية، واستشراء ظاهرة تشكيل الميليشيات المسلحة والفوضى، وما يتبع ذلك من انهيار لمنظومة وأركان الأمن، وتآكل قدرة الدولة الوطنية على السيطرة على أراضيها وسيادتها، وتدخل قوى خارجية في الشأن الداخلي، وتمويل هذا وذاك لتنفيذ أجنداتها ومصالحها على حساب المصالح الوطنية.

وجنبًا إلى جنب مع هذه المواجهة، شمرت سواعد الجد لتوصل الليل بالنهار لإعادة بناء كل القطاعات، وتعويض ما فات جراء أخطاء وتكاسل عهود سابقة عن البدء في إصلاحات ضرورية وحيوية لإنعاش الاقتصاد وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتقديم خدمات تليق بالمواطن المصري صحيًا وتعليميًا، وإطلاق مبادرات استهدفت بناء الإنسان المصري ومساندته اجتماعيًا، ويأتي في مقدمتها مبادرتا "حياة كريمة" و"100 مليون صحة"، وتوفير مسكن لائق وفقًا لإمكانات الطبقات الاجتماعية المختلفة، لا سيما المتوسطة منها.

إن الثلاثين من يونيو وما أعقبها من أحداث وتطورات داخلية وإقليمية، كشفت عن عمق رؤية القيادة السياسية وتحليلها الدقيق للمشهدين الإقليمي والدولي، وعملها المستمر على تحصين الجبهة الداخلية والمحافظة على تماسكها، واتخاذ ما يلزم تجاه ما يستجد من أزمات وتحديات جسيمة، صمدنا في مواجهتها بفضل تماسك المصريين ووحدة صفهم والتفافهم حول القيادة السياسية، واستيعابهم لما يُحاك لوطنهم من قوى الشر التي تُصر على بث الفرقة والفتن عبر الشائعات والمعلومات المغلوطة، وتضخيم كل حدث يقع من أجل تأجيج وإثارة الرأي العام.

فالمعركة مستمرة مع أهل الشر، ولن تتوقف، لأنهم كارهون لتقدم بلادنا وتطورها واستقرارها، ويريدون الإضرار بها طوال الوقت، وهو ما يفرض علينا جميعًا الانتباه واليقظة، وزيادة الوعي، وعدم إتاحة الفرصة أمامهم، بدحض كل ما يصدر من جهتهم من شائعات وأباطيل تُروج وتُنشر عبر منصات التواصل الاجتماعي، وهؤلاء لم يدركوا بعد أن المواطن المصري قد كشف كل مخططاتهم القذرة، وقدر ما ألحقوه بالوطن من ضرر بالغ أثناء عام حكمهم الكئيب.

حفظ الله مصر من كل سوء، ومن كيد الكائدين.

كلمات البحث