رغم الكثير جدًا مما يمكن أن يقال عن وسام أبوعلي نجم هجوم الأهلي وهدافه في كأس العالم للأندية التي أقيمت بأمريكا في نسختها الأولى.. وعن الطريقة التي أحرز بها أهدافه الثلاثة في مرمى فريق بورتو الأوروبي والتي استفاض في وصفها المحللون والمعلقون والمهارات التي يتمتع بها اللاعب الفلسطينى وإمكاناته الهائلة.. فإنني أود الحديث عن جانب آخر بعيدًا عن كل الفنيات والخاص بالآفاق الاقتصادية والاستثمارية التي أثارها اللاعب لعملية تسويق اللاعبين في مصر وكيفية اختيار الأجانب منهم للانضمام للأندية.
وسام عند انتقاله للأهلي لم يكن مجرد مهاجم عادي بل هو ضالة الأهلي التي طال البحث عنها لسنوات وسط طوابير من المهاجمين مصريين وأجانب مروا على القلعة الحمراء دون أن يتركوا بصمة ورغم أنهم جميعًا سجلوا لكنهم لم يقنعوا.. لكن وسام تميّز عن الجميع بما يملكه من مواصفات خاصة وقدرات هائلة سواء في التنوع في إحراز الأهداف أو في التحرك الدائم بدون كرة خلف الدفاعات لخلق الفرص.
عندما دفع الأهلي قرابة مليونى دولار لضم وسام اعتقد البعض أن المبلغ كبير على لاعب لم يخض تجارب أوروبية كبرى.. لكن أرقام اللاعب كذبت كل التوقعات فأحرز 38 هدفًا من مشاركاته في 45 مباراة.. هذه الأهداف رغم أنها ساهمت في انتصارات الأهلي وتتويجه بالبطولات لكنها كانت أيضًا تزيد من رصيد اللاعب ومن قيمته التسويقية.. فأصبح وسام بعد موسم واحد مع الأهلي وبفضل تألقه اللافت مطمعًا لعدد من الأندية الأوروبية والخليجية التي بدأت تقدم عروضًا مغرية قد تجعل منه أغلى صفقة في تاريخ الكرة المصرية.. وهو ما يفتح المجال أمام ملف مهم عن كيف يمكن للأندية أن تحول صفقاتها إلى استثمار يدعم مواردها ويزيد من مدخلاتها المالية.
نجاح صفقة وسام لم تكن ضربة حظ.. لكن نتيجة لعملية تخطيط وتسويق ذكية من إدارة الأهلي التي باتت تملك الآن نموذجًا وبداية في كيفية اختيار الصفقات القادرة على تقديم قيمة فنية حقيقية وعند إعادة تسويقها تحقق عائدًا ماديًا ضخمًا في وقت قصير.. والأمر تكرر مع التونسي محمد بن رمضان والسلوفيني جراديشار.. هذه النقلة التى بات يتبعها الأهلي يجب أن تكون بداية لنهج جديد في تعامل الأندية المصرية مع ملف التعاقدات.. تألق وسام وتنافس عدد من الأندية الأوروبية والخليجية للحصول على خدماته وضعا مسئولي الأهلي في حيرة من أمرهم ما بين الاستفادة من وجود اللاعب وصعوبة تعويضه بما يملكه من مهارات تهديفية وبين المبالغ المعروضة التى يمكن أن تمنح الأهلي الفرصة في الاستثمار وشراء مهاجم آخر بنفس المواصفات وتكرار التجربة خاصة أن للأهلي سابقة نجاحات في جونيور أجايي ووليد أزارو وماليك إيفونا ومؤخرًا في بيع حمدي فتحي.. الأمر الذي عوّض خسائر النادي في صفقات برونو سافيو وموديست ومكيسوني وغيرهم.
رهان الأندية المصرية لتنمية مواردها وزيادة استثماراتها يجب أن يأتي من اكتشاف العناصر الواعدة من اللاعبين الناشئين سواء المحليين أو الأفارقة.. فالحلول وصفقات الإنقاذ لن تأتى جميعها من أوروبا مثلما حدث مع وسام لكن عن طريق البحث بين ناشئين صغار في أفريقيا بمعرفة كشافين محترفين يجوبون القارة ويلتقطون المواهب الصغيرة التى يتم صقلها محليًا ثم إعادة بيعها إلى أوروبا في وقت لاحق فيتحولون إلى صفقات رابحة تعتمد عليهم الأندية في تنمية مواردها.
يجب أن يبقى هناك نظام وإستراتيجية جديدة داخل الأندية المصرية للاستثمار في اللاعبين والتنوع في الموارد وعدم الاكتفاء بدور المستهلك والتحول إلى الإنتاج بتبني لاعبين ناشئين وتسويقهم سواء من الأجانب أو من المحليين.. وهذا يتطلب أكثر من مجرد رؤية فنية، بل يتطلب إنشاء قطاع استثماري قوي داخل كل نادٍ يضم خبراء في صناعة كرة القدم ومسوّقين على مستوى عالٍ من الكفاءة يفكرون بعقلية رجال الأعمال ويؤمنون بأن كرة القدم ليست فقط رياضة.. بل صناعة متكاملة تدار برءوس أموال وتحكمها سياسة المكسب والخسارة.. وهناك عدد من اللاعبين ظهروا في الموسم الأخير للدوري يمثلون نواة للفكر الاستثماري محمد بن رمضان وجراديشار في الأهلي ومايلي والشيبي في بيراميدز وبناتيك في الزمالك جميعهم صفقات رابحة استفادت الأندية من وجودهم وسيحققون مكاسب عند إعادة بيعهم.