موجة من التحذيرات والقلق تجتاح مجتمع مستخدمي أندرويد وجيميل حول العالم، بعد إعلان جوجل تحديثات جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي بشكل أعمق، ما يطرح تساؤلات خطيرة حول مستقبل الخصوصية الرقمية وحجم تحكم المستخدم في بياناته الشخصية، وفقا لـ فوربس.
موضوعات مقترحة
تواجه جوجل واحدة من أكبر تحدياتها الأخلاقية والتقنية في الوقت الحالي، بعد إعلانها الرسمي عن إدخال تحسينات واسعة تعتمد على الذكاء الاصطناعي في خدماتها الأساسية مثل جيميل وأجهزة أندرويد. هذه التحديثات التي تم تسويقها باعتبارها "قفزة في الذكاء والراحة"، تخفي في طياتها إشكاليات خطيرة تتعلق بإمكانية وصول تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى بيانات حساسة، بل وربما إلى محادثات خاصة للغاية، حتى دون موافقة صريحة من المستخدم.
تحديثات جيميل: ذكاء اصطناعي على حساب التشفير
تطبيق جيميل، الذي يستخدمه أكثر من ملياري شخص حول العالم، يستعد ليكون أكثر ذكاءً من أي وقت مضى. لكن الذكاء هنا له ثمن. فمع التوسع في تقديم مزايا مثل البحث الذكي والردود التلقائية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، تُثار المخاوف بشأن قدرة هذه التقنيات على تحليل محتوى الرسائل الإلكترونية، بما فيها الرسائل الشخصية والسرية، دون حماية حقيقية عبر التشفير الكامل.
الجدل لا يتوقف عند هذا الحد، إذ تزامنت هذه التحديثات مع مبادرات سابقة لتعزيز التشفير من طرف إلى طرف، ما يضع المستخدم في معادلة يصعب توازنها: إما أن يحصل على تجربة ذكية وسريعة، أو أن يحافظ على أقصى قدر من الخصوصية.
الجدل ينتقل إلى هواتف أندرويد: هل يقرأ "Gemini" رسائلك؟
موجة جديدة من القلق اجتاحت مستخدمي هواتف أندرويد بعد أن تلقى البعض رسالة بريد إلكتروني مبهمة من جوجل، تُشير إلى أن مساعد "Gemini" الجديد سيكون قادرًا على استخدام تطبيقات مثل الرسائل، واتساب، والهاتف، حتى إذا كان خيار تتبع النشاط مغلقًا.
مواقع تقنية مثل Gizmodo اعتبرت الرسالة بمثابة إعلان صريح بأن "جوجل ستطلع على محادثاتك سواء وافقت أم لا"، ما أثار موجة من الانتقادات عبر الإنترنت، رغم محاولات جوجل اللاحقة لتوضيح الموقف.
وفي تصريح خاص، أوضحت الشركة أن "Gemini" لن يستخدم هذه البيانات في تحسين النماذج الذكية ما دام تتبع النشاط مغلقًا، لكنه سيظل نشطًا لأداء مهام مثل إرسال الرسائل أو إجراء المكالمات نيابة عن المستخدم.
72 ساعة من الحفظ: أين تذهب محادثاتك؟
حتى في ظل إيقاف تتبع النشاط، تظل كل تفاعلات المستخدم مع مساعد "Gemini" محفوظة داخل حسابه لمدة 72 ساعة. وهو ما يثير قلق الكثيرين بشأن احتمال استغلال هذه البيانات في حالة تعرض الحساب للاختراق أو تسريب المعلومات.
ويُشير تقرير لموقع Android Headlines إلى أن هذا النوع من الدمج العميق للذكاء الاصطناعي داخل التطبيقات الأساسية للهواتف الذكية، يطرح تحديات حقيقية على صعيد الشفافية والثقة، خاصة مع احتمال الوصول المؤقت إلى مكالمات ومحادثات شخصية.
هل يدفع المستخدم الثمن دون أن يدري؟
مشكلة الذكاء الاصطناعي في الوقت الراهن لا تتعلق فقط بقدرته على أداء المهام، بل أيضًا بمدى فهم المستخدمين لطبيعة البيانات التي يتم جمعها، والجهة التي تُستخدم فيها. في ظل هذا الغموض، يصبح من الصعب على كثيرين اتخاذ قرارات واعية بخصوص تفعيل هذه الأدوات أو تعطيلها.
وعلى سبيل المثال، بدأت منصة واتساب مؤخرًا في اختبار ميزة جديدة تسمح بتوليد ملخصات لمحادثات المستخدمين اعتمادًا على الذكاء الاصطناعي، في خطوة قد تبدو عملية، لكنها تطرح أيضًا تساؤلات حول مدى أمان هذه التقنية، ومن الذي يطّلع فعليًا على تلك البيانات.
خبراء يحذرون: لا تدع الراحة تسرق خصوصيتك
تصف مؤسسات بحثية وتقنية هذا التوجه بأنه "تسلل ناعم" للذكاء الاصطناعي إلى حياتنا اليومية، يبدأ من تسهيل المهام البسيطة، لكنه سرعان ما يطال أدق تفاصيل الخصوصية الرقمية. وبينما ترى جوجل أن التحديثات الجديدة تعزز تجربة المستخدم، يرى كثيرون أنها تفتح الباب لمراقبة موسعة يصعب التحكم فيها لاحقًا.
المشكلة الحقيقية تكمن في أن الخيارات المطروحة للمستخدمين لا تزال محدودة وغير واضحة بالشكل الكافي. وإذا لم تبادر الشركات بتقديم مزيد من الشفافية، فقد تتحول هذه الابتكارات إلى مصدر قلق لا ينتهي.
ما الذي يجب أن يفعله المستخدمون الآن؟
في ضوء هذه التطورات، ينصح خبراء الخصوصية باتخاذ مجموعة من الإجراءات الوقائية:
مراجعة إعدادات الخصوصية داخل حساب جوجل بانتظام
تعطيل خاصية "Gemini Apps Activity" في حال عدم الحاجة إليها
تجنب منح الأذونات الشاملة للتطبيقات، خاصة تلك المرتبطة بالمراسلة أو المكالمات
متابعة تحديثات جوجل الرسمية وفهم تفاصيلها قبل القبول بأي مزايا جديدة