«مبروك يا بنتي.. نجحت النهاردة في الإعدادية» بهذه الكلمات هنأت والدة تقى محمد الجوهري ابنتها، بصوت متهدج، محاولة أن تجمع شتات الكلمات، مخاطبة ابنتها التي ودعتها في الصباح وعادت في المساء إلى مثواها الأخير.
موضوعات مقترحة
«أنا ماشية يا ماما، مع السلامة»، كانت آخر كلمات الشابة الصغيرة: قبل أن تخرج متجهة إلى عملها في إحدى مزارع العنب، دون أن تدري أن كلماتها ستكون وداعًا أبديًا.
الموت يقطف 18 زهرة على الطريق
كانت تقى واحدة من بين 18 فتاة لقين مصرعهن في حادث سير مأساوي على الطريق الإقليمي بأشمون في محافظة المنوفية؛ حيث اصطدم بالسيارة التي كانت تقلهن للعمل مع شاحنة، ليقطف الموت أرواحهن، قبل أن يقطفن عناقيد العنب.
تقول الأم الثكلى، إن ابنتها كانت طالبة في الصف الثالث الإعدادي، وأنهت امتحاناتها مؤخرًا، وكانت تنتظر نتيجة الشهادة الإعدادية، وقررت الخروج للعمل بعد انتهاء إجازة العيد، لتساعد في توفير نفقات الدراسة.
نجاح متأخر
لم تدرِ تقى أن نتيجتها ستظهر في يوم وفاتها، لتجد الأم التي كانت تنتظر أن تزف لابنتها خبر النجاح، وجدت نفسها تقف بجوار نعشها، تهمس والدموع تغلبها: «مبروك يا بنتي.. نجحتي في الإعدادية يا بنتي».
بنبرة متحشرجة وصوت يخرج من بين الحزن والانهيار، تبارك الأم لابنتها، إلا أنه وللأسف، ساد الحزن رغم النجاح، وغيب الموت تقى فلم تجنِ ثمار الفلاح.
تحكي الأم أن ابنتها كانت قد روت لها قبل أيام، عن حادث كاد أن يقع بسبب شاحنة على نفس الطريق.
تقول الأم: «طلبت منها تبطل الشغل، وقلت لها خُدي بالك من نفسك»، لكن رد تقى كان صادمًا ومؤلمًا: «المكتوب هاشوفه»، رد بدى وكأنه استسلام لقدر قد اقترب، ووداع حمل نصيبًا من اسمها «تقى».
تقى.. تحب الحياة
تقى، كما وصفتها والدتها، كانت محبة للدراسة، مجتهدة، تحلم بمستقبل أفضل رغم صغر سنها، وكانت تستمتع بالعمل مع زميلاتها، وتساعد أسرتها، لكنها لم تكن تدرك أن العمل سيأخذها بعيدًا عن أحلامها إلى الأبد.
نداء أم موجوعة: نريد عدالة وسلامة على الطرق
الأم الثكلى تطالب اليوم بتحقيق العدالة، ليس فقط لتقى، ولكن لكل الفتيات اللواتي لقين حتفهن بسبب الإهمال وسوء حالة الطرق.
.