اتشحت قرية السنابسة بمركز منوف أمس بالسواد في وداع بناتها من ضحايا الطريق الإقليمي، حيث توفيت 19 فتاة في الحادث الأليم في رحلتهن الأخيرة لجني محصول العنب من أحد المزارع.
موضوعات مقترحة
الحادث الأليم الذي أظهر حزن المصريين على تلك الزهور التي فارقت الحياة بحثا عن لقمة العيش بشرف، تطلب هذا البحث وتسليط الضوء عن «السنابسة» مسقط رأس الفتيات.
قرية كفر السنابسة
تاريخيا وجغرافيا حدد محمد حسن رمزي في موسوعته الكبرى "القاموس الجغرافي للبلاد المصرية منذ عهد قدماء المصريين حتى سنة ١٩٤٥م" موقع السنابس وتاريخ إنشائها، حيث صنفها ضمن البلاد الحديثة لمركز منوف بمحافظة المنوفية.
وقال رمزي في قاموسه الجغرافي عن كفر السنابسة: "هذا الكفر تكون في العهد العثماني، وذلك بفصله من زمام منوف، وقد ورد في دليل عامي ١٢٢٤ و١٢٢٨ هجرية، وفي تاريخ سنة ١٢٦٣ هجرية، فُصل من هذا الكفر ناحية أخرى باسم قرية عزبة السنابسة، وفي فلك زمام مديرية المنوفية في سنة ١٩٠١م، ألغيت هذه العزبة، وأضيف زمانها كما كان إلى كفر السنابسة، فصارا ناحية واحدة باسم كفر السنابسة وعزبتها".
هذا بالنسبة للموقع والتاريخ الإداري لكفر السنابسة، لكن القرية تملك تاريخا أبعد من هذا ، فكلمة "السنابسة" ترجع إلى "سنبس" أحد بطون قبيلة طئ العربية القحطانية اليمنية.
دخل بنو سنبس ضمن من دخل مصر من القبائل العربية، وانقسموا قسمين، بعضهم رحل إلى العراق - والآخر استقر في مصر.
وسنبس بطن من قبيلة طئ من كهلان القحطانية وهم بنو سنبس ابن معاوية بن جرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث ابن طيء.
وكان لسنبس من الولد: عمرو وعدي، وقد ذكرهما الحمداني في كتابه الأنساب، وأشار إلي أن حيا منهم استقر ببطاح العراق، وطائفة بدمياط قال وكان لهم شأن أيام الفاطميين وعد منهم ثلاثة أحياء وهم: الخزاعلة وبنو عبيد وجموح، وقال الحمداني عن ذلك:"من عذرة جماعة بدمياط وما حولها مخالطون بسنبس".
أما القلقشمدي في موسوعته "صبح الأعشى" فقال:سُنبُس بضم السين المهملة وسكون النون وضم الباء الموحدة وسين مهملة في الآخر، وهم بنو سنبس بن معاوية بن جرول بن ثعل ابن عمرو بن الغوث بن طيء، وقد ذكر الحمداني أن منهم طائفة بثغر دمياط وأنه كان لهم شأن أيام الخلفاء الفاطميين وعد منهم ثلاثة بطون وهم الخزاعلة وعيد وجموح، والإمرة في زماننا هذا فيهم في الخزاعلة في بني يوسف بمدينة سخا من الأعمال الغربية قال الحمداني ومنهم طائفة بالبطائح من بلاد العراق.
ومن أشهر السنابسة في التاريخ، الصحابي عدي بن حاتم السنبسي الطائي، وهو ابن حاتم الطائي أجود العرب وأكرمهم، كان عدي بن حاتم من ألدّ أعداء الإسلام، إلا أنه وبعد إسلام أخته سفانة، وبعدما وصله أن الرسول صلى الله عليه وسلم يتمنى إسلامه ليتعاون معه، وفد على الرسول صلى الله عليه وسلم في سنة 7 هـ - 628م، وكانت وفادته لاستكشاف أمر هذا الرسول الجديد ولم يكن في نيته أن يسلم، ولما وصل المدينة قابل محمد في مسجده ولاحظ أنه لا يدعى بالملك أو الزعيم، فعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يسعى للملك أو الزعامة، فأخذه صلى الله عليه وسلم إلى بيته وهناك حادثه في أمر الإسلام وكان مما قال له: " لعلك يا عدي إنما يمنعك من الدخول في هذا الدين ما ترى من حاجة المسلمين وفقرهم، فوالله ليوشكن المال أن يفيض فيهم، حتى لا يوجد من يأخذه، ولعله يا عدي إنما يمنعك من الدخول في هذا الدين ما ترى من قلة المسلمين وكثرة عدوهم، فوالله لتوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور هذا البيت لا تخاف إلا الله، ولعله يا عدي إنما يمنعك من الدخول في هذا الدين أنك ترى أن الملك والسلطان في غيرهم، فهم ضعاف، وأيم الله لتوشكن أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فتحت عليهم، وإن كنوز كسرى قد صارت إليهم".
وإلى جانب قرية "السنابسة" في المنوفية، توجد قريتان أخريان تُسمى بـ"السنابسة"، وكلتاهما في الوجه القبلي، أما الأولى فتوجد بمحافظة بني سويف، وهي ما كانت تُسمى قديمًا البهنسا أو البهنساوية، وهناك جزيرة السنابسة بمركز دشنا في محافظة قنا.
وإلى الآن تنسب هذه القرى الثلاث إلى تلك القبيلة العربية اليمنية العريقة.