في رحلته الممتدة، والتي يمكن احتسابها بأول تجاربه السينمائية التي ظهر فيها عام 1978 في فيلم "انتبهوا أيها السادة"، وهو طفل، ثم "البعض يذهب للمأذون مرتين" و"المشبوه"، و"قاتل ما قتلش حد"، وحتى فيلمه الأخير "المشروع إكس"، وفيلمه المنتظر "The Seven Dogs"، يمكن تصنيف كريم عبد العزيز في قائمة من نطلق عليهم ممثلين "بدأوها من الصفر"، ناهيك عن أنه نجل المخرج محمد عبدالعزيز، وعمه المخرج عمر عبدالعزيز، وفي عائلته أيضًا موهوبون أمثال المخرج محمد ياسين، أو أنه خريج معهد السينما قسم الإخراج عام 1997.
هو الممثل الأكثر حضورًا حاليًا، ولم يعتمد في مسيرته لا على عائلته الفنية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تجد في قاموس مسيرته كلمة "واسطة". طرحت السؤال على نفسي قبل الشروع في كتابة تلك السطور: لماذا كريم عبد العزيز؟ هناك دافع قوي. فلم أكتب عن فيلم "المشروع إكس" بعد طرحه في دور العرض مباشرة، لأن حملة ما شممت رائحتها بعد نزول الفيلم بأيام، بها ما لم يرحني، فحتى وإن كانت في الفيلم بعض الفراغات، أو يؤخذ عليه أن به اقتباسات في الفورمات أو الفكرة، فالممثل بموهبته وأدائه، وقدرته على أن يحافظ على تواجده فنيًا مع جمهوره، يثبت أن القاعدة تقول: "الممثل مثل السلعة – عرض وطلب"، وهو منذ سنوات صاحب أكبر أسهم في الطلب. هذا عن كريم الممثل.
وبدون أدنى مجاملة، فيلم "المشروع إكس" قد يكون تجربة سينمائية روعي فيها الجانب التجاري، كأي عمل سينمائي يُنتج لموسم كالأعياد، حيث عُرض في موسم عيد الأضحى. ولولا أن حسابات، ما زلت أراها، لم تكن عادلة، وأتت بنتائج سلبية على ما عُرض في هذا الموسم "المشروع إكس" و"ريستارت"، إذ تراءى للمنتجين والغرفة أن إفساح المجال لهما قد يُسهم في تحقيق الفيلمين أعلى إيرادات، وباقي الأفلام التي كانت مُدرجة للعرض في هذا الموسم آنذاك تم تأجيلها لتُعرض خلال الأيام المقبلة. التخطيط ظلم الفيلمين، فلو أنه تم عرض الستة أفلام، لكانت المقارنات بين ما هو جيد ومتوسط وغير جيد في صالح الجمهور والأفلام المعروضة، مجرد رأي، بالطبع. ومع ذلك، فيلم مثل "المشروع إكس" من أكثر التجارب السينمائية التي أوضحت كم أن السينما المصرية لديها ما يمكن أن تخرج به من دوائر مغلقة، لم يجرؤ الكُتاب والمخرجون على التجريب بعيدًا عنها خلال سنوات مضت: ثالوث مرعب، مخدرات، نصب واحتيال، زواج وطلاق، مع أننا إن فكرنا بهدوء، لقدمنا عشرات الأفكار.
الفكرة التي بُني عليها فيلم "المشروع إكس" عن عالم آثار يعكف على إعداد مشروع في غرفة سرية بالهرم الأكبر، عن الطاقة، يدخل في صراع مع من يحاولون استغلال أفكاره في أكثر من دولة، ويتهم بقتل زوجته، ويحاول تبرئة نفسه – على الأقل أمام ابنته التي تعتقد أنه السبب في مقتلها. الفيلم كتبه وأخرجه بيتر ميمي، وهو "شاطر" في تلك النوعية من الأعمال التي تتميز بالخروج عن المألوف، والأكشن معًا. قدّم إياد نصار في دور قد يكون مألوفًا، لكنه فاجأنا بالممثل الصاعد أحمد غزي، بعد أن ظهر بقوة في رمضان الماضي من خلال مسلسل "قهوة المحطة". وبالطبع استفاد غزي بتحقيق معادلة انتشار جيدة تلفزيونيًا وسينمائيًا، ونتمنى أن يواصل المسيرة بنفس المعدل والأداء، أو أفضل.
ماجد الكدواني – كعادته – الممثل الغامض الذي يفاجئك دائمًا بأداء بارع، ومحمود البزاوي الموهوب في التعايش مع شخصياته بشكل مدهش، وهنا الزاهد التي يشهد لها الجمهور بتطور واضح، حتى ضيوف الشرف كأنهم يحاولون التأكيد بأن مشهدًا لهم مع بيتر ميمي وكريم عبد العزيز يكفي، حتى ياسمين صبري لم يكن لتقدم أكثر مما رُسم لها في شخصية "مريم". الصورة التي قدمها حسين عسر، وكاميرا تحت الماء لعمر الدسوقي، وموسيقى أمين بوحافة، وإنتاج تامر مرسي، ومونتاج أحمد حمدي، وصوت طارق علوش، كلها عناصر تؤكد أننا أمام تجارب تعيد هيكلة وجه الفيلم المصري، لتقدم نماذج غير مألوفة مثل "المشروع إكس".