قال الخبير الاقتصادي سمير رؤوف، شهدت مصر في الفترة الحالية وتحديدا منذ ثورة 30 يونيو جهودا مكثفة لتعزيز بيئة الاستثمار الصناعي بهدف زيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي وتنويع مصادر الدخل والتمويل وتستند هذه الجهود إلى رؤية مصر 2030 وإستراتيجية التنمية الصناعية التي تهدف إلى تحويل مصر إلى مركز صناعي إقليمي من خلال تنمية المناطق الصناعية والاستثمارية ومحور قناة السويس وما تحقق في الصناعة وشهد القطاع الصناعي في مصر نموًا ملحوظًا في الأداء خاصة في قطاع الصناعات التحويلية غير البترولية.
موضوعات مقترحة
وأضاف لـ بوابة الأهرام، أن مؤشر الإنتاج الصناعي (باستثناء تكرير البترول) شهد نموًا بنسبة 6% في الربع الأول من العام المالي 2024/2025 مقارنة بانكماش بنسبة 7.7% في الفترة نفسها من العام المالي السابق.
وزيادة نمو الصناعات التحويلية غير البترولية و الذي سجل هذا القطاع نموا كبيرا للربع الثالث على التوالي حيث بلغ معدل نموه 17.7% في الربع الثاني من العام المالي 2024/2025.
مع مساهمة في الناتج المحلي الإجمالي ارتفعت مساهمة الصناعات التحويلية في نمو الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 1.9 نقطة مئوية في الربع الثاني من العام المالي 2024/2025 مقارنة بـ -1.4 نقطة مئوية في الربع المناظر من العام السابق.
الصادرات الصناعية
وتابع: "شهدت الصادرات الصناعية نموا كبيرا؛ حيث ارتفعت بنسبة 73.8% لتصل إلى 32.5 مليار دولار في العام المالي 2023/2024 مقارنة بـ 18.7 مليار دولار في العام المالي 2013/2014.
وتعد أهم القطاعات الصناعية:
- الصناعات الغذائية و التي بلغت صادراتها أكثر من 6 مليارات دولار في عام 2024.
- الصناعات الدوائية تغطي 93% من احتياجات السوق المحلية وبلغت صادراتها 600 مليون دولار في عام 2024.
- صناعات كيماوية وأسمدة و الملابس جاهزة و الغزل والنسيج وصناعات هندسية وإلكترونية شهدت هذه القطاعات نموا إيجابيا.
- المناطق الصناعية زاد عدد المناطق الصناعية بنسبة 21.5% ليصل إلى 147 منطقة في عام 2024 مقارنة بـ 121 منطقة في عام 2014.
جذب الاستثمار الأجنبي
أشار إلي أنه، علي صعيد ما تحقق في الاستثمار، فقد شهدت مصر طفرة كبيرة في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) في عام 2024 مما يعكس تحسن بيئة الاستثمار وثقة المستثمرين العرب و الأجانب و التي شهدت قفزة نوعية في الاستثمار الأجنبي المباشر احتلت مصر المركز التاسع عالميا في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2024 محققة 47 مليار دولار في العام السابق وهو ما يمثل قفزة هائلة من المركز 32 في عام 2023 عندما جذبت 10 مليارات دولار.
ولفت إلى أن مشروع رأس الحكمة كان من أبرز العوامل التي ساهمت في هذه القفزة إلى جانب صفقات كبرى أخرى أبرمتها الدولة مع زيادة نمو في الربع الأول من العام المالي 2024/2025 و التي سجل الاستثمار الأجنبي المباشر صافي تدفق للداخل بلغ 2.7 مليار دولار في الربع الأول من العام المالي 2024/2025 بنمو 15% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
حوافز قدمتها الحكومة المصرية
ونوه إلي أن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية قدمت مبادرة "حوافز تميز الأداء في إدارة الاستثمار العام" لتحفيز المحافظات على تحسين بيئة الاستثمار المحلي.
وتم تمديد حزمة الحوافز الاستثمارية للمشاريع العقارية والخدمية في المدن الجديدة لمدة عام آخر.
وتمت الموافقة على تخفيض سعر الفائدة على الأقساط للمطورين العقاريين عند 15% حتى 15 مايو 2026 مع قروض ميسرة للصناعة و تم إطلاق مبادرة بقيمة 30 مليار جنيه مصري من القروض بفائدة 15% لشراء الآلات وخطوط الإنتاج.
توطين الصناعة وزيادة المكون المحلي
وتأتي أولويات الدولة لأبرز المشاريع الحالية؛ حيث العديد من المشروعات الصناعية والاستثمارية التي يتم العمل عليها حالياً والتي تعكس التوجه نحو توطين الصناعة وزيادة المكون المحلي في صناعة السيارات والجلود والأدوية والرخام و العديد من المشروعات القائمة علي الأيدي العاملة، إضافة الي مشروعات إعادة التدوير منها: مصانع لإعادة تدوير الكاوتش والمخلفات الزراعية لإنتاج الإيثانول وقطاع البتروكيماويات ومشاريع لإنتاج وقود الطائرات المستدام، والصناعات البلاستيكية والكيماوية ومشاريع لإنشاء مصانع مواسير بلاستيكية ومستلزمات الأبواب والنوافذ وجذب استثمارات ضخمة في مختلف القطاعات الصناعية والملابس الجاهز ومدن صناعية متخصصة مثل مدينة الروبيكي للجلود التي تضم العديد من المصانع العاملة.
تحديات تواجه الصناعة
قال الخبير الاقتصادي سمير رؤوف، على الرغم من الإنجازات المحققة لا تزال هناك تحديات رئيسية تواجه قطاع الصناعة والاستثمار في مصر، حيث لا يزال التضخم المرتفع وسعر صرف الجنيه المصري يشكلان تحديًا للقدرة الشرائية للمواطنين وتكاليف الإنتاج.
ومع تذبذب أسعار الطاقة على الرغم من جهود الحكومة قد يؤثر تذبذب إمدادات الغاز والكهرباء على بعض المصانع.
كما تلعب التحديات الجيوسياسية دورا كبيرا على سلاسل الإمداد مما قد يؤثرعلى استيراد المواد الخام، وعلى الرغم من التسهيلات التي تقوم بها الحكومة لا تزال بعض الإجراءات الإدارية تمثل تحديًا للمستثمرين.
الاقتصاد المصري
وقال الخبير الاقتصادي سمير رؤوف أإنه - من وجهة نظري - فإن الأداء الاقتصادي في مصر وخاصة في قطاعي الصناعة والاستثمار يعكس إرادة سياسية قوية وتوجهًا جادًا نحو الإصلاح الاقتصادي و يمكن تلخيص رأيي في النقاط التالية:
الإيجابيات:
- وجود إستراتيجية وطنية واضحة مثل رؤية مصر 2030 واستراتيجية التنمية الصناعية يمنح المستثمرين رؤية مستقبلية واضحة ويساعد على توجيه الاستثمارات نحو القطاعات ذات الأولوية.
- القفزة الكبيرة في حجم الاستثمار الأجنبي المباشر تؤكد أن مصر أصبحت وجهة جذابة للمستثمرين الدوليين، وهذا النجاح ليس فقط نتيجة لمشروع رأس الحكمة بل يعكس أيضًا الثقة في الإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها الحكومة.
- النمو القوي في قطاعات مثل الصناعات التحويلية وتكنولوجيا المعلومات والسياحة والنقل يظهر تنوعًا في مصادر النمو الاقتصادي مما يقلل من الاعتماد على قطاع واحد.
- المبادرات الحكومية مثل حوافز الأداء وتمديد الحوافز للمدن الجديدة وتوفير قروض ميسرة للصناعة تعكس حرص الحكومة على دعم القطاع الخاص وتحفيزه على الاستثمار ومشاريع البنية التحتية المشاريع الكبرى في البنية التحتية (مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس والمدن الصناعية الجديدة) تخلق بيئة عمل أفضل وتوفر فرصًا استثمارية هائلة.
التحفظات والتحديات التي يجب العمل عليها
- يجب التأكد من استدامة النمو في الاستثمار الأجنبي المباشر وعدم اعتماده بشكل كبير على صفقات ضخمة لمرة واحدة بل على بيئة استثمارية مستقرة وجاذبة باستمرار.
- يجب الاستمرار في تبسيط الإجراءات بشكل أكبر للقضاء على أي بيروقراطية قد تعيق المستثمرين الصغار والمتوسطين
- التضخم لا يزال يشكل تحديًا كبيرًا؛ حيث يؤثر على تكاليف الإنتاج والقدرة الشرائية وبالتالي على حجم الطلب المحلي. يجب أن تستمر الحكومة والبنك المركزي في جهودهما لاحتواء التضخم.
- استقرار سعر الصرف هو عامل حاسم لجذب الاستثمار و يجب العمل على زيادة تدفقات العملة الصعبة لتجنب التذبذب في المستقبل.
واختتم رؤوف أن مصر في تسير في مسار إيجابي نحو تعزيز مكانتها الصناعية والاستثمارية، مضيفا أن الإنجازات التي تحققت في الفترة الأخيرة خاصة في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر ونمو القطاعات الصناعية تؤكد على أن الجهود الإصلاحية بدأت تؤتي ثمارها ومع ذلك فإن الاستمرار في مواجهة التحديات الهيكلية مثل التضخم والبيروقراطية سيكون مفتاحا لضمان استدامة هذا النمو وتحقيق رؤية مصر 2030 بالكامل و الاستثمار في الصناعة هو المحرك الحقيقي للتنمية المستدامة ، بما يؤكد أن مصر تسير في الاتجاه الصحيح لتصبح مركزا صناعيا قوي في المنطقة.