يعد الدكتور محمد جمال الدين الفندي أحد أهم رواد علم الفلك بالعالم، وأحد أبرز علماء مصر فى القرن العشرين الذين تجلت على أيديهم فكرة الإعجاز العلمي للقرآن الكريم والسنَّة، المتبحر بين علوم السماء وعلوم الدين المازج بينهما مقدما إرثًا علميًا وثقافيًا زاخرًا أثّر بعمق في مصر والعالم العربي، نستعرض لمحات من سيرته وتاريخه المجيد في ذكرى رحيله في 26 يونيو 1998م.
موضوعات مقترحة
المولد والنشأة
وُلد الدكتور الفندي عام 1913م بالسودان، وأتم دراسته الابتدائية بمدرسة عطبرة، وانتقل مع أسرته إلى مصر عقب ثورة السودان عام 1925م، حيث التحق بمدرسة الجمعية الخيرية الإسلامية الإعدادية، ومدرسة الإبراهيمية الثانوية، ومنها حصل على شهادة البكالوريا (الثانوية) بمجموع يؤهله للالتحاق بكلية الطب، واستجابة لإرادة أسرته التحق فعلاً بكلية الطب، ثم قام بسحب أوراقه منها للالتحاق بكلية العلوم نظرُا لميله الشديد لدراسة العلوم، وفي كلية العلوم تتلمذ على يد الدكتور علي مصطفى مشرفة أستاذ الفيزياء حيث درس معه «نظرية النسبية» لأينشتاين، ونظرية الكهرومغناطيسية، وتخرج في كلية العلوم بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة) وحصل على شهادة البكالوريوس في الطبيعة الخاصة مع مرتبة الشرف عام 1935م.
الفندي والحرب العالمية الثانية
اتجه إلى إنجلترا الفندي للحصول على شهادة الدراسات العليا، فحصل على دبلوم الأرصاد من جامعة لندن عام 1937م، وفي عام 1939م اندلعت الحرب العالمية الثانية، وانتُدب خلالها خبيرًا لجيش الحلفاء بالشرق الأوسط، وخلال هذه الفترة قام بإجراء عدد من البحوث المهمة نشرتها وزارة الطيران البريطانية والمجمع الملكي البريطاني، وحصل بموجبها على وسام الإمبراطورية البريطانية، واستطاع بهذه البحوث الحصول على درجة الدكتوراه.
الفندي والسجل الوظيفي
عمل الدكتور الفندي مدرسا للفيزياء بكلية العلوم جامعة الإسكندرية من 1942م، وتدرج فيها حتى اصبح استاذًا بها إحتى عام 1956م.
مؤسس قسم الفلك والأرصاد الجوية بجامعتي القاهرة والأزهر
في عام 1956م، انتقل الدكتور الفندي إلى جامعة القاهرة، وقام بتأسيس قسم الفلك والأرصاد الجوية بالجامعة، كما أنشأ القسم نفسه بجامعة الأزهر، ثم أستاذًا متفرغًا من 1973م، وامتد نشاطه إلى جامعات عربية مثل جامعة الملك عبد العزيز (1974–1980م)، وأنشأ أول وحدة لدراسة تلوث الهواء بالمركز القومي للبحوث.
الإنجازات العلمية
يقول الدكتور محمد رجائي الطحلاوي في كتابه «أعلام أسيوط»: " قدَّم الدكتور الفندي للمكتبة العلمية سلسلته القيمة "الإسلام والعلم" في سبعة أجزاء باللغة الإنجليزية، والتي كان له فيها قصب السبق في تقديم الجانب العلمي المشرق للحضارة الإسلامية، وبلغت مؤلفاته العلمية المتخصصة أكثر من 70 كتابًا حول تاريخ العلوم، والحضارة العلمية للمسلمين، إلى جانب عشرة كتب في علم الفلك والأرصاد الجوية، وهي أولى لبنات هذا العلم باللغة العربية في الجامعات المصرية والعربية، كما ترجم الكتاب المهم «تاريخ الفيزياء» لجورج جاماو».
مؤسس مدرسة البحث في الإعجاز العلمي للقرآن والسنة
كان للدكتور الفندي الفضل في نشر الثقافة العلمية من منظور إسلامي بين الجماهير، من خلال نشره المقالات العلمية في الجرائد والمجلات، وعن طريق أحاديثه بالإذاعة والتلفاز في العديد من فروع العلم، خاصة الفلك وعلوم الفضاء والفيزياء، والأرصاد الجوية، التي يعتبر واحدًا من مراجعها الأساسية في جامعات العالم، وإليه يرجع الكثير من الفضل في تأسيس مدرسة أصيلة لإعادة تقديم التراث العلمي للمسلمين، وإعادة النظر في المشروعات العلمية لمئات العلماء المسلمين من أمثال ابن الهيثم والبيروني وجابر بن حيان وغيرهم، ومن عطاء هذه المدرسة تأسست "مدرسة البحث في الإعجاز العلمي للقرآن والسنة في العصر الحديث" وفي هذا الميدان قدم الدكتور الفندي أكثر من مائة كتاب وبحث ورسالة، ولعل أهم كتبه ما يلي:
"العروج أو الصعود قدمًا في السماء"، " من المنهج العلمي في القرآن الكريم: الأرض وسقفها"، "تفصيل بعض ظواهر الكون"، "إظهار حقيقة أجرام السماء لكي لا تُعبد"، "العدد والحساب في القرآن الكريم"، "استبعاد عنصر المصادفة في القرآن الكريم"، "كواكب أخري مسكونة....وغيرهم"، "لماذا أنا مؤمن ".
الفندي وتبسيط العلوم
أهم الكتب التي كتبها الدكتور الفندي هي التي قام فيها بتبسيط العلوم وجعلها بمثابة ثقافة علمية يقرؤها الناس في كتب ورسائل منشورة من وزارة الثقافة وهيئة الكتاب مثل: المريخ، 1960م"، "الفضاء الكوني1961 م"، "غزو الفضاء، 1963م"، "الكون الغامض 1994م"، "رواد الصواريخ 1959م"، "تابع الشمس1967م"، "كل شيء عن الأقمار الصناعية وسفن الفضاء 1961م"، "سكان السماوات 1959م"... والعديد من الكتب والأبحاث، وكان يقوم بالرد على الكثير من الخرافات المنسوبة إلى العلم، لأن دراسة كتاب الله المنظور "الكون" دراسة علمية سليمة بعيدة عن الخرافات، ودراسة كتاب الله المسطور "القرآن الكريم" في ظل دراسة الكون، إنما تقود حتمًا إلى الإيمان خصوصًا في عصر العلم.
ثقب الأوزون.. خرافة من وجهة نظر الفندي
من أهم آراء الفندي العلمية، أن مسألة "ثقب الأوزون" التي تتهدد البشرية إنما هي محض خرافة، وذلك لأن الأوزون لا يلعب أي دور في النشاط الجوي بأسره، وقوام سقف الأرض السقف المرفوع هو غاز الأوزون أو النيتروجين بنسبة 80 % من حيث الحجم، بالإضافة إلى غاز الأكسجين الفعال بنسبة 20 %، ويختلط معها نحو 1% غازات نادرة مثل النبتون، والكربتون، والزينون، والهيليوم، تختلط معها مقادير من غاز ثاني أكسيد الكربون، راحت تتزايد في عصر الصناعة، ورغم أن الأكسجين هو الغاز الفعال في الهواء الجوي، إلا أنه لقدرة الله وحكمته لو زادت نسبته عن هذا القدر، ما أمكن إطفاء أي حريق يشب على الأرض، أما إذا نقصت، كما يحدث من عمليات حرق البترول والفحم وغيرها على نطاق واسع، فإن أوخم العواقب قد تحدث بفعل ارتفاع درجة الحرارة، أما الحديث عن الأوزون وطبقته كما شاع أخيرًا فإن ذلك بعيد عن مجال العلم السليم؛ لأن السقف المرفوع وهو مرفوع إلى حوالي ألف كيلو متر فوق سطح الأرض، بغير عمد ترونها، ولكن بفعل قوة اندفاع الغازات إلى الفضاء الكوني، وذلك من خصائص الغازات أنها تندفع بقوة تلقائيًا لتملأ الفراغ الذي تعرض له، وهكذا يندفع هواء الأرض إلى أعلى "الفضاء الكوني"، والذي يمسكه ويشده إلى سطح الأرض ويحول دون تسربه إلى الفضاء الكوني هو إمساك أو قبضة الجاذبية الأرضية له وتتعادل القوتان فيظل سقف الأرض مرفوعًا ومحفوظًا إلى ما شاء الله تعالى.
ويقول الفندي إنه أول من قاس الأوزون في مصر منذ 50 عامًا، ولا يزال جهاز الأوزون موجودًا في بيته، وأن ما يطلقون عليه الآن ثقب الأوزون ما هو إلا دعايات تقوم بها شركات صناعية كبرى خاصة في أمريكا وأوروبا لترويج غاز جديد بدلاً من "الفريون" ومن ثم ترويج صناعات حديثة متعددة، ولكن علميًا وجعلنا السماء سقفا محفوظا يستحيل أن يؤثر ثقب في الغلاف الجوي للأرض.
كما شارك أيضا الدكتور الفندي في تطبيق نظريات علمية مثل انخفاضات قبرص الجوية، ذبذبات جبهة التجمع تحت المدارية، وعلاقتها بأمطار فيضان النيل، وفق دراسات نشرها في مجلات بريطانية وأمريكية ووزارة الطيران البريطاني
الأوسمة والتكريمات
وسام الإمبراطورية البريطانية في العلوم من الطبقة الممتازة عام 1946م، وقد أعاده بسبب العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م، جائزة الدولة العلمية في العلوم الطبيعية عام 1947م ، جائزة الجمعية المصرية للعلوم الرياضية والطبيعية عام 1948م ، جائزة فاروق الأول في العلوم الطبيعية عام 1950م ، وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولي عام 1983م ، عضو المجمع العلمي المصري ، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ، رئيس لجنة خبراء العلوم بالمجلس الأعلي للشئون الإسلامية ، عضو المجمع المصري للثقافة العلمية ، رئيس الجمعية المصرية الفلكية ، جائزة الدولة التقديرية في العلوم عام 1996م.
رحيل الدكتور الفندي
عقب مسيرة علمية وأكاديمية حافلة امتدت لأكثر من نصف قرن، حقّق خلالها الدكتور محمد جمال الدين الفندى إنجازات علمية وطنية وعالمية، وبنى جسورًا بين البيئة والدين والعلوم، مخلفًا إرثًا زاخراً بالأقسام، الكتب، والرؤى، رحل عن عمر يناهز 85 عامًا وذلك يوم 26 يونيو 1998م.
د. جمال الدين الفندي
مؤلفات د. جمال الدين الفندي
مؤلفات د. جمال الدين الفندي
مؤلفات د. جمال الدين الفندي
مؤلفات د. جمال الدين الفندي
مؤلفات د. جمال الدين الفندي
مؤلفات د. جمال الدين الفندي
مؤلفات د. جمال الدين الفندي