ملاحظات بعد وقف إطلاق النار

26-6-2025 | 15:27

بعد 12 يومًا من بدء العدوان الإسرائيلي على إيران؛ وردها بالتبعية؛ يمكن التمعن في الأحداث لقراءتها بهدوء؛ حتى يتسنى الخروج ببعض الملاحظات المهمة؛ لعلها تسهم في استقراء ما هو قادم في الأفقين القريب والبعيد.

بداية؛ ظهر من خلال التسريبات الصحفية أن هناك تواصلًا بشكل ما بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران؛ وهو ما جعل الإيرانيين ينقلون اليورانيوم المخصب قبل الضربة الأمريكية لفوردو بأكثر من 24 ساعة؛ وهو ما بينته الأقمار الصناعية بجلاء؛ حيث أظهرت عددًا كبيرًا من السيارات تقوم بنقل يورانيوم أيًا كانت درجة تخصيبه.

وتلك الأقمار لم تلاحظ إلى أين ذهبت تلك السيارات؛ هي فقط صورت وجودها جوار المنشأة تقوم بنقل أشياء تم استنتاج أنها يورانيوم؛ لكن لم تذهب لمتابعتها!

حينما ردت إيران على الضربة الأمريكية لمنشأة فوردو بضرب قاعدة العديد الأمريكية بقطر؛ بحسب التسريبات أُبلغت قبلها الولايات المتحدة بموعد الضربة، وبناء عليه كانت القاعدة خالية من الجنود والأسلحة، ولكن الأمر كان لحفظ ماء الوجه فقط؛ وقد كان.

بكل تأكيد الخسائر الإيرانية كبيرة وموجعة؛ على مستوى العلماء والقادة العسكريين؛ وكذلك المدنيون؛ إضافة لخسائر لم يستطع الخبراء حصرها بخصوص المنشآت النووية.

لكن في المقابل الخسائر الإسرائيلية ليست قليلة بالنظر لحجمها وتنوعها والخسائر البشرية والتقنية لم تكن قليلة؛ بل يمكن القول بأنها المرة الأولى التي تتعرض فيها تل أبيب وحيفا وبئر سبع وشمال وجنوب إسرائيل لكل هذا الضرب؛ بل شهد العالم أن إيران تملك قدرات عسكرية جعلتها تهين القدرة العسكرية الإسرائيلية بوضوح. 

ويجب ألا ننسى أن إسرائيل تحارب بقدرات عسكرية أمريكية لا حدود لها؛ وفي المقابل تحارب إيران بمفردها كما كان ظاهرًا.

لم يستطع أحد التأكيد على الرواية الأمريكية والإسرائيلية بالقضاء على القدرات النووية الإيرانية بشكل تام؛ أو حتى تأخيرها لسنوات طويلة كما يروجون. فلم نسمع أو نرَ أي تسريب ولو بسيطًا للغاية؛ نتيجة ضرب المنشآت النووية الإيرانية؛ وهو ما يجعل تلك الروايات محل شك.

هناك أنباء عن انسحاب إيران من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية (NPA) وهو ما يومئ إلى تجميد التزاماتها؛ ويؤدي إلى تجمد الرقابة الدولية على المنشآت النووية الإيرانية. والمادة 10 في (NPA) تمنح إيران الحق في الانسحاب بشروط أهمها إرسال إشعار قبل 3 أشهر وشرح الأحداث الاستثنائية؛ وأعتقد أنها ليست بتلك الصعوبة في التنفيذ؛ لأن الضربات التي تعرضت لها منشآتها حدث استثنائي بكل تأكيد، ويمكن اعتبارها ورقة ضغط قبل العودة إلى طاولة المفاوضات مرة أخرى.

أظهر ترامب قوته النافذة وتأثيره الواضح على إسرائيل؛ حينما أعلن عن وقف إطلاق النار بين البلدين؛ وحينما خرقته إسرائيل عنّف نتانياهو، كما أُعلن وطالبه بوقف الحرب فورًا؛ واستجاب نتنياهو؛ ليحول على الفور وجهة آلته العسكرية صوب غزة بكامل قوتها؛ ليصاب بمفاجأة آلمته كثيرًا؛ وهي فقد 7 جنود بينهم ضابط في كمين نصبته المقاومة الفلسطينية؛ لتؤكد أنها ما زالت تملك قدرات تمكنها من تحقيق نصر حتى ولو رمزيًا بعدما يقارب من 21 شهرًا من الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة الأعزل تمامًا!

أخيرًا لو أراد ترامب وقف العدوان على غزة لفعل؛ ولأنه رجل اقتصاد ماهر؛ كان يمكن بممارسة بعض الضغوط الاقتصادية عليه أن يوقف تلك الكارثة الإنسانية.

إنما حصده 5.1 تريليون دولار من أموال الأثرياء العرب هكذا دون مقابل يقنع به المتابعين؛ هو أمر يفتح كل أبواب السين.

ونكمل في مقال قادم ما بدأناه.

 [email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: