قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه يصنع السلام، لكنه لن يحصل على جائزة نوبل أبدًا. لقد فتحت باكستان شهية الرئيس بعد أن ثمَّنت تدخله الدبلوماسي "القوي" لوقف حربها القصيرة مع الهند، بينما أكدت الهند أن الحل تم عبر اتفاق ثنائي بين جيشي البلدين. وكان قائد الجيش الباكستاني عاصم منير على مائدة الغداء في البيت الأبيض مع الرئيس ترامب قبل أيام، بعدها أعلنت باكستان أنها ستُزكّي الرئيس الأمريكي للجائزة.
ويبدو أن الرئيس ترامب يتوق إلى الحصول على الجائزة؛ لأنه صرَّح بحسرة شديدة "لن أحصل على جائزة نوبل مهما فعلت". بعد ذلك سرد ترامب على حسابه الرسمي قائمة طويلة من الصراعات والأزمات، مؤكدًا أنه أخذها عنوة من شفا الحرب إلى عتبات السلام. وربما يعرف ترامب أن أزمته ليست مع البرلمان النرويجي الذي يمنح الجائزة، إنما مع رؤية العالم لإدارة ترامب الفريدة للصراعات، التي يدعي أنه قام بحلها وفك عقدتها كصانع سلام.
وكان رجل الكبريت والمتفجرات ألفريد نوبل وضع منظومة جوائز عالمية، متاحة للنوابغ والعباقرة في العالم، أيًا كان وطنهم أو ديانتهم، والجائزة أُطلقت باسمه، وتمنحها مؤسسات مستقلة مقرها بلده السويد، باستثناء جائزة السلام، التي تُعلن وتُسلّم في أوسلو.
ويقال إنه أراد بالجوائز التكفير عن اختراعاته المدمرة للبشرية، ولم يكن نوبل يعلم أن القادم أسوأ؛ لأنه بعد وفاته قامت حربان عالميتان أكثر تدميرًا مما صنع، لكنه وضع اسمه كعلامة بارزة فوق سنوات القرن العشرين، ليُكرّم العلماء وصانعي السلام، في مجالات الفيزياء والكيمياء والطب والأدب والسلام، ثم أضافت مؤسسة نوبل جائزة سادسة في الاقتصاد سنة 1969.
وبينما العالم صار أسوأ مع ترامب، فهو يريد ضم كندا وجرينلاند ثاني أكبر جزيرة في العالم والتابعة للدانمارك. كما يخطط منذ وضع قدمه في البيت الأبيض قبل خمسة أشهر للاستحواذ على أرض قطاع غزة الفلسطينية لإقامة ريفيرا شريطة طرد سكانها.
ولا يكف عن تشجيع أصدقائه في إسرائيل على قتل النساء والأطفال، ويخترع منافذ توزيع مساعدات غذائية في القطاع كمصائد للموت لكل من يقترب. وهو طول الوقت يهدد بالدمار والخراب لمن لا يستجيب لتعليماته، وطول الوقت يسخر من الدول الأخرى ويتباهى مختالًا بقوته وقوة أمريكا التي لا تُضاهى.
وهو يظن "أنه مرسل بمهمة من الرب" كما كتب على صفحته نهاية مايو الماضي، وعندما يسأله الإعلام عن قادة في العالم يتعامل معهم يرد بأنه أقوى بكثير ممن تتحدثون عنهم. أما سفراؤه الغارقون في محبته وخداعه فلم أستغرب منهم سفيره في إسرائيل الذي كتب يذكره بأن نجاته من محاولة الاغتيال أثناء الحملة الانتخابية تكليف من الله بضرب إيران بالقنبلة النووية.
ربما تؤدي المقدمات التي يظهرها الرئيس ترامب في تصريحاته حول أحقيته في نوبل إلى أحد أمرين: الأول الضغط باستخدام التأثير الصهيوني الواسع في العالم لتمرير فوزه بالجائزة، وإقناع الأوروبيين بأنه غيَّر العالم وأخضعه لمنطقه فجعله أكثر سلامًا، وقد يستخدم وسيلة المال الذي يملك أصدقاؤه منه الكثير، وعندها لن يزداد العالم ضحكًا أكثر مما نحن فيه.
والأمر الثاني مواصلة محاولاته تشويه الجائزة ومفاجأة البشرية بالإعلان عن جائزة جديدة باسمه، تفوق نوبل في قيمتها المالية، ويكون هو أو صديقه رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو الفائز الأول بها. ولما فقد الرئيس ترامب الثقة في وسائل التواصل الاجتماعي خصص وسيلة باسمه، هي Truth Social، وعندما يخصص جائزة سلام باسمه، لن يزداد العالم تهكمًا ودهشة أعمق مما نعيشها!!