بينما ينشغل الناس بهوايات تقليدية كالقراءة أو السفر، تنمو بهدوء ظاهرة غريبة وغير مألوفة: مجموعات من البشر تتجول ليلًا داخل أماكن مهجورة، بحثًا عن كائنات لا تُرى.. إنهم هواة صيد الأشباح، الذين يسيرون في عتمة الليل وراء أدلة من العالم الآخر.
فكرة الهواية
يُعرف صيد الأشباح بأنه نشاط شبه بحثي يسعى من يمارسونه لتوثيق وجود الأرواح أو الكائنات غير المرئية في أماكن يُعتقد أنها مسكونة. يتعاملون مع الظاهرة بجدية مدهشة، ويتعاملون معها كبحث ميداني لا كمجرد مغامرة، في محاولة لفهم ما إذا كانت هناك حياة بعد الموت، أو على الأقل، مظاهر تؤكد وجود ما لا يُفسَّر.
أدوات التقنية والخيال
الهواة لا يذهبون بأيديهم فقط، بل يحملون معهم معدات تُستخدم عادة في مجالات علمية:
-
جهاز قياس المجالات الكهرومغناطيسية (EMF): لرصد التغيرات الغريبة في الطاقة.
-
كاميرات بالأشعة تحت الحمراء: لتسجيل ما لا تراه العين البشرية.
-
ميكروفونات فائقة الحساسية: لتسجيل الأصوات الخافتة أو الغريبة.
-
مجسات حركة وحرارة: لرصد أي نشاط لا تفسير له في محيط المكان.
هذه المعدات تُستخدم داخل قصور مهجورة، سجون قديمة، مستشفيات نفسية، أو مبانٍ تاريخية ارتبطت بأساطير محلية، وغالبًا ما تتم الجولات في أجواء صامتة ومرعبة بعد منتصف الليل.
التفسير العلمي
رغم الحماسة المنتشرة، فإن المجتمع العلمي لا يعترف رسميًا بهذه الظاهرة. ويؤكد علماء النفس والفيزياء أن ما يشعر به الصيادون يمكن تفسيره بـ:
-
تأثير الخوف والإيحاء الذاتي، الذي يجعل الدماغ يتخيل ما لا وجود له.
-
ظواهر فيزيائية طبيعية مثل تسرب الهواء أو انعكاسات الضوء.
-
تشويش إلكتروني في الأجهزة يُحدث إشارات خاطئة تبدو «غامضة».
لكن الصيادين يردّون بأن بعض الأحداث تتجاوز العلم والمنطق، ولا تزال بلا تفسير واضح.
من الهواية إلى الظاهرة العالمية
بفضل الإنترنت، تحولت الهواية إلى ما يشبه المجتمع الرقمي، له أدواته ومشاهده الخاصة. تنتشر قنوات على «يوتيوب» و«تيك توك» توثّق مغامرات الصيادين وتحقق ملايين المشاهدات، كما باتت بعض المدن الغربية تنظم جولات سياحية ليلية في أماكن مشهورة بقصص الأشباح.
أصبح الأمر صناعة ترفيهية مربحة، خاصة في فصل الهالوين أو في المدن التي تزخر بتاريخ دموي أو غامض.
من وهم إلى وسيلة هروب؟
في عالم غارق في الواقعية، يبدو أن صيد الأشباح هو محاولة للهروب من اليقين العلمي، وربما لاستكشاف الجانب المجهول من وجودنا. فسواء آمنّا بها أم لا، تبقى هذه الهواية انعكاسًا لرغبة دفينة في معرفة ما بعد الموت.. أو التصالح مع الخوف نفسه.