على مدار العقد الماضي، ومنذ انطلاق ثورة 30 يونيو 2013، خاضت مصر رحلة طموحة نحو تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة، مواجهةً تحديات جسامًا ومتغلبةً على عقبات متعددة. فبعد فترة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، انطلقت الدولة المصرية في برنامج إصلاحي جريء، تُرجم إلى مشروعات قومية عملاقة وغير مسبوقة، أحدثت نقلة نوعية في البنية التحتية، ومهدت الطريق لمستقبل اقتصادي واعد.
موضوعات مقترحة
إصلاحات اقتصادية جريئة.. صمود في وجه التحديات
لم تكن الرحلة سهلة، فقد تطلبت رؤية حكيمة وقرارات اقتصادية صعبة لكنها ضرورية. تبنى البنك المركزي والحكومة المصرية حزمة إصلاحات اقتصادية شاملة، بدأت بتحرير سعر الصرف في نوفمبر 2016، وهو قرار جريء كان له أثر كبير في استعادة ثقة المستثمرين وجذب التدفقات النقدية الأجنبية. تبع ذلك ترشيد الدعم على الطاقة والسلع، وإقرار قانون ضريبة القيمة المضافة، وهي إجراءات أسهمت في ضبط الموازنة العامة للدولة وخفض عجز الموازنة.
هذه الإصلاحات، وإن كانت قد فرضت بعض الأعباء على المواطن في المدى القصير، إلا أنها كانت ضرورية لبناء أساس اقتصادي قوي وقادر على الصمود أمام الأزمات. وبالفعل، أثبت الاقتصاد المصري مرونته وقدرته على امتصاص صدمات عالمية كجائحة كوفيد-19 والأزمة الروسية الأوكرانية، محافظًا على معدلات نمو إيجابية، وإن كانت متفاوتة.
وفي هذا الصدد، يؤكد الدكتور إيهاب وهبة، عضو مجلس الشيوخ ورئيس الهيئة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري، أن "الإنجازات الاقتصادية التي تحققت بعد ثورة 30 يونيو هي شهادة على الرؤية الثاقبة للقيادة السياسية، وقدرة الدولة المصرية على تحويل التحديات إلى فرص. الإصلاحات الاقتصادية الجريئة كانت ضرورية لوضع الاقتصاد على المسار الصحيح، وقد مهدت الطريق لإطلاق مشروعات قومية غيرت وجه مصر".
المشروعات القومية العملاقة في مصر
مشروعات قومية عملاقة.. شرايين جديدة للتنمية
لم يقتصر الأمر على الإصلاحات الهيكلية، بل امتد ليشمل طفرة غير مسبوقة في تنفيذ المشروعات القومية العملاقة التي غيرت وجه مصر، وفتحت آفاقًا جديدة للاستثمار والتنمية.
من أبرز هذه المشروعات:
- مشروع تنمية محور قناة السويس: لم يقتصر هذا المشروع على حفر قناة السويس الجديدة التي اختصرت زمن مرور السفن وزادت القدرة الاستيعابية للقناة، بل امتد ليشمل إنشاء مناطق صناعية ولوجستية ضخمة على جانبي القناة. هذه المناطق باتت قبلة للاستثمارات المحلية والأجنبية، وتساهم في تحويل مصر إلى مركز لوجستي وتجاري عالمي.
- العاصمة الإدارية الجديدة: تُعد العاصمة الإدارية الجديدة مشروعًا قوميًا بحق، يمثل قفزة نوعية في التخطيط العمراني. تهدف العاصمة إلى تخفيف الضغط على القاهرة الكبرى، وتوفير بيئة عمل ومعيشة عصرية، كما أنها مركز جذب للاستثمارات في مختلف القطاعات، وتوفر الآلاف من فرص العمل.
- شبكة الطرق والكباري الحديثة: شهدت مصر ثورة في مجال البنية التحتية للطرق والكباري، حيث تم إنشاء وتطوير آلاف الكيلومترات من الطرق الجديدة، وإنشاء مئات الكباري التي ساهمت في فك الاختناقات المرورية، وربط المحافظات والمدن ببعضها البعض، مما انعكس إيجابًا على حركة التجارة والنقل وتقليل زمن الرحلات.
- مشروعات الإسكان الاجتماعي وتطوير العشوائيات: إيمانًا بحق المواطن في سكن كريم، نفذت الدولة المصرية خطة طموحة لبناء ملايين الوحدات السكنية ضمن مشروع الإسكان الاجتماعي، بالإضافة إلى القضاء على العشوائيات غير الآمنة وتوفير مساكن حضارية بديلة، وهو ما يمثل نقلة اجتماعية وحضارية غير مسبوقة.
- مشروعات الطاقة الكهربائية والمتجددة: نجحت مصر في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة الكهربائية، بل وتحقيق فائض يسمح بالتصدير، وذلك من خلال إنشاء محطات كهرباء عملاقة تعمل بالغاز الطبيعي، بالإضافة إلى التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة مثل محطة بنبان للطاقة الشمسية، والتي تعد من أكبر المحطات في العالم.
- مشروع المليون ونصف فدان والإنتاج الزراعي: تهدف الدولة إلى التوسع الأفقي في الرقعة الزراعية لزيادة الأمن الغذائي وتقليل فاتورة الاستيراد. يأتي مشروع المليون ونصف فدان ومشروعات الدلتا الجديدة ومستقبل مصر للزراعة في صدارة هذه الجهود، مما يساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من عدد من المحاصيل وتصدير الفائض.
المشروعات القومية العملاقة في مصر
تأثيرات إيجابية وانعكاسات على حياة المواطن
تُرجمت هذه الإنجازات والمشروعات إلى تحسين ملموس في حياة المواطنين، وإن كان ذلك تدريجيًا. فشبكة الطرق الجديدة سهلت التنقل وقللت الأعباء، ومشروعات الإسكان وفرت سكنًا لائقًا للعديد من الأسر، وتوافر الطاقة الكهربائية قضى على مشكلة الانقطاعات المتكررة، كما ساهمت هذه المشروعات في خلق الملايين من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، مما يقلل من معدلات البطالة ويعزز التنمية البشرية.
إن ما تحقق على الصعيد الاقتصادي في مصر خلال العقد الماضي يمثل شهادة على الإرادة السياسية القوية، والرؤية التنموية الطموحة، وقدرة الدولة على تنفيذ مشروعات كبرى في زمن قياسي. ورغم التحديات الاقتصادية العالمية والمحلية التي لا تزال قائمة، فإن الأساس الاقتصادي المتين والبنية التحتية المتطورة التي تم بناؤها، تضع مصر على طريق النمو المستدام، وتؤهلها لمستقبل اقتصادي أكثر ازدهارًا، يخدم تطلعات شعبها نحو حياة أفضل.