مشروعية ضرب إيران في فكر ترامب

23-6-2025 | 15:44

جاءت إدارة ترامب الثانية لكي تقدم مؤشرات في الخمسة أشهر الأولى من حكمه على حدوث تغيرات عن ولايته الأولى-وفقًا لما رصدته العديد من التحليلات-، فما هي العوامل المتحكمة في سلوك وأداء وقرارات ترامب؟، ولماذا تم انتخابه؟ ولماذا هذا التذبذب في الرأي والتناقض في المواقف، وهل ذلك ممارسة لاستراتيجية الخداع التكتيكي؟، هل خالف ترامب الدستور الأمريكي بقراره ضرب إيران؟ وما هي قواعد الدستور الأمريكي المنظمة لقرار أي رئيس بشن الحرب؟، ما هي آفاق وسيناريوهات التحرك الأمريكي بعد هذه الضربة فوق المنشآت النووية الإيرانية؟

كل هذه التساؤلات أحاول أن أناقشها في هذا المقال، حيث تولى دونالد ترامب ولايته الثانية كرئيس للولايات المتحدة في 20 يناير 2025، بعد فترة رئاسية أولى (2017-2021) اتسمت بالعديد من التحولات السياسية والاجتماعية.

تعتبر فترة ولاية ترامب الثانية، التي بدأت مطلع هذا العام، محط اهتمام كبير للمحللين والجمهور على حد سواء، نظرًا للتوقعات بأن تكون أكثر جرأة وحسمًا في تنفيذ أجندته السياسية. من ثم، سنركز على استعراض التغيرات الرئيسية في السياسات الداخلية والخارجية، مع التركيز على الأبعاد القانونية والدستورية لبعض قراراته، خاصة تلك المتعلقة باستخدام القوة العسكرية.

الفارق بين إدارة ترامب الأولى والثانية

ُظهر الملاحظات الأولية والتحليلات الإعلامية أن هناك فروقات ملحوظة بين إدارة دونالد ترامب الأولى وإدارته الثانية، بالإضافة إلى استمرار بعض الأنماط السلوكية التي تميز شخصيته السياسية. هذه الفروقات تعكس تطورًا في نهجه، وربما تعلمًا من تجارب ولايته الأولى، بالإضافة إلى تغيرات في البيئة السياسية المحيطة به.

الحرب بين إسرائيل وإيران

أولًا: الفروقات الرئيسية

1. العفو الرئاسي والتركيز على قضايا محددة:

◦ في يومه الأول من ولايته الثانية، أصدر ترامب عفوًا عن حوالي 1500 شخص مدانين بجرائم تتعلق بهجوم 6 يناير 2021 على الكابيتول. هذا التحرك السريع والحاسم يشير إلى تركيزه على قضايا معينة يعتبرها ذات أولوية، وربما رغبته في ترسيخ إرثه السياسي من خلال معالجة القضايا التي تهم قاعدته الانتخابية.

2. الأوامر التنفيذية والتحديات القانونية:

◦ أصدر ترامب العديد من الأوامر التنفيذية في بداية ولايته الثانية، ويواجه بعضها تحديات قانونية. هذا يشير إلى استمرار نهجه في استخدام السلطة التنفيذية بشكل مكثف، وربما بوتيرة أسرع أو بقرارات أكثر جرأة، مستفيدًا من الخبرة المكتسبة في ولايته الأولى.

3. سياسة الهجرة الأكثر صرامة:

◦ شهدت ولايته الثانية تحركات صارمة في سياسة الهجرة، بما في ذلك التوقيع على قانون لاكين رايلي، وأوامر تنفيذية تمنع طالبي اللجوء من دخول الولايات المتحدة، وإعادة العمل بحالة الطوارئ على الحدود المكسيكية الأمريكية، وتصنيف عصابات المخدرات كمنظمات إرهابية، ومحاولة إنهاء المواطنة بالولادة، وبدء إجراءات الترحيل الجماعي للمهاجرين. هذه الإجراءات تبدو أكثر حدة وتوسعًا مقارنة بولايته الأولى، مما يعكس التزامًا أقوى بأجندته المناهضة للهجرة.

4. إصلاح الحكومة وتقليص البيروقراطية:

◦ أنشأ ترامب فرقة عمل تُسمى “إدارة كفاءة الحكومة” (DOGE)، والتي تهدف إلى خفض الإنفاق الحكومي الفيدرالي، والحد من البيروقراطية، وقد أشرفت على تسريح جماعي للموظفين المدنيين. كما اتخذت إدارة ترامب إجراءات ضد مكاتب المحاماة. هذا يشير إلى تركيز أكبر على تقليص حجم الحكومة وإعادة هيكلتها، وربما محاولة لتفكيك ما يعتبره “الدولة العميقة”.

5. السياسة الاقتصادية (التعريفات الجمركية):

◦ سنت إدارة ترامب سلسلة من الزيادات والتوقفات في التعريفات الجمركية، مما أدى إلى فرض تعريفات انتقامية على الولايات المتحدة من قبل دول أخرى. في 2 أبريل، أعلن ترامب عن زيادات كبيرة وشاملة في التعريفات الجمركية. وبعد أكثر من شهر بقليل، في 12 مايو، أعلنت الصين والولايات المتحدة عن اتفاق تم بموجبه تخفيض التعريفات الجمركية إلى 10% على السلع الأمريكية المتجهة إلى الصين و30% على السلع الصينية القادمة إلى الولايات المتحدة. هذا الاتفاق سيستمر لمدة 90 يومًا. كل هذا جزء من حرب تجارية مستمرة مع الصين. هذا يوضح استمرار نهجه الحمائي في التجارة، ولكن ربما بمرونة أكبر أو استراتيجيات تفاوضية مختلفة.

6. السياسة الخارجية:

◦ القضية الفلسطينية: عزز ترامب العلاقات الأمريكية مع إسرائيل، واقترح تحويل قطاع غزة إلى وجهة سياحية، وشدد على معاداة السامية في الجامعات الأمريكية. هذا يشير إلى استمرار دعمه القوي لإسرائيل وربما نهج أكثر مباشرة تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

◦ إيران: أذن بشن ضربات استهدفت المنشآت النووية الإيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان، مما أشرك الولايات المتحدة في الحرب الإسرائيلية الإيرانية. هذا يمثل تصعيدًا كبيرًا في التعامل مع إيران مقارنة بولايته الأولى.

◦ المنظمات الدولية: انسحب بالولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية واتفاقية باريس للمناخ. هذا يعكس استمرار نهجه الانعزالي والتشكيكي تجاه المنظمات الدولية.

◦ طموحات توسعية: أعرب ترامب مرارًا عن اهتمامه بضم كندا وجرينلاند وقناة بنما. هذه التصريحات، إن لم تكن مجرد تصريحات، تشير إلى طموحات توسعية غير تقليدية.

◦ روسيا وأوكرانيا: وسط الغزو الروسي لأوكرانيا، علقت الإدارة مؤقتًا توفير المخابرات والمساعدات العسكرية لأوكرانيا، وقدمت تنازلات لروسيا، وطلبت نصف نفط ومعادن أوكرانيا كسداد للدعم الأمريكي، وقالت إن أوكرانيا تتحمل مسؤولية جزئية عن الغزو. استأنفت الإدارة المساعدة بعد موافقة أوكرانيا على وقف إطلاق نار محتمل. هذا يظهر نهجًا أكثر تعقيدًا ومثيرًا للجدل تجاه الصراع الروسي الأوكراني، مع إعطاء الأولوية للمصالح الأمريكية المباشرة.

الحرب بين إسرائيل وإيران

ثانيًا: العوامل المتحكمة في سلوك ترامب

تتأثر سلوكيات ترامب في ولايته الثانية بعدة عوامل، بعضها استمرار لأنماط سابقة وبعضها يعكس تطورًا في نهجه:

1. الثقة بالنفس والخبرة: أصبح ترامب أكثر ثقة بقدراته وفهمه لكيفية تحريك الأمور في واشنطن. هذه الثقة المكتسبة من ولايته الأولى تجعله أكثر فعالية في تنفيذ أجندته وأقل ترددًا في اتخاذ قرارات جريئة.

2. الولاء المطلق وغياب المعارضة الداخلية: تتكون إدارة ترامب الثانية بالكامل من الموالين له. على عكس ولايته الأولى، حيث واجه مقاومة من داخل إدارته ومن الجمهوريين المعتدلين في الكونغرس، فإن إدارته الحالية لا تحتوي على “حراس” يحاولون كبح جماحه. هذا يمنحه حرية أكبر في تنفيذ خططه دون قيود داخلية.

3. الكونغرس الأكثر امتثالاً: أصبح الكونغرس، وخاصة الأغلبية الجمهورية في مجلسي النواب والشيوخ، أكثر استعدادًا للانصياع لمطالب ترامب. هذا التغير في ديناميكية الكونغرس يقلل من العقبات التشريعية أمام أجندته.

4. الرغبة في ترسيخ الإرث والانتقام: قد يسعى ترامب في ولايته الثانية إلى ترسيخ إرث سياسي أكثر قوة وتأثيرًا، مما يدفعه لاتخاذ قرارات أكثر جرأة وحسمًا. كما يبدو أن هناك دافعًا للانتقام من خصومه السياسيين وإعادة تشكيل الحكومة وفقًا لرؤيته.

5. الأجندة المحافظة المتطرفة: استمرار التزامه بالأجندة المحافظة، خاصة فيما يتعلق بالهجرة والاقتصاد، يدفع سياساته نحو اليمين المتطرف، مع التركيز على قضايا مثل الأمن الحدودي وتقليص حجم الحكومة.

6. الشخصية المتطورة والأسلوب الجريء: يبدو أن ترامب أصبح أكثر جرأة وثقة في أسلوبه، مما يدفعه لاتخاذ قرارات أكثر تطرفًا وسرعة. هذا يعكس تطورًا في شخصيته السياسية نحو نهج أكثر عدوانية وحسمًا.

الحرب بين إسرائيل وإيران

الاستراتيجيات السياسية والخداع التكتيكي

تاريخ ترامب السياسي مليء بالتذبذب في الرأي والتناقض في المواقف، وهو ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان ذلك يمثل استراتيجية “خداع تكتيكي” متعمدة. يمكن تحليل هذا الجانب من سلوكه السياسي من خلال عدة أبعاد:

أولًا: البيانات الكاذبة والمضللة

1. حجم غير مسبوق: تشير التحليلات، مثل تلك التي قامت بها صحيفة واشنطن بوست، إلى أن ترامب أصدر عشرات الآلاف من الادعاءات الكاذبة أو المضللة خلال فترة ولايته الأولى والثانية. هذا الحجم غير المسبوق من البيانات غير الدقيقة يجعله فريدًا في المشهد السياسي الأمريكي.

2. النية في الخداع: وجدت التحليلات الأكاديمية لمنشورات ترامب على منصة X (تويتر سابقًا) أدلة مهمة على وجود نية في الخداع. هذا يدعم فكرة أن التناقضات ليست مجرد أخطاء عفوية، بل قد تكون جزءًا من استراتيجية متعمدة.

3. تكتيك “إغراق المنطقة بالهراء” (Flood the Zone with Shit): وصف ستيف بانون، كبير الاستراتيجيين في حملة ترامب الرئاسية لعام 2016، تكتيك ترامب بأنه “إغراق المنطقة بالهراء”. يهدف هذا التكتيك إلى التأكد من عدم بروز أي إجراء أو حدث واحد فوق البقية من خلال حدوثها بوتيرة سريعة، وبالتالي منع الجمهور من مواكبة الأحداث ومنع الجدل أو الغضب حول إجراء أو حدث معين. هذا يفسر جزئيًا التذبذب والتناقض، حيث يتم إطلاق العديد من التصريحات المتضاربة لإرباك الخصوم وتشتيت الانتباه.

الحرب بين إسرائيل وإيران

ثانيًا: التكرار وتأثير الحقيقة الوهمية

1. قيمة التكرار: يدرك ترامب قيمة التكرار لجعل أكاذيبه تُصدق. وقد أظهر هذه المعرفة عندما وجه سكرتيرته الصحفية في البيت الأبيض، ستيفاني غريشام، لاستخدام أسلوبه في الكذب: “طالما أنك تستمر في تكرار شيء ما، فلا يهم ما تقوله”.

2. تأثير الحقيقة الوهمية (Illusory Truth Effect): يستخدم ترامب بفعالية تقنية “الكذبة الكبيرة” (Big Lie) وطريقة التكرار لاستغلال “تأثير الحقيقة الوهمية”، وهو ميل لتصديق المعلومات الخاطئة على أنها صحيحة بعد التعرض المتكرر لها. وقد درست الأبحاث استخدام ترامب لهذا التأثير. هذا يعني أن التناقضات قد لا تكون بالضرورة تراجعًا عن موقف، بل قد تكون محاولة لترسيخ رواية معينة من خلال التكرار، حتى لو كانت متناقضة مع تصريحات سابقة.

ثالثًا: البراغماتية والتفاوض

1. البراغماتية السياسية (الصفقة): يمكن تفسير بعض التذبذب والتناقض على أنه براغماتية سياسية. ترامب، كرجل أعمال سابق، قد يرى السياسة على أنها عملية تفاوض مستمرة، حيث يمكن تغيير المواقف لتحقيق أفضل صفقة أو نتيجة.

2. استراتيجية التفاوض: قد تكون بعض التناقضات جزءًا من استراتيجية تفاوضية، حيث يبدأ بموقف متطرف ثم يتراجع لتحقيق مكاسب. هذا يسمح له بالحفاظ على المرونة والقدرة على التكيف مع الظروف المتغيرة.

رابعًا: الشخصية والأسلوب

1. الأسلوب غير التقليدي: يتميز ترامب بأسلوب سياسي غير تقليدي، حيث يميل إلى التعبير عن آرائه بشكل عفوي وغير مقيد بالبروتوكولات السياسية التقليدية. هذا قد يؤدي إلى ظهور تناقضات في تصريحاته.

2. عدم الاهتمام بالحقيقة (Bullshit): يشير بعض المحللين إلى أن ترامب لا يهتم بالضرورة بالحقيقة، بل بما يخدم أهدافه السياسية. هذا يتوافق مع مفهوم “الهراء” (bullshit) الذي لا يهتم فيه المتحدث بما إذا كان ما يقوله صحيحًا أم خاطئًا، بل يهدف إلى توجيه المعتقدات الجماعية في اتجاه مرغوب سياسيًا.

نخلص إلى إن التذبذب في الرأي والتناقض في المواقف لدى ترامب ليس مجرد سمة عشوائية، بل هو جزء لا يتجزأ من استراتيجيته السياسية. سواء كان ذلك “خداعًا تكتيكيًا” متعمدًا، أو براغماتية تفاوضية، أو نتيجة لأسلوبه غير التقليدي في التواصل، فإن الهدف غالبًا ما يكون إرباك الخصوم، وتشتيت الانتباه، وترسيخ روايات معينة من خلال التكرار، وتحقيق أهداف سياسية محددة.

الحرب بين إسرائيل وإيران

تحليل القرارات العسكرية والدستور الأمريكي

أثار قرار الرئيس دونالد ترامب بضرب المنشآت النووية الإيرانية تساؤلات جدية حول مدى التزامه بالدستور الأمريكي فيما يتعلق بسلطة إعلان الحرب. يتطلب فهم هذا الجدل مراجعة دقيقة لقواعد الدستور الأمريكي المنظمة لقرار أي رئيس بشن الحرب، وتحليل قانونية الضربة الإيرانية في ضوء هذه القواعد. حيث يقسم الدستور الأمريكي صلاحيات الحرب بين الكونغرس والرئيس. هذه الصلاحيات منصوص عليها بشكل أساسي في المادة الأولى والمادة الثانية من الدستور:

1. صلاحيات الكونغرس (المادة الأولى، القسم 8):

◦ إعلان الحرب: يمنح الدستور الكونغرس وحده سلطة إعلان الحرب. هذا يعني أن الرئيس لا يستطيع بمفرده إعلان الحرب على دولة أخرى.

◦ توفير الجيوش ودعمها: للكونغرس سلطة “توفير الجيوش ودعمها”، و”بناء وصيانة البحرية”، و”وضع قواعد وأنظمة لكليهما”.

◦ تخصيص الأموال العسكرية: الكونغرس هو الجهة الوحيدة التي يمكنها تخصيص الأموال للعمليات العسكرية.

2. صلاحيات الرئيس (المادة الثانية):

◦ القائد الأعلى للقوات المسلحة: الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة للولايات المتحدة، تمنحه هذه السلطة القدرة على توجيه القوات العسكرية في ساحة المعركة.

◦ الدفاع عن النفس: يمتلك الرئيس صلاحيات متأصلة لاستخدام القوة العسكرية دون تفويض من الكونغرس لأغراض دفاعية، أي عندما تكون هناك تهديدات وشيكة للمصالح الأمريكية أو القوات الأمريكية.

3. قرار صلاحيات الحرب لعام 1973:

◦ تم إقرار هذا القانون من قبل الكونغرس عام 1973، متجاوزًا فيتو الرئيس ريتشارد نيكسون، بهدف إعادة تأكيد دور الكونغرس في قرارات الحرب. يتطلب هذا القرار من الرئيس إخطار الكونغرس في غضون 48 ساعة من إرسال القوات المسلحة إلى عمل عسكري، ويحظر على القوات المسلحة البقاء في عمل عسكري لأكثر من 60 يومًا (مع فترة تمديد 30 يومًا للانسحاب) دون تفويض من الكونغرس أو إعلان حرب.

الحرب بين إسرائيل وإيران

تحليل قانونية توجيه ضربة جوية ضد إيران

أثارت ضربة ترامب على المنشآت النووية الإيرانية جدلاً قانونيًا واسعًا، حيث يرى العديد من النقاد والمحللين أنها غير قانونية وغير دستورية:

1. الجدل حول التفويض: يجادل النقاد بأن ترامب لم يحصل على تفويض صريح من الكونغرس لشن هذه الضربة. على الرغم من أن الرئيس يمكنه استخدام القوة لأغراض دفاعية، إلا أن نطاق هذه الصلاحية محدود، والضربة على منشآت نووية قد لا تندرج بالضرورة تحت تعريف “الدفاع عن النفس الوشيك”.

2. انتهاك قرار صلاحيات الحرب: يرى البعض أن الضربة تنتهك قرار صلاحيات الحرب لعام 1973، حيث لم يتم إخطار الكونغرس بشكل كافٍ أو الحصول على موافقته على العملية.

3. التصنيف كـ “عمل غير قانوني”: وصفت العديد من المنظمات والمحللين القانونيين الضربة بأنها “غير قانونية بشكل واضح” و”غير دستورية” و”انتهاك للقانون الدولي”.

4. غياب التهديد الوشيك: يجادل المعارضون بأن الإدارة لم تقدم دليلاً كافياً على وجود تهديد وشيك يتطلب عملاً عسكريًا فوريًا دون موافقة الكونغرس.

5. السوابق التاريخية: على الرغم من أن الرؤساء الأمريكيين قاموا بعمليات عسكرية دون إعلان حرب رسمي من الكونغرس في الماضي، إلا أن نطاق وتبرير هذه العمليات غالبًا ما يكون محل جدل. يرى النقاد أن ضربة إيران تتجاوز هذه السوابق.

آفاق وسيناريوهات التحرك الأمريكي القادم

تعتبر ضربة المنشآت النووية الإيرانية قرارًا محفوفًا بالمخاطر، ما يثير تساؤلات جدية حول التزام الإدارة الأمريكية بالدستور والقانون الدولي. من المرجح أن تؤدي هذه الضربة إلى تصعيد التوترات في المنطقة، مع تداعيات محتملة على الاستقرار الإقليمي والعلاقات الدولية. ستعتمد السيناريوهات المستقبلية بشكل كبير على رد الفعل الإيراني، والموقف الدولي، والخيارات التي ستتخذها الإدارة الأمريكية في الأيام والأسابيع المقبلة.

1. رد الفعل الإيراني:

◦ التصعيد المباشر: قد ترد إيران بضربات مباشرة على المصالح الأمريكية أو حلفائها في المنطقة، مثل القواعد العسكرية أو السفن.

◦ التصعيد غير المباشر: قد تلجأ إيران إلى وكلائها في المنطقة (مثل حزب الله أو الميليشيات العراقية) لشن هجمات.

◦ تسريع البرنامج النووي: قد تستخدم إيران الضربة كذريعة لتسريع برنامجها النووي وتخصيب اليورانيوم إلى مستويات أعلى.

◦ الانسحاب من الاتفاقيات الدولية: قد تنسحب إيران من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية أو تتوقف عن التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

الحرب بين إسرائيل وإيران

2. الموقف الدولي:

◦ الإدانة الدولية: من المرجح أن تدين العديد من الدول الضربة الأمريكية، خاصة تلك التي تسعى للحفاظ على الاتفاق النووي الإيراني (مثل الترويكا الأوروبية وروسيا والصين).

◦ الدعوة إلى ضبط النفس: ستدعو معظم الدول إلى ضبط النفس وتجنب المزيد من التصعيد.

◦ الوساطة: قد تحاول بعض الدول التوسط بين الولايات المتحدة وإيران لتهدئة التوترات.

3. الآثار على الاستقرار الإقليمي:

◦ زيادة التوتر: ستؤدي الضربة إلى زيادة كبيرة في التوتر في منطقة الشرق الأوسط، مما قد يؤدي إلى صراعات أوسع.

◦ تأثير على أسعار النفط: قد تؤثر التوترات المتصاعدة على أسعار النفط العالمية.

◦ زعزعة الاستقرار: قد تؤدي الضربة إلى زعزعة استقرار الحكومات في المنطقة وتغذية التطرف.

4. الخيارات الأمريكية المستقبلية:

◦ المزيد من الضربات: قد تقوم الولايات المتحدة بشن المزيد من الضربات إذا رأت أن إيران ترد بشكل عدواني.

◦ الدبلوماسية: قد تسعى الولايات المتحدة إلى فتح قنوات دبلوماسية مع إيران، ربما من خلال وسطاء، لتهدئة الوضع.

◦ العقوبات: قد تفرض الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية إضافية على إيران.

◦ الردع: قد تركز الولايات المتحدة على تعزيز قدراتها الدفاعية في المنطقة لردع أي هجمات إيرانية محتملة.

◦ التعاون مع الحلفاء: قد تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز التعاون مع حلفائها في المنطقة لمواجهة التهديد الإيراني.

مما سبق، تُظهر ولاية دونالد ترامب الثانية تحولًا نحو نهج أكثر حسمًا وجرأة في تنفيذ أجندته السياسية، مدفوعًا بثقته المتزايدة، وغياب المعارضة الداخلية، والكونغرس الأكثر امتثالًا. تتجلى هذه التغيرات في سياساته الداخلية، خاصة في الهجرة وإصلاح الحكومة، وفي سياسته الخارجية التي تتسم بالعدوانية تجاه الخصوم والانسحاب من المنظمات الدولية.

إن سلوك ترامب السياسي، بما في ذلك التذبذب في الرأي والتناقض في المواقف، يمكن تفسيره كجزء من استراتيجية تكتيكية تهدف إلى إرباك الخصوم، وتشتيت الانتباه، وترسيخ روايات معينة من خلال التكرار، وتحقيق أهداف سياسية محددة. هذا النهج، وإن كان مثيرًا للجدل، إلا أنه يمثل سمة مميزة لشخصيته السياسية.

أما فيما يتعلق بقراراته العسكرية، فإن ضربة المنشآت النووية الإيرانية تثير تساؤلات جدية حول مدى التزام الإدارة بالدستور الأمريكي وقانون صلاحيات الحرب. من المرجح أن تؤدي هذه الضربة إلى تصعيد التوترات في المنطقة، مع تداعيات محتملة على الاستقرار الإقليمي والعلاقات الدولية. ستعتمد السيناريوهات المستقبلية بشكل كبير على رد الفعل الإيراني، والموقف الدولي، والخيارات التي ستتخذها الإدارة الأمريكية.

بشكل عام، تمثل ولاية ترامب الثانية فترة حاسمة في السياسة الأمريكية والتحولات في العلاقات الدولية، مع تأثيرات بعيدة المدى على المشهد السياسي العالمي.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: