ليست حربًا إقليمية.. بل عالمية فارقة

19-6-2025 | 13:21

هي حرب تشنها الولايات المتحدة على إيران. "نعم، الولايات المتحدة وليست إسرائيل"، فما كانت لتجرؤ إسرائيل على شن هجمة واحدة إلا بضوء أخضر أمريكي وبدعم كامل منها؛ لا يهدأ لحظة واحدة.

قبل بدء العدوان على إيران بساعات، كانت وسائل الإعلام تنقل على لسان الرئيس الأمريكي تأكيده بعدم ترحيبه بشن أي هجوم على إيران وتفضيله لاستكمال المفاوضات. 

وبعد آخر تصريح له بهذا الشأن، بدأت العمليات العسكرية على إيران؛ ليرى العالم نهجًا جديدًا على رئيس أمريكا لم يكن يراه سابقًا، فهو نفسه الذي قرر فرض جمارك أمريكية على واردات عدد كبير من الدول؛ لتهتز الأسواق العالمية؛ ثم يرجع في قراره؛ في ظاهرة لم تحدث من قبل. 

وهو أيضًا من قال بضرورة تهجير الفلسطينيين من غزة، وتحويل غزة لمنتجع سياحي عالمي.

ثم خفتت تصريحاته؛ وعدّلها وغيّرها؛ حتى لم يعد يكررها، وهو أيضًا من وعد بمفاجأة قبيل زيارته للخليج العربي؛ وذلك التصريح كان يحمل بين ثناياه أننا على وشك وقف العدوان الإسرائيلي غير الآدمي على غزة.

ولكن الزيارة انتهت بحصوله على عدة تريليونات من الدولارات دون أن يدفع مقابلها حتى مجرد وعد!! وهي لطمة لو تعلمون كبيرة جدًا.

شخصية الرئيس الأمريكي لم تعد خافية على أحد فهو نرجسي لأبعد الحدود؛ يرتدي لباس الغرور والعظمة المفرطة؛ يرى نفسه محور القوة في العالم؛ والكل يتمنى رضاه ومعيته.

رغم أن التراشقات الإسرائيلية الإيرانية لا يعلم أحد كيف ستنتهي؛ لاسيما أن السيناريوهات التي يتحدث عنها الخبراء متفاوتة؛ أسوأها حرب نووية؛ ستأكل الأخضر واليابس ليس فقط للشرق الأوسط، ولكن أثرها سينعكس على كل دول العالم دون استثناء، وأقلها أن تتوقف وتعاود المفاوضات عملها بين الأطراف المعنية.

بين هذا وذاك؛ يقف العالم على أطراف أصابعه؛ لأن تطورات الأحداث تتصاعد دون معرفة متى تتوقف؛ أو بمعنى أدق؛ كلما ظهرت بادرة تنبئ بحدوث نهاية ما؛ نتفاجأ بقرار معاكس يقلب الأحداث ويسرّع وتيرتها.

فبعد أن أعطى المرشد الإيراني صلاحياته للجيش الثوري على سبيل المثال؛ أعلنت إيران أن الكلمة الأولى والأخيرة في يد الأكثر حماسًا والممسكين بزمام الحرب؛ وليس بيد رجال الدين، وذلك تطور كبير؛ بعدما أعلنه الرئيس الأمريكي عن قرب نهاية المرشد؛ وهو تصريح يحتاج لعدة مقالات من التحليل العميق لمغزاه. 

ولنتخيل العكس لبرهة؛ كيف يمكن للعالم التعامل مع هذا العكس (أن السلطة الحاكمة في إيران تعلن معرفة موقع نتنياهو بدقة؛ ولم أقل ترامب)!!

الولايات المتحدة حاليًا تتعامل مع دول العالم بأنها صاحبة السلطة في التعامل مع الأصدقاء والأعداء؛ وأحيانًا تقوم بدور شرطي المرور لتنظم آليات العبور وأولوياته؛ ومرات أخرى تمارس دور القاضي الذي يفصل بين الدول؛ وليس على قرارها من تعقيب!!

وهو وضع كان شبه مقبول من عديد من الدول سابقًا؛ حيث كانت العلاقات بين أوروبا والولايات المتحدة على سبيل المثال نموذجًا يُضرب به المثل؛ حتى حل ترامب رئيسًا.

منذ حلِّه وحتى الآن تغيرت مفاهيم كثيرة؛ سيظهر أثرها في المستقبل القريب؛ بعد الصدمة التي أخذتها أوروبا؛ أما روسيا والصين التي تعد العدة منذ عقود لتفرض نفوذها وتبرز قوتها لن تظل ساكنة أمدًا طويلًا؛ فهي قادمة بقوة اقتصادية قد تجعلها الأقوى بعد خمس سنوات فقط!

ما فعلته إسرائيل مع إيران هو اعتداء على دولة أخرى؛ وهو فعل محرم دوليًا؛ ويفتح أبوابًا يصعب إغلاقها آنفًا، واستمراره سيجعل الداعمين يدفعون ثمنًا ما أيضًا آنفًا.

فلا شيء يمكن أخذه أو إعطاؤه مجانًا؛ هكذا السياسة.

كيف ومتى تنتهي الحرب الدائرة الآن؛ لا أعلم؛ لكن كما ذكرت؛ هي أيام فارقة في تاريخ العلاقات الدولية؛ وليس في منطقتنا فقط.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: