«الذكاء الاصطناعي».. الروبوت زميل حقيقي ومدير بالعمل في المستقبل

17-6-2025 | 20:34
;الذكاء الاصطناعي; الروبوت زميل حقيقي ومدير بالعمل في المستقبل الروبوت
نوران نصر

قبل سنوات، كانت فكرة أن يصبح الروبوت زميلاً للإنسان في بيئة العمل مجرد فرضية طموحة، أما اليوم فقد اقتربنا كثيراً من تحقيقها. فالتطورات السريعة في الذكاء الاصطناعي، وخاصة في مجال النماذج اللغوية والمساعدين الرقميين، جعلت من الممكن أن تمتد قدرات هذه النماذج من الفضاء الرقمي إلى العالم المادي. نحن الآن نشهد لحظة مفصلية في تاريخ التقنية، حيث تصبح الروبوتات أكثر استعداداً للتفاعل معنا في حياتنا اليومية، سواء في بيئة العمل أو المنزل.

موضوعات مقترحة

هذا التحول ليس مفاجئاً، بل هو امتداد لمسيرة طويلة بدأت منذ ابتكار الروبوت "إيريك" في عشرينيات القرن الماضي، مروراً بوعود الستينيات التي حلمت بروبوتات تعيش وتعمل إلى جانب الإنسان، وصولاً إلى الزمن الراهن الذي يشهد تقدماً مذهلاً في تصميم الروبوتات وتدريبها على التعامل مع البشر ومهام الحياة اليومية.

روبوتات تتعلم وتُعمِّم

واحدة من أبرز القفزات الحديثة جاءت من "غوغل ديب مايند"، التي طورت نسخة هجينة من نموذجها "جيميناي روبوتكس"، تمزج بين الذكاء اللغوي والقدرات الروبوتية، مما أتاح للروبوتات القدرة على فهم الأوامر البشرية بصيغة طبيعية وتحويلها إلى إجراءات عملية قابلة للتنفيذ في العالم الواقعي. ويقوم النموذج اللغوي بتحليل الأوامر وتحديد النوايا وتفكيكها إلى خطوات منطقية تساعد الروبوت على أدائها بفعالية.

هذه القدرة على "تعميم المهام" تعتبر طفرة حقيقية؛ إذ باتت الروبوتات قادرة على الاستفادة من معرفتها في مهمة معينة لتأدية مهمة أخرى مشابهة، وهي مهارة طالما افتقرت إليها الآلات في السابق، حيث كانت تعتمد على سيناريوهات ثابتة ومكررة، وتفشل عند مواجهة مواقف جديدة أو غير مألوفة.

الذكاء المكاني… التحدي الأكبر

إلى جانب فهم اللغة، شكّل "التفكير المكاني" تحدياً كبيراً للروبوتات. فبينما يمتلك البشر قدرة فطرية على إدراك العلاقات بين الأشياء في الفراغ، والتعامل مع الأشكال والأحجام والمسافات، فإن تدريب الروبوتات على مثل هذه المهارات تطلب دمجاً بين النماذج اللغوية المتقدمة وقدرات التصور المكاني. هذا النوع من الذكاء يشمل تصور الأجسام ذهنياً، فهم مواقعها واتجاهاتها، والتفاعل معها بصرياً أو حسياً، وهو أمر بالغ الأهمية في أي بيئة مادية معقدة.

ورغم أن الروبوتات لا تزال في طور التجربة والتطوير، فإن تقدمها في هذا المجال يعني أنها باتت قادرة على تنفيذ مهام كانت في الماضي حكراً على البشر، من التقاط الأشياء بدقة، إلى التحرك في الفراغ، وتفادي العقبات، وحتى اتخاذ قرارات مناسبة بناءً على تحليل فوري للمحيط.

شراكة مستقبلية لا مفر منها

اليوم، ومع هذا الزخم التكنولوجي، تقترب الروبوتات من لعب أدوار حقيقية كشركاء في العمل وليس مجرد أدوات تنفيذية. صحيح أن التحديات التقنية والتنظيمية لا تزال قائمة، وأن التنفيذ قد يكون بطيئاً في بعض الأحيان، لكن لا شك أن الواقع الجديد يفرض علينا الاستعداد النفسي والثقافي لتقبّل الروبوتات كجزء من نسيج حياتنا المهنية والاجتماعية.

إن هذه النقلة النوعية تتطلب من الإنسان أن لا يهاب التعاون مع الآلة، بل أن يتفهم إمكاناتها وحدودها، ويستفيد منها بما يحقق أكبر قدر من الإنتاجية والراحة، فالروبوتات لا تأتي لتأخذ مكان البشر، بل لتكمل أدوارهم، وتفتح أمامهم آفاقاً جديدة من الإبداع والتركيز على المهام التي تتطلب حساً إنسانياً لا يمكن استبداله.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: