كانت أرجوماند بانو بيجوم مشهورة بثقافتها وحبها للعلم وإتقانها اللغتين العربية والفارسية، كما كانت شاعرة تكتب قصائد باللغة الفارسية، وعُرفت بتواضعها رغم جمالها الساحر الذي جذب النبلاء إلى خطبتها في سن مبكرةطمعا في نسب عائلة من طبقة النبلاء، إلا أن والدها أبو الحسن عساف خان، النبيل الفارسي الثري الذي تولى مناصب عليا في إمبراطورية المغول، اختار تزويجها بالأمير غياث الدين خُرم جهانكير، الذي أصبح لاحقاً إمبراطوراً لدولة المغول وبات يُعرف بالإمبراطور شاه جيهان
موضوعات مقترحة
دامت خطبة شاه جيهان وأرجوماند من عام 1607 حتى 1612م، وخلال سنوات الخطبة الخمس هذه تزوج شاه جيهان بزوجته الأولى الأميرة قندهار بيجوم، وعندما بلغت أرجوماند سن الـ19 تزوجت شاه جيهان وأصبح اسمها "ممتاز محل"، لتكون بذلك زوجته الثانية لكنها كانت الأثيرة لقلبه وفؤاده.
ضريح تاج محل
كان شاه جيهان مفتونًا بممتاز محل، لدرجة أنه بالكاد كان يجتمع بزوجاته الأخريات، فقد كانت ممتاز محل حبيبته وصديقته ورفيقته الدائمة وحتى مستشارته في أمور الحكم والسياسة، كما منح الإمبراطور لزوجته المحبوبة ما لم يمنحه لمن سواها من نفقة وامتيازات مادية، فلم يزيَّن سكن من سواها من زوجات الإمبراطور بالذهب الخالص والأحجار الكريمة، ولم تُصنع نوافير ماء الورد إلا في حدائق قصرها.
اختارها شاه جيهان لتكون إمبراطورة المغول، متجاوزاً بذلك زوجته الأولى، وقد أطلق عليها لقب "مليكة جهان" أي "ملكة العالم" و "مليكة الزمزاني" أي "ملكة العصر".
ضريح تاج محل
وقد كانت ممتاز محل ترعى الفقراء والمعوزين وتمدهم بالعطايا، كما قامت برعاية عدد من الشعراء والعلماء والموهوبين الذين تميزوا في عصرها.
وعندما تولى شاه جيهان العرش عمد إلى استشارة زوجته في كل شؤون الدولة، فقد عملت مستشاراً مقرباً منه في أمور الحكم والحرب، وكانت شفاعتها كافية ليسامح الإمبراطور أعداءه أو يخفف عنهم أحكاماً قد تصل إلى الإعدام، ولم يكتف بذلك فحسب؛ بل منحها أيضاً ختمه الإمبراطوري المعروف باسم "مهر العزة"، الذي كانت تصدّق به على المراسيم كافة المتعلقة بشؤون الإمبراطورية الداخلية والخارجية، بمعنى آخر كانت تشاركه في الحكم بكل تفاصيله.
أنجبت ممتاز محل للإمبراطور 14 ولداً (ثمانية أبناء وست بنات)، مات سبعة منهم عند الولادة أو في سن مبكرة جداً خلال 19 عاماً قضاها الزوجان معاً.
ضريح تاج محل
سيدة القلوب التي رحلت مبكرًا
رحلت ممتاز محل عن عمر يناهز 38 عامًا بعد مضاعفات ولادة ابنتها الرابعة عشر"جوهرا بيجوم"بعد مخاض طويل استمر نحو 30 ساعة في 17 يونيو 1631م في مدينة برهانبوروكان لوفاتها أثر عميق في نفس الإمبراطور شاه جهان، الذي وصفته الروايات التاريخية بأنه انهار من الحزن واعتزل النّاس عاما كاملا، وعندما ظهر عام 1632م كان الشّيب قد غطّى رأسه، والأسَى قد أنحل جسمه وأقسم على تخليد ذكراها بأجمل ضريح عرفته البشرية.
في بادئ الأمر دُفنت ممتاز محلّ في قبر متواضع، ولكنّ زوجها شاه جهان أراد أن يبني لها ضريحا يخلّد ذِكرها على مرّ العصور، فقرّر أن يبني أفخم ضريح في العالم تاج محل؛ ليضمّ رفات جوهرته ممتاز، ويكون رمزا للحبّ والجمال لا مثيل له، وأسند مهمة بنائه إلى أشهر مهندس في دولته وهو المهندس المعماريّ المسلم أحمد لاهوريّ فشيد تاج محل على الضفة الجنوبية لنهر يامونا بمدينة أجرا، من رخام المرمر الأبيض الخالص، الذي يتغير لونه مع انعكاس ضوء القمر والشمس عليه، وقد وصف شاه جاهان ذلك بأن «الشمس والقمر يذرفان الدموع من الأسى»، كما تم تطعيم هيكل الضريح بـ28 نوعاً من الأحجار الكريمة وشبه الكريمة كالفيروز، واللازورد، وخرزة التبت، والكريستال، وأحجار اليشم،والعقيق التي تم استيرادها من الصين وراجستان والبنجاب وأفغانستان وسريلانكا، ومن الجزيرة العربية.
ضريح تاج محل
عندما أتم الحرفيون من كل أنحاء الأرض بناء تاج محل، وبعد حوالي 22 عاماً من وفاتها، تم نقل رفاة الإمبراطورة ممتاز محل في تابوت ذهبي إلى ضريحها الجديد هذا الصرح الرخامي الأبيض، الذي يجمع بين الفنون الإسلامية والفارسية والهندية، ليس مجرد مبنى، بل قصة حب منحوتة في المرمر، يقول المؤرخون إن اسم "تاج محل" مشتق من لقب ممتاز محل نفسه، والذي يعني مختارة القصر.
يُذكر أن شاه جهان خطط لبناء نسخة سوداء من تاج محل على الضفة المقابلة لنهر يامونا، لكن أحلامه تبخرت بعد أن خلعه ابنه أورنجزيب من الحكم وعاش شاه جاهان السنوات الأخيرة من حياته رهن الإقامة الجبرية في أحد أبراج القلعة الحمراء في أجرا، مع إطلالة على الضريح المهيب الذي بناه لزوجته، حتى توفي شاه جاهان عام 1666، ودُفن في ضريح بجانب ضريح زوجته ممتاز محل.
ضريح تاج محل
قالوا عن الضريح
وصفه شاعرالهند الأعظم طاغور بأنه "دمعة على خد الخلود"،
ووصفه جواهر لال نهرو، رئيس الوزراء الهندي الأسبق: "هذا ليس قبراً... هذا أغنية من المرمر".
ويقول الشاعر الإنجليزي السير إدوين أرنولد، إن ما يميز تاج محل عن أي صرح معماري آخر هو الشغف الذي بُني به والذي يعكس عشق الإمبراطور لزوجته، إذ يعتبر جمال تاج محل وتميزه انعكاساً لجمال ممتاز محل وموقعها في قلب الإمبراطور العاشق .
ضريح تاج محل
أكثر من مجرد ضريح
على الرغم من مرور قرون، لا يزال اسم ممتاز محل يتردد كرمز للإخلاص والجمال. فقد كانت رفيقة درب شاه جهان، مستشارته المقربة، والشخصية التي قال عنها المؤرخون إنها "حكمت الإمبراطورية بقلبها الطيب" اليوم، يقصد ملايين السياح تاج محل سنويًا، ليس فقط للإعجاب بجماله المعماري، بل لتذكر قصة الحب التي تجاوزت الموت.
اليوم، يعيش إرث ممتاز محل في كل زاوية من تاج محل شاهدة على أن الحب الحقيقي يمكن أن يخلد حتى في أحجار صامتة وتحوّل لواحدة من عجائب الدنيا، ويقف الآن شامخاً وقوياً وسيظل رمزاً للحب للأجيال القادمة، وهو نصب تذكاري مذهل للحب والخسارة والفقد والإخلاص الأبدي.
ضريح تاج محل
ضريح تاج محل
ضريح تاج محل
السلطان المغولي شاه جهان
ممتاز محل # #