إذا كنت قد زرت سيوة من قبل فأنت بالطبع لم تر كل شئ فيها؛ إذ أن سيوة لا تعني قلعة شالي وبيوت الكرشيف فقط؛ فالواحة الأم تجاورها عدة واحات صغيرة ساحرة لا يعرفها الكثيرين، ومنها واحة سترة، وهما محور هذا المقال...
موضوعات مقترحة
واحة سترة
تقع واحة سترة شرق واحة البحرين ونواميسة، وهى واحة كبيرة يحدها من الجنوب بحر الرمال الأعظم، ومن الشمال التلال الصخرية وتحتوى على بحيرة مالحة وأشجار نخيل وتوجد بها بعض المقابر الصخرية التى تقع فى التلال الواقعة شمالاً، ومن المحتمل وجود بعض المبانى أو معبدًا مدفونًا بالرمال، ولكن الأمر يحتاج لمزيد من البحث وأعمال المسح الأثرى.
وتبعد واحة سترة عن سيوة بحوالى 180كم، وحاليا تم حفر بئر عميق للمياه العذبة الى الشرق من الواحة القديمة وفى امتداد وادى سترة شرقًا، وهذا الوادى فسيح جدًا ربما تصل مساحته إلى 30 ألف فدان؛ مما يعطى الفرصة مستقبلا لإمكانية استغلاله فى الأستصلاح
وتعد واحة سترة آخر واحات سيوة المهجورة، وتقع الواحة على طريق الواحات البحرية، والمسافة من سترة إلى الواحات البحرية حوالى 200 كم أو أكثر قليلاً، وهذه المسافة لا توجد بها آبار مياه قديمة أو واحات للتزود بالمياه.
مما سبق نجد أن الطريق من سيوة الى الواحات البحرية فى العصور القديمة ليس بدرجة الخطورة الكبيرة من أحتمال نفاذ المياه أو الطعام، حيث أمنت تلك الواحات الصغيرة التزود بالماء واستبدال الدواب وبالتالي أصبح إطعامها ممكنًا.
وليس بعيدًا عن سترة، تقع واحة نواميسة شرق واحة البحرين بحوالى 10 كم، ويكثر بها أشجار النخيل وبركة مياه وبعض المقابر المنحوتة فى الصخر.
وعلى هذا النحو ينتظم الطريق عبر تلك الواحات المجهولة، حيث تبدأ الرحلة من أبو شروف والزيتون ومنها لواحة اللعرج ثم البحرين ثم نواميسة ثم سترة والمسافات بين كل واحة وأخرى ليست ببعيدة ويمكن قطعها فى يوم أو يومين على الأكثر سيرا أو على الدواب
والأمر الثانى أنه يمكن الاتجاه شمال شرق بحيث تكون واحة المعاصر ثم تميرة ثم تبغبغ ثم اللعرج ثم البحرين أو سترة؛ ولذا يُعتقد أن هذه الواحات كان لها دور مهم جدا فى تأمين القوافل التجارية وإمدادها بالماء والطعام، ولكن فى اعتقادى أن كل واحة من تلك لا تحتوى على عدد سكان كثيرًا؛ إذ يترواح عدد سكان كل واحة ما بين 50 الى 500 نسمة على أقصى تقدير فى بعض الواحات مثل واحة البحرين، وذلك قياسًا على نموذج مستمر إلى العصر الحالى، وهى واحة الجارة حيث أنها الواحة الوحيدة الآهلة بالسكان لعصرنا هذا.
واذا ما قسنا ودرسنا الموارد الطبيعية من آبار مياه ومساحة أرض مزروعة ومحاصيها وكذا مساحة الواحة نفسها نجدها بهذا الحجم، حيث يصل عدد سكان واحة الجارة لنحو 300 نسمة، وكانت تؤدى دور المحطة بين سيوة والساحل الشمالى والعلمين، حيث تمر القوافل عليها ذهابًا وإيابًا وكم المبانى والمنازل الموجودة أيضا يمكن مقارنته مع عدد وحجم المقابر والأطلال الأثرية بالواحات الأخرى، ولكن من الثابت أن واحة الجارة فقط من ضمن الواحات الأخرى سالفة الذكر هى التى سًكنت أو تواصلت الحياة بها، حيث نجد أن العمارة الموجودة بها حاليا تأخذ نفس نمط العمارة (الكرشيف) بشالى وسيوة ومبنية فوق هضبة مرتفعة، بينما على العكس نجد أن كل الواحات الأخرى لا يوجد بها عمارة الكرشيف.
ويرجع تاريخ عمارة الكرشيف إلى أواخر العصر الرومانى بالواحة، وتحديدا القرنين العاشر والحادى عشر الميلادى؛ مما يعنى ويؤكد أن الواحات الأخرى هُجرت ولم تُسكن بعد العصر الرومانى، وربما اُستغلت كمحطات تجارية من قبل المسافرين دون أن يكون هناك سكان بها.
الأثري عبد الله إبراهيم موسى
مدير منطقة مرسى مطروح للآثار الإسلامية والقبطية
الأثري عبد الله إبراهيم موسى