ليس من دينهم ولا من جنسهم، وشاهدته الملايين كجائع يهجم على قصعته، وكلما وجه الملاكم الأيرلندي "بادي ماكوري" ضرباته في وجه الملاكم الإسرائيلي "شوكي فاراج" يردد: فلسطين حرة.
ويعلن الحكم فوز الأيرلندي على الإسرائيلي بالضربة القاضية.
مشهد المقاتل الأيرلندي ظهر تلقائيًا، وعكس مدى كراهيته لسياسة الاحتلال، وانتصرت غزة في بعث قلوب وأفئدة كانت تجهل تمامًا ماهية القضية الفلسطينية، خاصة لدى شباب من أوروبا وأمريكا وحول العالم عاشوا وتربوا على تعتيم قضية شعب مغتصب أرضه منذ مائة عام.
وهل يكتفي الملاكم مكوري بضرباته القاضية؟! بل يرفع علم فلسطين حين استلامه الجائزة، ولسانه لا يسكت عن عبارة فلسطين حرة.
واللافت للنظر أن يلقى تفاعلًا واسعًا من جمهور المباراة، ويعلو صياحهم داعمًا له، ويرددون معه فلسطين حرة.
ويتوالى بث الصور الفردية المبدعة الداعمة لغزة من بلاد الحلفاء.
لا شك أن مأساة غزة أشعلت روح الغضب في أجساد لا تخطر على البال أن تثور لقضية بعيدة عنها آلاف الأميال.
وفي صورة أخرى تطالعنا السوشيال ميديا بفيديو لرجل أمريكي بدين، يسكن أقصى جنوب الولايات المتحدة، ولاية تكساس، يرتدي على رأسه قبعة مرسوم عليها علم فلسطين.
وأقسم الرجل الأمريكي الأبيض أنه لن يعود إلى بيته حتى تصبح فلسطين حرة، ويعود أهل غزة إلى ديارهم في أمان، ورسم على شاحنته المسجد الأقصى، وزار بها 43 ولاية بطولها وعرضها، ويقف بين أهالي الولايات الأمريكية ليعرض عليهم معاناة شعب فلسطين وغزة.
ولك أن تتخيل أنه جاب بلاد ذات مساحات شاسعة ليقبح فظائع الاحتلال.
وتدفع غزة هذا الرجل الأمريكي لابتكار وسائل تكشف الوجه الحقيقي الصهيوني، وتفوقت وسائله البسيطة على إمكانات إعلامية كبيرة قد تكون موجهة من دول إسلامية تفضح سياسة المحتل العنصرية.
وتتألق صورة ثالثة تخرج من موانئ إيطاليا، وتحمل معها أرق المشاعر الإنسانية والبطولية، تظهر في الصورة سفينة الحرية تبحر من الشواطئ الإيطالية لمناصرة غزة، ويتجلى إبداع الصورة وهي تصور إصرار مجموعة من فتيات أوروبا أعمارُهن في بداية العشرينيات على الوصول إلى غزة تحت وابل القصف الغاشم.
ويبلور "بن كسبيت" الكاتب الإسرائيلي في صحيفة معاريف رؤيته النهائية للحرب الإسرائيلية على غزة، ويقر بالهزيمة بعد مرور أكثر من 600 يوم، ويصفها بالمدوية والأليمة والمهينة.
وهذا برغم نجاح نتنياهو في كسر قوة حماس، ويعلل وجهة نظره أن إسرائيل لا تملك أي دعم من المجتمع الدولي للبقاء في غزة، وثانيًا أصبحت إسرائيل دولة منبوذة، وبذلك حطم نتنياهو إسرائيل من الداخل والخارج.
ويعلق في خاتمة مقاله بعبارة "هُزمت إسرائيل.. وينتصر نتنياهو"، ولكن يبقى في الصدر مرارة مشاهد الإبادة وقتل وإصابة عشرات الآلاف.
ولذا بدت ملامح نصر غزة في انتفاضة شباب أوروبا وأمريكا في أروع إبداعاتهم.
[email protected].