«المشير الجمسي» الجنرال النحيف المخيف.. مسيرة قائد انتظرته المعركة وأرعب العدو بـ«الكشكول»

7-6-2025 | 08:35
;المشير الجمسي; الجنرال النحيف المخيف مسيرة قائد انتظرته المعركة وأرعب العدو بـ;الكشكول; المشير محمد عبد الغني الجمسي
محمد حسن صالح

تحل اليوم ذكرى رحيل المشير محمد عبد الغني الجمسي، أحد ‏أبرز القادة العسكريين في تاريخ مصر الحديث، والذي صُنف باعتباره واحدًا من أبرع وأفضل 50 قائدًا عسكريًا في التاريخ، ولُقّب بـ"مهندس ‏حرب أكتوبر"، واعتُبر "العقل العسكري الأخطر" لدى القيادة الإسرائيلية، وأطلق عليه الأعداء لقب "الجنرال النحيف المخيف"  فلم تُخفِ إعجابها بقدراته الإستراتيجية، رغم كونه خصمًا في ساحة ‏المعركة‎.‎

موضوعات مقترحة


المشير محمد عبد الغني الجمسي

العقل المدبر لعبور المستحيل

لعب الجمسي دورًا حاسمًا في الإعداد لحرب السادس من أكتوبر 1973، ‏بصفته رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، ومن خلال دراسته التفصيلية ‏المعروفة بـ«كشكول الجمسي»، أسهم في تحديد التوقيت الأنسب للضربة ‏الأولى، بناءً على تحليل شامل للموقف العسكري، ومراعاة للعوامل الطبيعية ‏لقناة السويس مثل المد والجزر، وسرعة التيار، وساعات الظلام وضوء ‏القمر، والأحوال الجوية‎.‎

كانت هذه الدراسة السرية، التي سُجّلت في كشكول مدرسي، محل ثقة القيادة ‏السياسية، ولم يطّلع عليها سوى الرئيس أنور السادات والرئيس السوري ‏حافظ الأسد خلال لقاء حاسم اتُخذ فيه قرار الحرب‎.‎


المشير محمد عبد الغني الجمسي

من تراب الريف إلى صدارة المعركة

وُلد الجمسي في 9 سبتمبر 1921 بقرية البتانون في محافظة المنوفية. كان ‏الوحيد بين أشقائه الذي تلقى تعليمًا نظاميًا، حيث درس في مدرسة المساعي ‏المشكورة بشبين الكوم، قبل أن يلتحق بالكلية الحربية وهو في السابعة عشرة ‏من عمره، ويتخرج في سلاح المدرعات عام 1939‏‎.‎

زامل في الدراسة عددًا من رموز ثورة يوليو، مثل جمال عبد الناصر وعبد ‏الحكيم عامر وخالد محيي الدين، وشارك في معظم الحروب التي خاضتها ‏مصر ضد الاحتلال الإسرائيلي، باستثناء حرب 1948 التي كان خلالها في ‏بعثة تدريبية خارج البلاد‎.‎


المشير محمد عبد الغني الجمسي

مسيرة عسكرية حافلة

تدرج الجمسي في المناصب العسكرية، فقاد اللواء الخامس مدرعات خلال ‏معركة السويس عام 1956، ثم تولى رئاسة أركان المدرعات، وقاد اللواء ‏الثاني مدرعات. وفي عام 1960، سافر إلى الاتحاد السوفيتي لدراسة العلوم ‏العسكرية في أكاديمية فرونزي‎.‎

عقب نكسة يونيو 1967، كُلّف بتدريب الجيش المصري استعدادًا لمعركة ‏التحرير، وأثبت كفاءة عالية في استيعاب خطط العدو.

وفي عام 1971، ‏تولى رئاسة هيئة التدريب، ثم أُسند إليه منصب مدير المخابرات الحربية عام ‏‏1972، فكان بذلك أحد مهندسي إعادة بناء الجيش‎.‎

في يناير 1972، عُيّن رئيسًا لهيئة عمليات القوات المسلحة، ثم تولى منصب ‏رئيس الأركان في أغسطس 1973، خلفًا للفريق سعد الدين الشاذلي، ورُقي ‏إلى رتبة فريق في الشهر نفسه‎.‎


المشير محمد عبد الغني الجمسي

إدارة الحرب والثغرة

خلال حرب أكتوبر، كان الجمسي العقل المدبر لخطة العبور، التي حققت ‏المفاجأة العسكرية الأكبر في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، لكنّه واجه ‏لحظات صعبة بعد ما عُرف بـ«ثغرة الدفرسوار»، التي تسللت من خلالها ‏قوات إسرائيلية غرب القناة، وتولى الجمسي رئاسة الأركان خلفًا للفريق سعد الدين الشاذلي، ووضع خطة لمحاصرة القوات ‏المعادية عُرفت باسم "خطة شامل"، إلا أنها لم تُنفذ بسبب قرار وقف إطلاق ‏النار‎.‎


المشير محمد عبد الغني الجمسي

الجمسى على طاولة العدو.. لا مصافحة ولاتراجع‎ ‎

بعد وقف إطلاق النار، صدر قرار من الرئيس السادات بتكليف الجمسي ‏برئاسة الوفد المصري في مفاوضات الكيلو 101، كما رأس الوفد في ‏المفاوضات العسكرية اللاحقة. وفي مشهد يعكس صلابته، رفض مصافحة ‏الجنرال « أهارون ياريف» رئيس الوفد الإسرائيلي، وجلس مترئسًا وفد ‏مصر بثقة المنتصر‎.‎

في عام 1974، رُقي إلى رتبة فريق أول، وعُيّن وزيرًا للحربية وقائدًا عامًا ‏للقوات المسلحة، ثم تولى في عام 1975 منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ‏ووزير الإنتاج الحربي. وفي عام 1978، خرج من وزارة الدفاع، ليُعين ‏مستشارًا عسكريًا لرئيس الجمهورية، ويحصل على رتبة مشير شرفيًا عام ‏‏1980‏‎.‎


المشير محمد عبد الغني الجمسي

استراحة محارب

رغم المناصب الرفيعة التي شغلها المشير محمد عبد الغني الجمسي، فإن حياته ‏بعد الخروج من الخدمة اتسمت بالتواضع والبُعد عن الأضواء؛ وقد نال الجمسي خلال مسيرته 24 وسامًا ونوطًا وميدالية من مصر ودول عربية ‏وأجنبية، من بينها وسام نجمة الشرف العسكرية، ووسام التحرير، ووسام ‏الجمهورية العربية المتحدة‎.‎


المشير محمد عبد الغني الجمسي

الجمسى.. غاب الجسد وبقى المجد‎ ‎

توفي المشير محمد عبد الغني الجمسي في 7 يونيو 2003 عن عمر ناهز82 ‏عامًا، بعد مسيرة عسكرية وسياسية حافلة. لم يكن رحيله مجرد نهاية ‏لمسئول سابق، بل كان وداعًا لعقل عسكري فذ، ورجل عُرف بصلابته في ‏الميدان وصموده في التفاوض، حتى صار اسمه مرادفًا للنصر والانضباط‎.‎

لقد انتظرته المعركة، فخاضها بثقة، وأرعب العدو بعقله، لا بصوته،  وفي ‏ذكرى وفاته، تبقى سيرة الجمسي حاضرة في ذاكرة الوطن، كأحد أبرز من ‏كتبوا تاريخ النصر بأحرف من عزة وكرامة‎.‎


المشير محمد عبد الغني الجمسي

المشير محمد عبد الغني الجمسي

المشير محمد عبد الغني الجمسي

المشير محمد عبد الغني الجمسي

المشير محمد عبد الغني الجمسي

المشير محمد عبد الغني الجمسي

تغطية الأهرام لوفاة المشير محمد عبد الغني الجمسي

تغطية الأهرام لوفاة المشير محمد عبد الغني الجمسي
     

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: