الخلافات التي تنشأ عند توزيع التركة من الخلافات والمشاكل التي كثرت في المجتمع وهي من المشاكل التي تقطع صلة الأرحام وتوغر القلوب بالكره والبغض، وتملأ الصدور بكل ما هو مقيت ومميت تجاه الإخوة والأقارب وتورث الفرقة وعدم الألفة بين الأجيال المتعاقبة؛ ولذا هناك الحكمة التي تقول يختبر الإخوة عند توزيع الميراث، وهذه المشاكل والمشاحنات تنشأ بسبب عدم توزيع الميراث، سواء كان قليلًا أو كثيرًا وتأخير توزيعه، أو الاختلاف في توزيع الأنصبة علي مستحقيه وإحساس كل طرف من الأطراف أنه يستحق أكثر من الآخرين، سواء بحق او بدونه، وحتى لو تم توزيعه حسب شرع الله، فإن هناك من الأطراف ما يوغر الشيطان في نفسه أنه حدث عليه غبن ويستحق أكثر من مما أخذه، وأن هناك من أخذ أكثر مما يستحق.
وهنا يتدخل الشيطان بقوة لبث الضغينة بين الإخوة والأقارب لتصل الأمور إلى ما لا تحمد عقباه.
ومشاكل الميراث من المشاكل التي تنشأ بسرعة وبحدة، ولا يبذل الشيطان أي جهد في إشعالها وتأجيجها واستمرارها لسنوات وسنوات، وهي منتشرة بين معظم غالبية العائلات، إلا من رحم ربي.
وأكدت دار الإفتاء المصرية أن مماطلة أحد الورثة أو تأجيله قسمةَ الإرث، أو منع تمكين الورثة من نصيبهم بلا عذر أو إذن من الورثة محرَّم شرعًا، وصاحبه آثم مأزور، وعليه التوبة والاستغفار مما اقترفه، ويجب عليه رَد المظالم إلى أهلها بتمكين الورثة من نصيبهم، وعدم الحيلولة بينهم وبين ما تملكوه إرثًا.
وللأسف هناك الكثيرون الذين يطمعون في أكثر من حقوقهم الشرعية في الميراث، ويتوفاهم الله ولا يستمتعون بما أخذوه بغير حق في دنياهم، ويورثونه لأولادهم مع قطع صلة الأرحام بين أولادهم والأقرباء، ويحاسبه الله حسابًا عسيرًا في آخرته، وهناك من لا يضيف الإرث لهم شيئًا مقابل ما يمتلكونه، ولكن يطمعون أيضًا في أكثر من حقوقهم، استجابة لوساوس الشيطان؛ ولذا قال النبى صلى الله عليه وسلم: «مَنْ فَرَّ مِنْ مِيرَاثِ وَارِثِهِ قَطَعَ اللَّهُ مِيرَاثَهُ مِنَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» " حيث إن منع الارث أو التأخير بلا عذر أو إذن في توزيعه ذلك من الظلم، والظلم من الكبائر؛ حيث ذكر أيضًا رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "إِيَّاكُمْ والظُّلْمَ ، فإنَّ الظُّلْمَ هو ظُلُماتٌ يومَ القيامةِ…"، وفيه أيضًا أكل لأموال الناس بالباطل؛ حيث يقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}.
ومن الأفضل ان يقوم المورث في حياته بتوزيع الميراث ورقيًا حسب الشرع على أن يشترط ألا يتم التوزيع والتملك للورثة إلا بعد وفاته، وكل وارث يأخذ نصيبه من التركة عقب الوفاة مباشرة، بعد أن يخصم منها نفقة تجهيز إجراءات وفاة المورث، وقضاء الديون، وإنفاذ الوصايا والكفارات والنذور، وعلى الوارثين أن يتذكروا قول الله تعالى: (وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)، وأن كسب القلوب اولى من كسب المواقف، وأنه "يا وارث من يورثك".