لوموند: جورجيا ميلوني تبحث عن طريقها بين أوروبا والولايات المتحدة

2-6-2025 | 14:50
لوموند جورجيا ميلوني تبحث عن طريقها بين أوروبا والولايات المتحدة صحيفة لوموند الفرنسية
أ ش أ

"تبتعد رئيسة الوزراء الإيطالية عن شركائها الأوروبيين على الساحة الدولية ويبقى أن نرى ما إذا كانت ستجد أرضية مشتركة خلال لقائها مع إيمانويل ماكرون في روما يوم غد الثلاثاء". 

موضوعات مقترحة

هكذا استهلت صحيفة لوموند الفرنسية مقالها الافتتاحي مشيرة الى ان رئيسة الوزراء الإيطالية اليمينية المتطرفة جورجيا ميلوني أرادت أن تكون جسرا بين ضفتي الأطلنطي في عالم مضطرب نشأ من فوز دونالد ترامب والتغيير المستمر في النظام في واشنطن. فمنذ توليها السلطة في عام 2022، نجحت ميلوني في كسب ثقة جزء من المؤسسة الأوروبية، لا سيما من خلال الحفاظ على علاقة مستمرة مع رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين. ومن ناحية أخرى، نجحت ميلوني لاحقا في ترسيخ مكانتها داخل البيت الأبيض، حيث تحظى بتقدير كبير في الأوساط المحافظة. ومن هنا اكتسبت صداقة إيلون ماسك كما حظت بقدر من الاهتمام من جانب دونالد ترامب .

ومع ذلك، بدت ميلوني وكأنها في الخلفية خلال الأحداث التي استهلها تنصيب الرئيس الأمريكي، والتي جرت بوتيرة متسارعة وسط ضربات دبلوماسية ومماطلة واشنطن في التعامل مع التجارة الدولية، وأوكرانيا وكذلك الحال فيما يتعلق بعلاقتها بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، علاوة على التهديدات الموجهة لحلفائها الكنديين والدنماركيين.

وأجرت جورجيا ميلوني جهودها الدبلوماسية بشكل منفصل - مع تشكهها في المبادرات الفرنسية، رغم الزخم الذي أطلق داخل "تحالف الراغبين" الذي يضم ألمانيا وبولندا والمملكة المتحدة - مدفوعة بضرورتين أساسيتين تتمثلان في رفض أي تصعيد في اللهجة تجاه إدارة ترامب التي تقربها منها أيديولوجيا، باسم "الوحدة الغربية"، وطمأنة الرأي العام المسالم بشدة بأنه لن تطأ قدم أي جندي إيطالي الأراضي الأوكرانية.

وقد يتغير هذا الوضع، إذ انه من المقرر ان يصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى روما يوم غد الثلاثاء 3 يونيو للقاء ميلوني وحضور عشاء عمل معها على الرغم من أن العلاقة بينهما لم تتحسن منذ ظهور جورجيا ميلوني على الساحة الدولية. وفي مناسبات عديدة، تحولت الأزمة إلى مواجهة، بل إلى أزمة دبلوماسية. ففي 16 مايو اتهم الرئيس الفرنسي رئيس السلطة التنفيذية الإيطالية بنشر "معلومات كاذبة" على غرار الكرملين على هامش قمة المجموعة السياسية الأوروبية في تيرانا.

وفي اليوم ذاته، بررت جورجيا ميلوني غيابها، خلال اتصال هاتفي بين رئيسي دول وحكومات "ائتلاف الراغبين"، الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والامريكي دونالد ترامب، برفض روما إرسال قوات إلى أوكرانيا. وفي 10 مايو ، تغيبت ميلوني أيضا عن الزيارة الرسمية إلى كييف التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والمستشار الألماني فريدريش ميرز. وقد استنكرت المعارضة عزلة روما المذنبة في أوروبا، حيث سبق لجورجيا ميلوني أن زارت باريس على مضض في فبراير. وكانت قد حضرت اجتماعا نظمه إيمانويل ماكرون حيث بررت الهجمات العنيفة التي شنها نائب الرئيس الأمريكي جيه.دي. فانس في ميونيخ ضد النموذج الديمقراطي الأوروبي.

وفي 27 مايو الماضي، أكدت رئيسة الوزراء لقادة الأعمال الإيطاليين المجتمعين في مدينة بولونيا أنها أعادت لإيطاليا "المركزية اللائقة بها على الساحة الدولية". وكانت تأمل في لعب دور رئيسي مع انتخاب دونالد ترامب. ولا بد من الاقرار بأن جهودها لم تسفر حتى الآن سوي عن نتائج محدودة. فقد تضاءلت إمكانية إجراء مفاوضات في الفاتيكان، كما سعت جورجيا ميلوني، وكذلك إمكانية عقد قمة في روما بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

ومع ذلك، فإن ميلوني ليست وحدها اذ انها علاقتها بأورسولا فون دير لاين مازالت قوية. ففي 18 مايو، تمكنت جورجيا ميلوني، التي استضافت جيه. دي. فانس في روما في أبريل، على طاولة واحدة مع رئيس المفوضية على هامش تنصيب البابا ليو الرابع عشر. وينسب إلى جيورجيا ميلوني دورها الحاسم في تنظيم المكالمة الهاتفية بين أورسولا فون دير لاين ودونالد ترامب يوم الأحد 25 مايو، والتي أدت إلى تأجيل تطبيق الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة التي تستهدف الاتحاد الأوروبي في 9 يوليو. كما انها نسقت مع رئيس المفوضية الأوروبية قبل اجتماعها مع دونالد ترامب في واشنطن في أبريل.

وفي مسارها الموازي، تعتزم جيورجيا ميلوني بناء علاقة ثنائية قائمة على التقارب الأيديولوجي مع "العالم الترامبي"، حيث تتمتع بمكانة مرموقة. وقد صرح أحد زوار حصن دونالد ترامب في فلوريدا مؤخرا بأن "الجميع يقدرونها هنا ويجدونها رائعة وودودة وواعدة" وفي المكتب البيضاوي قال لها ترامب إنها ستكون محاورته المفضلة في أوروبا ي جو ساده المرح.

وفي الواقع، يبدو أن قادة أوروبيين آخرين ليسوا بحاجة إلى وساطة جورجيا ميلوني للتحدث مع دونالد ترامب. فمن جانبها، لا يبدو أنها ترى بعد جدوى توحيد الجهود مع الدول الكبرى الأخرى في القارة، التي تنسق جهودها بشكل وثيق في سياق الأزمة عبر الأطلنطي ويبقى أن نرى ما إذا كانت جهود جورجيا ميلوني التي تبدو منفردة، رغم تنسيقها مع أورسولا فون دير لاين، ستتمكن في النهاية من التقارب مع جهود شركائها الأوروبيين، بعد اجتماع يوم الثلاثاء في روما.

 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: