ما هي حظوظ التسلح النووي والصاروخي الكوري الشمالي المتصاعد على أجندة المتنافسين في انتخابات الرئاسة التي تجري بعد غدٍ الثلاثاء بالشطر الجنوبي؟
وكيف ردت بيونغ يانغ على مناقشات رفيعة المستوى جرت لأول مرة بالجمعية العامة للأمم المتحدة بخصوص ما يتردد عن انتهاكات لحقوق الإنسان بالشمال؟
السؤال الأول نشرته صحيفة "كوريا تايمز" الصادرة في سول يوم الأربعاء الماضي، وقبل الإجابة عليه، أود أن أشير إلى تقرير حديث منسوب لهيئة أبحاث الكونجرس الأمريكي حول تطورات برامج الأسلحة النووية والصاروخية لكوريا الشمالية.
تقرير الكونجرس ينقل عن خبراء غير حكوميين أن بيونغ يانغ أنتجت ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع ما يصل إلى 90 رأسًا نوويًا، فيما يسود الاعتقاد بأنها تمتلك 50 رأسًا نوويًا. ووفقًا لتقديرات إضافية لأجهزة المخابرات الأمريكية، قد تحصل كوريا الشمالية على خبرة تكنولوجية روسية مقابل مبيعاتها من الأسلحة، بما قد يسهم في تسريع إجراء تجربتها النووية السابعة ووضع الرؤوس الحربية.
بالنسبة للتسلح الصاروخي، ذكرت وكالة المخابرات الحربية الأمريكية أن بيونغ يانغ تمتلك 10 صواريخ باليستية عابرة للقارات وقادرة على الوصول إلى أراضي الولايات المتحدة، قد تزيد إلى 50 صاروخًا في غضون السنوات العشر المقبلة.
في تقرير حديث قدمه للجنة العسكرية بمجلس الشيوخ الأمريكي، صرح قائد القيادة الشمالية للقوات الأمريكية جريجوري جيلوت بأن كوريا الشمالية تواصل السعي لتطوير برامج الأسلحة الإستراتيجية في تحدٍ لأنظمة منع الانتشار النووي (وفي تحدٍ كذلك لقرارات مجلس الأمن الدولي)، وأعرب عن قلقه بشأن الصاروخ الباليستي الجديد العابر للقارات من طراز "هواسونغ-19" الذي جرى إطلاقه في نهاية شهر أكتوبر الماضي، ويتمتع بقوة دفع متطورة مقارنة بـ"هواسونغ-18".
هذا التطوير في برامج الأسلحة الإستراتيجية، وتحديدًا النووية والصاروخية في كوريا الشمالية، احتل جانبًا مهمًا في المناظرة التليفزيونية الأخيرة لمرشحي الرئاسة الكورية التي استضافتها اللجنة الوطنية للانتخابات ليلة الثلاثاء الماضي.
منذ 23 عامًا، وتحديدًا سنة 2002، أوفدتني "الأهرام" لتغطية الانتخابات الرئاسية في كوريا، وقد أسفرت وقتها وبشكل ديمقراطي مثير عن فوز المرشح العصامي الليبرالي الحقوقي روه مو-هيون. فهل تتكرر المفاجآت مجددًا في عام 2025؟!
مرشح الحزب الديمقراطي صاحب الحظ الأوفر في الفوز، لي جيه-ميونج، تعهد بتعزيز الدبلوماسية الكورية الجنوبية في اتجاه براجماتي وشامل واستشرافي، قائم على التحالف بين سول وواشنطن وتعميق التعاون الثلاثي الذي يضم طوكيو.
أضاف لي قائلًا: "السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية أمران مهمان، ومع ضرورة توافر القدرات العسكرية القوية، لا بد من وجود الحوار والتعاون والسلام".
من جانبه، اقترح مرشح حزب سلطة الشعب، كيم مون-سو، نهجًا أكثر حزمًا مع الشمال، ووجه الانتقاد للنظام في بيونغ يانغ بقيادة كيم جونغ أون، في ضوء ما وصفه بـ"تهديده حياة شعبنا وممتلكاته بالاستفزازات النووية والصاروخية".
قال المرشح كيم نصًا: "سأبني علاقة شفافة بين الكوريتين"، متعهدًا بتعزيز قدرات الردع النووي في وجه أي تهديد، وفي ظل التحالف الكوري-الأمريكي.
أما مرشح حزب الإصلاح الجديد، لي جون-سيوك، فقد اقترح إقامة منشأة كورية-أمريكية مشتركة لتصنيع القذائف، كوسيلة للرد على أي طلب من واشنطن بزيادة تكاليف الدفاع، كما اقترح دمج وزارتي الخارجية والوحدة، وكذلك، إنشاء منصب حكومي بمسمى "نائب رئيس لمجلس الوزراء للإشراف على السياسات الأمنية".
وتعهد مرشح حزب العمل الديمقراطي كوون يونج-كوك بإصلاح الجيش الجنوبي، وتعيين وزير دفاع مدني، والسعي إلى تبادلات نشطة لتحقيق السلام بين الكوريتين.
تلك هي خلاصة مواقف مرشحي الرئاسة الكورية الرئيسيين في المناظرة التليفزيونية الأخيرة، غير أنه يجب تأمل ما نبهت إليه صحيفة "كوريا هيرالد" بأن "دبلوماسية عالية المخاطر تنتظر الرئيس الكوري المقبل"، وتحديدًا فيما يتعلق بالتسلح النووي والصاروخي في كوريا الشمالية، بالإضافة إلى السياسة الخارجية.
هنا أعود إلى تصريحات إضافية للمرشح الرئاسي صاحب الحظ الأوفر في الفوز، لي جيه-ميونج، الذي أكد ضرورة إدارة العلاقات مع روسيا، ومواصلة تطوير شراكة التعاون الإستراتيجية مع الصين، وكذلك، تطوير العلاقة مع اليابان بطريقة موجهة نحو المستقبل، واستعادة العلاقات الطبيعية بين الكوريتين من أجل السلام، وأيضًا الحفاظ على هدف إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية.
وفي ضوء التدهور الذي شهدته العلاقات بين الكوريتين تحت إدارة الرئيس المعزول يون صوك-يول، ومع ترجيحات الرأي العام لانتخاب حكومة جديدة قد تصبح من نصيب الحزب الديمقراطي المعارض، بات لزامًا معرفة توجهاته تفصيلًا.
فقد صرح لي بأنه سيسعى إذا تم انتخابه لعقد قمة مع الزعيم كيم، لكنه اعترف بأن عقد مثل هذه القمة ستكون صعبة للغاية في الظروف الحالية. وقال: "ينبغي إجراء الاستعدادات لاجتماع محتمل، وكذلك، عقد قمة أخرى بين الرئيس الأمريكي ترامب والزعيم كيم". مضيفًا أن هناك بالتأكيد دورًا لسول في مثل هذه الجهود.
وفيما يتعلق بالرد على التهديد النووي الشمالي، استبعد المرشح لي تسلح كوريا الجنوبية بأسلحة نووية، وقال: "ليس من الواقعي ولا من المرغوب فيه أن نمتلك أسلحة نووية، ويجب أن نمضي قدمًا في نزع السلاح النووي من خلال تجميد الأسلحة النووية الكورية الشمالية، وسيكون الدور الأساسي في ذلك للولايات المتحدة والصين وروسيا، لذا يجب توثيق العلاقات مع تلك الدول المجاورة".
يبقى التنويه إلى الإجابة عن السؤال الثاني المطروح في بداية المقال، حيث لم ترد تعليقات من بيونغ يانغ بخصوص الانتخابات الرئاسية المهمة بالشطر الجنوبي، غير أن جل الاهتمام انصب للرد على اجتماع أممي يتعلق بحقوق الإنسان بالشمال.
فقد وصفت كوريا الشمالية الاجتماع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة الذي عقد يوم الثلاثاء الماضي بشأن وضع حقوق الإنسان فيها، بأنه "استفزاز ذو دوافع سياسية". وأدانت بيونغ يانغ الاجتماع باعتباره انتهاكًا صارخًا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، واتهمت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية ودولًا أخرى بالانخراط في حملة تشهير شنيعة ضدها، كما نددت بالمنشقين الشماليين الذين تحدثوا أمام الاجتماع -وهو الأول من نوعه- ووصفتهم بأنهم "حفنة من الحثالة".
[email protected]