نحن أمام جدل تاريخى مذهل، يقف التاريخ عاجزًا عن الفهم أو وصف ما يحدث، كيف تهزم إسرائيل نفسها، وتقف ضعيفة أمام شعبها؟ بل أمام العالم، تدعو الكل ليقاوم هذا الجبروت المفرط، هذا ما نراه بأعيننا، منذ أكتوبر 2023، حتى الآن.
نقترب من عامين، إسرائيل - ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو - تضع شعبها أمام هزيمة وجودية، لا مفر منها أمام العالم، فضيحة إسرائيلية مدوية لها ولمن حولها، يستخدمون كل الأسلحة لهزيمة مجموعة صغيرة، من الفلسطينيين فى غزة، وبشهادة العالم، يرتكبون كل الجرائم التى ألبت عليهم الدنيا، شعبيا.
خرج الشباب لنصرة غزة، وأهلها، واعترف العالم فى الشارع بحقوق الفلسطينيين، وضرورة أن تسمح لهم إسرائيل والدنيا بأسرها بحق تقرير المصير، والاستقلال، فهم الشعب الوحيد الذى مازال يرزح تحت نير الاستعمار الاستيطانى، حيث تم الاستيلاء على أرضه، والآن تريد إسرائيل أن تسلب الفلسطينيين حق الحياة بالإبادة الجماعية.
ها هو المستشار الألمانى الجديد يحذر نتنياهو وإسرائيل من الإفراط فى القوة ضد المدنيين، وها هى إسرائيل خائفة من مؤتمر سيعقد فى نيوريوك قريبا.
كل أوروبا، إنجلترا وفرنسا، فی المقدمة، سوف يعلنون الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وها هى إسرائيل تهدد العالم، خصوصا الأوروبيين، الإنجليز والفرنسيين، اللذين أنشآ إسرائيل وتحمسا لها قبل الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى، فى القرن الماضى، بأنهم إذا مضوا قدما فى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، فقد ترد إسرائيل بفرض سيادتها على أجزاء من الضفة الغربية، وأيضا مناطق فى وادى الأردن، ومناطق أخرى.
وها هى الحليف الإستراتيجى والرئيسى واشنطن، يتنصل من إسرائيل، صحيح أنها لن تشارك فى المؤتمر، إلا أنها لم تتخذ أى خطوات لتثنى الدول الأخرى عن الحضور، وها هو حادث إطلاق النار على موظفى السفارة الإسرائيلية فى واشنطن يكشف عن أبعاد خطيرة لمستقبل الإسرائيليين فى العالم.
إلياس رودريجيز، القاتل، هو الآخر ضحية، كلهم ضحايا الإبادة الجماعية التى تحدث فى غزة، أتذكرهم يوميا وأن أرى أسرتى - بناتى، كل ليلة عند النوم وهم يبكون الأطفال وضحايا غزة، لقد استخدمت إسرائيل القوة المفرطة، ضد المدنيين، وها هى تحصد الثمار السامة لجريمتها الفادحة.
كراهية العالم، والخوف من المجرمين الذين يحكمون تل أبيب، العالم كله يتبرأ منهم اليوم، استخدموا القتل المفرط، حتى نطق الحجر، وقال للعالم انتبهوا: خلفى مجرم إذا ترك، سيكون أشد قسوة على البشرية من النازى والنازيين، ها هى إسرائيل تخرج آخر ما فى جعبتها، كشفوا عن وجههم القبيح، فيما يعرف بأزمة أكتوبر 2023، هم لم يُستدرجوا بل استدرجوا حماس، ليبرروا جريمتهم للإسرائيليين، وها هم يأخذونهم إلى مستنقع تاريخى لن يستطيع أن تفلت منه إسرائيل بسهولة، ما حدث فى هذه الحرب، يثبت لكثير من المراقبين، أن الحكمة والعقل، وليس الاستخدام المفرط للأسلحة أو للجريمة، وسيلة لإثبات الحق.
لم يعد العالم، قابلا لأن يستمع إلى ما يقوله الإسرائيليون عن معاداة السامية وغيرها من المقولات التى يستخدمونها ليستفيدوا من جريمة المحرقة التى حدثت فى الحرب العالمية الثانية، لكى يبرروا استخدامهم للقوة الإسرائيلية، التى سقطت بعد هذه الحرب الطويلة، التى شنت على أطفال ونساء ومستشفيات غزة، وكانت ولاتزال هذه الحرب، بمثابة اللعنة التى أصابت إسرائيل فى مقتل، وها هى تخرج للعالم بوجهها القبيح، الذى سوف يحاصرها فى المستقبل، ليس فى إسرائيل وحدها، لكن فى العالم كله.
ها نحن نسمع الأصوات التى تطالب بوقف العدوان الإسرائيلى ضد النساء والأطفال والمدنيين العزل فى قطاع غزة، نسمع ما يحدث فى إسرائيل الآن، تجاه نتنياهو، وجماعة بن غفير، وسيموتريتش، كيف أصبحوا أيقونات للجهل والكراهية، فالحرب الإسرائيلية التى فتكت بغزة، وضعتها أمام العالم، كمجرم حرب، ووضعتها أمام تحد تاريخى يثبت عجزها عن استرجاع، ولو ضحية واحدة من الرهائن، دون تفاوض، الثمن لا تتخيله إسرائيل المندفعة فى حرب لا تتوقف، احذروا مكر التاريخ، ولا تنسوا ما أقول.