في يوم 31 مايو من كل عام، نحتفل معاّ بعيد الإعلاميين؛ وذلك تقديراً لدورهم البارز في نقل الحقيقة وتوعية المجتمعات.
موضوعات مقترحة
يتم الاجتفال بعيد الإعلاميين في العديد من الدول وفى مقدمتهم مصر، وهو التاريخ الذي يشير إلى أهمية الإعلام كسلطة لها دور رقابي وتوعوى كبير، ولكن لماذا يوم 31 مايو من كل عام هو يوم الاحتفال بعيد الإعلاميين؟.
يرجع اختيار هذا الموعد ليكون موعد للاحتفال بعيد الإعلاميين؛ لما يحمله من أهمية كبيرة حيث أنه الموعد الذي وافق تاريخ انطلاق الإذاعة المصرية في عام 1934م، حيث تعد الإذاعة المصرية من أعرق وسائل الإعلام في الوطن العربي، لكونها لعبت دوراً مهماً في تشكيل الوعي الثقافي والسياسي للمجتمع المصري والعربي على مر العقود.
كانت الإذاعة في عشرينات القرن الـ 20 عبارة عن إذاعات أهلية، يملكها بعض الهواة، حيث كانت تعتمد في تمويلها على مصادر مختلفة منها الإعلانات التجارية وكانت تسمى وقتها بأسماء مالكيها مثل (راديو فؤاد، راديو فوزية، مصر الحرة، مصر الملكية، أبو الهول) إلى أن تم إلغاء هذة الإذاعات الأهلية لعدم وجود أجهزة استقبال فى ذلك الفترة، والتى كان بدورها تلتقط ماتبثه هذة الإذاعات؛ لذا تعذر وجود مستمعين لهذه المحطات، وهو الأمر الذي دعي لقيام الحكومة المصرية آنذاك وبالتعاون مع الشركة البريطانية "ماركونى التلغرافية اللاسلكية" بالموافقة على إنشاء محطة إذاعة لاسلكية، على أن تتولى شركة "ماركونى" مسئولية تشغيلها، ولكن تحت إشراف الإدارة المصرية، وذلك بموجب عقد مدته 10 سنوات.
وبالفعل وفى تمام الساعة الخامسة والنصف مساء يوم الـ 31 من شهر مايو لسنة 1934م، انطلق أثير الإذاعة المصرية لأول مرة صانعاً التاريخ، حينما أعلن الإعلامي والكاتب "أحمد سالم" بمقولته الشهيرة "هنا القاهرة" عن مولد الإذاعة المصرية، تحت رئاسة (سعيد باشا لطفي) أول رئيس للإذاعة منذ انطلاقتها في 31 مايو 1934م حتى 22 ديسمبر عام 1947م، وبعد فترة انتهاء العقد فى أواخر مارس 1944 تم تسليم الإذاعة المصرية من شركة "ماركونى" إلى الجهات المصرية المسئولة، حيث أصبح الجانبان الفني والإداري في يد المصريين، إلى أن تم تمصير الإذاعة في 1947م.
في 18 مايو 1947م تم إنشاء إدارة محطة الإذاعة اللاسلكية المصرية، وتم تشكيل مجلس لإدارة الإذاعة ومن ثم أصبح لها ميزانيتها المستقلة، وتسلمت الحكومة المصرية الإذاعة ومن هنا أصبحت الإذاعة مصرية شكلاً ومضموناً منذ 31 مايو 1946م.
فى عام 1948م تم نقل الإذاعة من مقرها بشارع علوي إلى شارع الشريفين، وشهد هذه المرحلة صدور تشريع للإذاعة وهو القانون رقم 98 لسنة 1949م وأصبحت الإذاعة بناءً عن هذا التشريع هيئة مستقلة ذات شخصية معنوية، تلحق برئاسة مجلس الوزراء وتسمى "الإذاعة المصرية" ثم انتقلت في عام 1960 لمبنى ماسبيرو بكورنيش النيل (مبنى الإذاعة والتلفزيون).
نقلت تبعية الإذاعة في 10 نوفمبر 1952م من رئاسة مجلس الوزراء إلى وزارة الإرشاد القومي، وفى 15 فبراير 1958م صدر القرار الجمهوري رقم 183 لسنة 1958م باعتبار الإذاعة المصرية مؤسسة عامة ذات شخصية اعتبارية، وإلحاقها برئاسة الجمهورية، وأصبحت في عام 1961م من المؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادي، وسميت "المؤسسة المصرية العامة للإذاعة والتلفزيون".
بدء فى أغسطس 1959م إنشاء مبنى الإذاعة والتلفزيون "ماسبيرو" فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتم الانتهاء منه فى 21 يوليو 1960م.
في عام 1971م صدر القرار الجمهوري رقم 1 لسنة 1971م بتحديد اختصاصات اتحاد الإذاعة والتلفزيون بتولى شئون الإذاعة المسموعة والمرئية فى مصر، وشهدت تلك الفترة تطوراً كبيراً زادت ساعات الإرسال، وأصبحت برامج الإذاعة ب34 لغة، وأنشئت الإذاعات الإقليمية والمتخصصة.
وظن البعض مع بداية التلفزيون المصرى وفى عام 1960م، أن دور الإذاعة سيتقلص، ولكنه زاد نضجاً، وأنشئت إذاعة القرآن الكريم، ثم الشباب والرياضة، والشبكات الإقليمية وعددها 8 شبكات، وأيضاً محطة منفردة وهى إذاعة الأغانى، وغير ذلك.
وفى عام 2018م القانون رقم 178 لسنة 2018م بإنشاء الهيئة الوطنية للإعلام لتتبعها الإذاعة المصرية، مع التلفزيون المصري ضمن خطة إعادة ضبط المشهد الإعلامي في مصر؛ اعترافًا بالجهود التي يبذلها الصحفيون والمراسلون والمذيعون، وكل من يعمل في قطاع الإعلام من أجل خدمة الجمهور وتقديم المعلومة الدقيقة، والموثوقة، ونشر الوعي في مختلف مجالات الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية اختير تاريخ تأسيس الإذاعة (31 مايو 1934م) عيدًا للإعلاميين، وذلك منذ عام 1984م.
يبقى عيد الإعلاميين مناسبة نعتز بها لتكريم جنود الكلمة والصورة، أولئك الذين يحملون رسالة التوعية والتنوير، ويقفون على جبهات الحقيقة رغم التحديات. إن الإعلامي ليس ناقلاً للخبر فقط، بل هو صانع رأى وشريك أساسي في بناء المجتمع والوطن، وواجبه يحتم عليه الالتزام بالموضوعية والمصداقية والمسئولية، فلنرفع القبعة احتراماً لكل إعلامي حقيقي مخلص، ويعمل من أجل إعلام وطني حر وهادف، فالإعلام رسالة سامية، ومن يحملها عليه أن يتحلى بالمسئولية والضمير الحي.
(كل عام وكل إعلامي حقيقي مخلص يحمل هذه الرسالة بكل شرف وأمانة بكل بخير).