نالت الأغنام البرقى فى الفترة الأخيرة شهرة محلية وعالمية؛ لجودة لحومها ونقاء مراعيها، حيث أنها تربُى في المراعي العشبية لصحراء مصر الغربية، وتُسقى من مياه المطر؛ مما يجعلها من أنظف وأغلى سلالات الأغنام فى الوطن العربي، كما تتميز بجودة أصوافها، ويتم تصديرها إلى دول الخليج، كما أنها المُفضلة لدى معظم دول العالم.
موضوعات مقترحة
وفى هذا المقال، نستعرض تاريخ تربية واهتمام أهل الصحراء بأغنامهم وطريقة تربيت الخراف البرقي لها منذ القدم من خلال أقوال الرحالة والمستكشفين الأوروبيين.
الخراف البرقي
الخروف البرقي ماركة مسجلة
الخراف البرقي أو البرقاوي، هي سلالة أغنام ليبية الأصل، سُميت بهذا الاسم نسبة لاٍقليم برقة، حيث موطنها الأصلي، وتتميز هذه الأغنام بأنها برية وذات وزن ثقيل وقرون عريضة، وتعيش هذه السلالة في الجزء الغربي لمصر والشرقى لليبيا.
أما الاسم العلمي لهذه الفصيلة فهو"Libyan Barbary sheep"، وهو الاسم المتعارف عليه في الأوساط الأكاديمية الأوروبية، وله اسم محلي آخر "البرقي" نسبة الى اقليم برقة شرق ليبيا .
تمتاز هذه السلالة بأرجلها الرفيعة لتسمح لها بالسير مسافات طويلة؛ بحثًا عن المرعى، كما تمتاز بلذة الطعم والنكهة الخاصة بها؛ بفضل أكلها للأعشاب المتواجدة فوق سفوح الجبل الأخضر مثل الريحان والقزيح والقمح والشعير.
الخراف البرقي
العمر والوزن
تعد الأغنام البرقاوية كبيرة الحجم نسبيًا فالخروف الذي يتجاوز عمره الستة أشهر يصل وزنه بين 30-50 كجم، ووزن الـثني (12 شهر - 18 شهر) يتراوح بين 60-65 كجم، أما وزن الرباع (18 شهر - 24 شهر) فـيتراوح بين 65 - 70 كجم.
الخراف البرقي
ميزة تنافسية وثروة وطنية لمطروح
نظرًا لكل هذا الأوصاف والميزات السابقة يعد الخروف البرقي ثروة لمحافظة مرسى مطروح، تمتلك ميزة تنافسية تجعلها مركزًا لتصدير هذا النوع؛ لذا يجب تنميتها وإكثارها وتحسي سلالتها، با عتبارها جزءًا من الثروة الحيوانية لمصر.
الخراف البرقي
الأصول التاريخية
هناك نظرية تاريخية غير مثبتة تقول أن هذا الخروف قد جاء من بلاد الشام مع الفينيقيين، وقد اكتسب سماته الخاصة اليوم نتيجة التهجين.
وتعد قرية القصر واحدة من أهم مراكز تربية الأغنام البرقى في مرسي مطروح، والتى كانت تاريخيًا أهم مرفأ لتجارة الصوف، حيث ذكر (ج ريمون)
فى مذكراته: "هناك مرفأ آخر إلى الغرب من بو محجوبة يسمى المرسى الأبيض lebeith (الأبيض).. يحيطه وادي سحيق يطلق عليه العرب اسم عرقوب الصوف.. حيث يصب هذا الوادي في المرفأ).
الملاحظ أن أرض هذه المنطقة مرتفعة قليلاً عن وادي مريوط، وتستمر هذه المنطقة، من الأُبيض حتى قصر شماس chammas متشابهة التضاريس، وأرضها خصبة صالحة للزراعة.
الخراف البرقي
أصناف البرقي وفقًا لألوانها
جرى تصنف الخراف البرقى طبقُا لألوانها كالأتي:
الأطوق: وهو ذو الوجه الأبيض والأسود أو الأبيض والبني.
الأبقع: ذو الصوف الأبيض والأسود أو الأبقع بحمار الأبيض والبني.
الأغر: ذو الوجه الأبيض.
الأدعم : ذو الوجه الأسود.
الأنقط: ذو الوجه البني.
الأسعد: ذو الصوف الأسود بالكامل.
الحُمر: ذو الصوف البني بالكامل.
الخراف البرقي
الخروف البرقى فى كتابات الرحالة والمستشرقين
نال الخروف البرقي نصيبه من كتابات الرحالة والمستشرقين؛ إذا يبدو وفقًا لكتابات بيليرين جوزيف(1782-1684م) بذيل طويل (بو جرجار)، وهو نوع الذيل الذي لا تزال تزخر به برقة تزخر حتى يومنا هذا، ويعتبر من السلالة الليبية المحلية.
أما هارولد ديكسون 1929م، فقد توقف كثيرًا أمام هذه الأنواع من الخراف وتربيتها عند بدو الصحراء بصفة عامة، فقال في مذكراته(لايحلم البدوي في هذه الحياة بأكثر من الحصول على دزينة من الإبل أو خمسين شاة ثم زوجة، ومن بعدها تكبر أحلامه بفرس وذلول وبندقية، إن حلم البدوي وهدفه في حياته هو أن يمتلك اثني عشر جملاً أولاً، ثم أن يتزوج ثانياً، وبعد ذلك يأتي دور الفرس وخمسين رأساً من الغنم مع كلب سلوقي، وأعتقد أن البدوي يبدأ بإمتلاك بندقية أولاً مع ذلول، فإذا حصل رجل الصحراء على هذه الجوهريات سيصبح إنساناً مكتفياً، فالجمال والأغنام يتضاعف عددها خلال سنوات ثلاث، إذ تُذبح الحملان المذكرة لأكلها بينما يحتفظ بالنعاج للتكاثر، وينطبق هذا على الإبل أيضاً، إذ تُباع الجمال الصغيرة من أجل لحمها وتبقى النخبة المختارة).
ويواصل حديثه عن تربية الماشية عند البدو فيقول:"جربت أعمالا كثيرة في حياتي، لكن العمل الوحيد الذي أحن له و أود الرجوع اليه هو رعي الغنم، رعي الغنم يشعرك بالسكينة والراحة والطمأنينة، ومن جرب مثل تجربي عرف مثل معرفتي).
ويكمل ريمون وصفه بالقول:"عندما كانت تغيب السفن لسبب أو لآخر عن المرسى الأبيض، والذي يتم عن طريقه شحن الأغنام والصوف، كانت الرياح تأخذ الصوف المتساقط، لتنشره على شجيرات وصخور المنطقة، فأطلق العرب على الأرض الواقعة بين الأبيض وقصر شماس اسم عرقوب الصوف.
وخلال هذه الأوصاف، يذكر المستكشف جون ريمون عام 1824م، أن اسم مرسى مطروح (المرسى المطروح) في تلك الفترة كان مرسى بريك.
الخراف البرقي
أما الحاكم الإداري للصحراء الغربية تشارلز ديلمبر بيلجريف 1920م، فيقول:"عند حصول البدوي على المال، فإما أن يستثمره في شراء المزيد من الأغنام والإبل، أو أن يقوم بدفن المال في مكان قريب من خيمته، ويقتات أفقر الرجال وأغناهم على الحليب والخبز والأرز والتمر، وبعضهم يمتلك آلافا من الأغنام ومئات الإبل).
ثم يحدد بيلجريف أثمان هذه الماشية، فيقول:"تبلغ قيمة الأغنام في مطروح عمومًا جنيهين أو ثلاثة جنيهات، بينما يبلغ سعر الإبل حوالي خمسة عشر جنيهًا، بالإضافة إلى الأغنام والإبل، غالبًا ما يكون لدى بعض البدو كيس صغير من الذهب، مدفون في مكان ما في الصحراء، وذات مرة، كنت أُخيم قرب بعض العرب، وكان أحدهم شيخًا مسنُا ومريضا، اعتقد أقاربه أنه على وشك الموت، وكان معروفًا عن الشيخ امتلاكه للكثير من المال المدفون في مكان ما في الجوار، وكان أقاربه في غاية الحرص على ألا يموت، حتى يكشف لهم عن المكان.. لكن الرجل كان يرفض إخبارهم عن مكان الخبيئة بإصرار عجيب".
ثم يكمل القصة قائلاً:"زارني وفد من أسرة الشيخ يوما، وطلبوا أن أجعل الرجل يتحدث؛ لكنني لم أستطع فعل شيء، امام إصراره ورفضه الحديث، وعندما اقترحت نقله إلى مستشفى (السلوم) استشاطوا غضبًا، وقالوا إن الله شاء أن يموت ولن يحتمل السفر، استمر مرض الشيخ عدة أيام، ثم ولدهشة الجميع، شفي الرجل فجأة، وقد رأيته بعد ذلك في كامل عافيته، ترتسم على وجهه ابتسامة لطيفة، لطالما راودتني فكرة، بأن المال لم يكن موجود، لكن أقارب الشيخ، يؤمنون إيمانًا راسخا بوجود المال في مكان ما بالقرب من المنتجع، وقد احتفظ الشيخ بهذا السر حتى يومنا هذا).
الخراف البرقي
مظاهر عيد الأضحى المبارك عند أهل البادية
كان ومازال عيد الأضحى له مكانة خاصة من حيث الاستعداد والتحضير له قبل العيد بفترة فبمجرد انتهاء عيد الفطر المبارك يكون الشغل الشاغل لكل أهل البادية انتظار عيد الأضحى والتحضير له، فيحرص كل أهل البادية فقيرهم قبل غنيهم علي شراء الأضحية، وقد يستدين الفقير لشرائها أو يشتريها بالتقسيط، ورغم أنها سنة مؤكدة، إلا أنها عندهم بمثابة الفرض.
وقديما كانت الأضاحى متوفرة ولا تشكل عبئًا علي أهل البادية كونهم من مربي الغنم والإبل، أما الآن ونظرا لكون العديد منهم امتهن مهنًا أخرى غير الرعى، ومنهم من سكن المدن، أصبحت تربية الغنم صعبة، وشراء الأضحية هو الخيار المتاح عملاً بالمثل الشعبي "شراء العبد ولا ربايته".
الخراف البرقي
ومن استعدادات العيد أيضًا تجميع الحطب، وكانت بيوت أهلنا قديمًا تجد أمامها أكوامًا من الحطب بصفة دائمة، وأذكر أن أمام بيت والدى بالقصر كانت كومة الحطب من الضخامة التى تحمل شاحنة كبيرة، وكانت تستر من يجلس خلفها فلا يراه المار، وكانت امى ونساء العائلة يتبارين في شراء الحلل الكبيرة من الألومنيوم والتى يمكن لإحداها أن تبتلع شاة كاملة.
ويوم العيد وبعد الصلاة مباشرة يتم الذبح والسلخ والتقطيع، كان يتم تسوية نصف الذبيحة علي نار الحطب في تلك الحلل الضخمة، وكانت الذبيحة تقطع قسومًا بوجهها(الساق توضع كاملة وكذلك الكتف)، وتكون من نصيب رب الأسرة، وتُطهى في المرق ذو اللون الأصفر من البزار(الكركم) حتى تنضج ويتم تقديم الطعام (المدة) لكل الضيوف الذين قدموا للتهنئة بالعيد.
وقديمًا لم تكن هناك كهرباء، ناهيك عن وجود الثلاجات فكان ما يتبقي من الأضحية يتم تقديده؛ وذلك بتقطيع اللحم شرائح صغيرة (كالشاورمة حاليا) ثم تُملح وتُنشر علي حبال في الشمس لتجف.
الخراف البرقي
الأثري عبد الله إبراهيم موسى
مدير منطقة آثار مرسى مطروح للآثار الإسلامية والقبطية
الخراف البرقي
الخراف البرقي
النساء البدويات يقمن بإعداد الولائم
النساء البدويات يقمن بإعداد الولائم
الأثري عبد الله إبراهيم موسي مدير منطقة آثار مطروح للآثار الإسلامية والقبطية