هم فعلاً قادرون على تغيير وجه الاقتصاد المصري خلال السنوات القليلة المقبلة.. إنهم المصريون في الخارج والذي لا يمكن لمنصف أن يزايد على حبهم لوطنهم الأم وحلمهم أن يكون في طليعة الأوطان، فتحويلاتهم المالية لا تعكس إلا إشارةً على الانتماء، وإذا تحدثت إلى أي منهم أو قابلته خارج حدود الوطن تتيقن مدى شغفه بكل ما يهم بلده.
لغة الأرقام تؤكد العلاقة الفريدة بين المصريين المغتربين ووطنهم الأم، فوفقا لآخر بيان صادر عن البنك المركزي المصري الشهر الحالي، سجلت تحويلات المصريين العاملين بالخارج قفزة تاريخية، حيث بلغت 32.6 مليار دولار أمريكي، ووفقًا لبيانات البنك الدولي لعام 2023 احتلت مصر المرتبة السادسة عالميًا من حيث استقبال تحويلات العاملين في الخارج، حيث جاءت الهند في المركز الأول بقيمة ١٢٥ مليار دولار، والمكسيك بالمركز الثاني بقيمة ٦٧ مليار دولار ثم الصين ٥٠ مليار دولار، والفلبين ٤٠ مليار دولار.
الطفرة الواضحة في تحويلات أبناء مصر في الخارج وإن كانت تعود بصفة أساسية إلي حالة الاستقرار السياسي والاقتصادي خاصة فيما يتعلق بتحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية؛ إلا أن هناك أسبابا أخري لا يمكن تجاهلها مثل المبادرات الخاصة باستيراد السيارات أو تخصيص قطع أراض للبناء عليها لهذه الفئة الغالية من أبناء مصر.
ما قامت به الحكومة من إجراءات لزيادة تحويلات المصريين في الخارج يحتاج إلى البناء عليه بأفكار وإجراءات جديدة لأن ما تحقق يمكن أن يتضاعف ويتزايد إلى معدلات كبيرة خاصة وأن توقعات صندوق النقد الدولي تصل بهذه التحويلات إلى نحو 41.9 مليار دولار بحلول عام 2028.
استجابة وتفاعل أبناء مصر بالخارج مع ما اتخذته الدولة من إجراءات كان في إطار معايير المفاضلة الاقتصادية ومن ثم فإن التحرك للانتقال به إلي دائرة التحفيز المعنوي والمشاركة في الحلم والبناء سيكون قفزة كبيرة يمكن أن تضيف للاقتصاد المصري مناطق قوة ونفوذ جديدة؛ حيث يمكن طرح «صكوك وطنية» بعائد سنوي ثابت بالدولار أو الجنيه للمغتربين مرتبطة بالمشروعات القومية أو بناء المدارس، والمستشفيات في محافظاتهم وأيضا إصدار بطاقة اقتصادية للمغتربين الذين يحولون أموالًا توفر لهم إعفاءً جمركيا جزئيا عند العودة.
من الأفكار التي يمكن دراستها أيضا «سندات المغتربين» لتمويل مشروعات البنية التحتية أو الطاقة وتمكينهم من المشاركة في مشروعات استثمارية وطنية عبر منصات استثمار آمنة، وموثوقة.. كما يمكن إطلاق تطبيق إلكتروني يبث أخبارًا يومية من مصر وفرص الاستثمار ومتابعة سعر الصرف وخدمة توصيل مباشر للمشتريات لأهاليهم في المحافظات.
أعتقد أن تنظيم الدولة لمؤتمر جامع لرموز الجاليات المصرية بالدول المختلفة تحت رعاية وحضور السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي يمكن أن يمثل نقطة الانطلاق لتدشين علاقة شراكة أكثر تميزًا لأبناء مصر بالخارج مع وطنهم الحبيب.