في رحلته داخل رحم أمه، يُبرمج الجنين صحته المستقبلية بطريقة معقدة ومذهلة تؤثر على حياته بالكامل، فقد أثبتت الأبحاث الحديثة أن التغذية والبيئة التي تحيط بالجنين في أثناء الحمل تلعب دورًا رئيسيًا في تحديد مدى تعرضه لأمراض مزمنة مثل السكري والسمنة وأمراض القلب بعد سنوات طويلة من الولادة.
موضوعات مقترحة
الغذاء في أثناء الحمل
ومن أشهر الأمثلة على ذلك ما حدث أثناء مجاعة هولندا في منتصف القرن العشرين، حيث أثبتت الدراسات أن الأطفال الذين وُلدوا لأمهات تعرضن لنقص شديد في الغذاء أثناء الحمل كانوا أكثر عرضة لمشاكل صحية مزمنة مع تقدمهم في العمر مقارنة بمن لم يتعرضوا لنقص الغذاء.
البرمجة الجينية للجنين
في غضون ذلك قال الدكتور عمرو حسن أستاذ أمراض النساء والولادة بطب قصر العيني، إن نقص الغذاء يتسبب في البرمجة الجينية للجنين بطريقة جعلته يخصص طاقته لتخزين الدهون وحماية أعضائه الحيوية على حساب نمو بعض الأعضاء الأخرى مثل البنكرياس، مما أثر على وظائف هذه الأعضاء مدى الحياة.
نقص التغذية
وأضاف أن علم ما فوق الجينات (الإبيجينتيكس) فسر كيف يمكن للبيئة داخل الرحم، مثل نقص التغذية أو التعرض للإجهاد، أن تغير طريقة تشغيل الجينات دون تعديل الشفرة الوراثية نفسها، وهذه التغيرات يمكن أن تُورث أجيالًا تالية. لذلك فإن صحة الأم ونمط حياتها أثناء الحمل لا يؤثران فقط على الجنين الحالي بل يمتدان أثرهما لأجيال قادمة.
ونصح بضرورة أن تولي الأم اهتمامًا خاصًا بنوعية غذائها وحالتها النفسية أثناء الحمل، حيث ينبغي عليها تناول وجبات متوازنة غنية بالفيتامينات والمعادن مثل الحديد والكالسيوم وحمض الفوليك التي تضمن نموًا صحيًا للأعضاء الحيوية للجنين.
وطالب الأم بالابتعاد عن التدخين والمشروبات الكحولية والمواد الكيميائية الضارة التي قد تؤثر سلبًا على تطور الجنين. بالإضافة إلى ذلك، من المهم أن تحرص الأم على تقليل التوتر والضغط النفسي من خلال ممارسة تمارين الاسترخاء، والاهتمام بالنوم الكافي، والحصول على الدعم الاجتماعي.
نصائح طبية
كما نصح بمراجعة الطبيب بانتظام طوال فترة الحمل لإجراء الفحوصات اللازمة التي تكشف أي مشاكل مبكرًا وتساعد في تعديل النظام الغذائي أو العلاج حسب الحاجة، إذ إن المتابعة المستمرة تضمن بيئة رحم صحية تعزز من صحة الجنين.
الأمراض المزمنة
وقال: "باختصار، الجنين في رحم أمه يتلقى أكثر من الغذاء، فهو يستقبل إشارات بيئية وبرمجيات جينية تحدد صحته المستقبلية"، لذلك على الأم أن تعتني بصحتها الجسدية والنفسية لتمنح طفلها بداية صحيحة وحياة طويلة خالية من الأمراض المزمنة.