مهندس يجري أبحاثا طبية بالذكاء الاصطناعي تساهم في كشف غموض أخطر الأمراض
موضوعات مقترحة
حصل على الدكتوراه في الهندسة الكهربائية والحاسوبية من جامعة بيتسبرج ويعمل حاليا أستاذا بجامعة نيو هافن
يتمتع د.خالد سيد بخبرة واسعة في مجالات الهندسة الكهربائية والحاسوبية، وعلم الأحياء الحاسوبي، وعلوم البيانات، فقد حصل على بكالوريوس في الهندسة الطبية الحيوية من جامعة القاهرة، وبعد حصوله على الماجستير سافر لاستكمال دراساته العليا وحصل على الدكتوراه في الهندسة الكهربائية والحاسوبية من جامعة بيتسبرج في بنسلفانيا، ثم انضم إلى قسم الأحياء الحاسوبية والنظمية في هذه الجامعة كباحث مشارك ما بعد الدكتوراه، وطوّر نماذج حاسوبية ونماذج تعلم آلي لتحليل بيانات الميكروبيوم والبيانات متعددة الأوميكس، ومؤخرا تم تعيينه أستاذا في قسم الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب بجامعة نيو هافن في بوسطن، لكن بين الجامعتين وقبلهما كانت هناك مسيرة علمية متميزة نتوقف معها في السطور التالية.
بالقرب من العمرانية بالجيزة هناك بلدة صغيرة اسمها "الكونيسة"، فيها ولد د.خالد سيد وكان الأصغر بين 6 أشقاء، كان والده الراحل مهندسا كيميائيا، وأمه ربة منزل قضت حياتها كلها في رعاية أطفالها، شقيقه الأكبر طبيب في الولايات المتحدة، ولديّه 3 أشقاء مهندسين، وشقيق صيدلي وشقيقته ربة منزل، كانت دائما من المتفوقين دراسيا في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، يقول: بدأتُ أحب العلوم منذ دراستي الثانوية، ورغبتُ في دراسة الهندسة الطبية الحيوية منذ البداية لأن أحد إخوتي مهندسٌ في مجال الطب الحيوي، وكنتُ أقضي وقتًا طويلًا في الحديث معه عن العلوم والهندسة، كنتُ مفتونًا بالتداخل بين الطب والهندسة، وعندها قررتُ دراسة الهندسة الطبية الحيوية، وعندما بدأتُ الدراسة في جامعة القاهرة، استمتعتُ بكل ما أكتسبه من معرفة جديدة، حينها نويت أن أدرس بجد لأحصل على فرصة للتوظيف كمعيد في جامعة القاهرة.
د.خالد سيد
ويضيف قائلا: تخرجت بتفوق وتم تعييني معيدا في قسم الهندسة والأنظمة الطبية الحيوية بجامعة القاهرة مباشرةً بعد التخرج، درّستُ فصلًا دراسيًا واحدًا قبل انضمامي إلى الجيش، وأتيحت لي فرصة بدء دراسة الماجستير وأنهيتها بعد عام واحد من إنهاء خدمتي العسكرية، وبعد انتهاء درجة الماجستير، بدأتُ بالتواصل مع أساتذة في الولايات المتحدة، أسألهم عن وجود فرص شاغرة لطلاب الدكتوراه، وقدمتُ طلبات إلى بعض الجامعات، لم أتلقَّ ردودا على رسائلي الإلكترونية، ورُفضت معظم طلباتي باستثناء طلب واحد.. قُبلتُ في برنامج الدكتوراه بجامعة بيتسبرج لكن بدون تمويل، مما يعني أنني سأضطر إلى تغطية جميع نفقات معيشتي ودراستي، ولم يكن لديّ المال آنذاك، ولم أستطع الالتحاق حتى أخبرتني إحدى زميلاتي في جامعة القاهرة، التي كانت تدرس في جامعة بيتسبرج، وهي زوجتي الآن، أن أستاذة جديدة ستنضم إلى الجامعة في الفصل الدراسي القادم (يناير 2016) ويمكنها أن تُقدّم لي منحة دراسية، وبالفعل منحتني منحة دكتوراه غطّت جميع نفقات دراستي، بالإضافة إلى راتب مجزٍ ساعدني على تغطية نفقات معيشتي.
د.خالد سيد
الوصول إلى أمريكا لبدء دراسة الدكتوراه لا يعني أن كل الأمور أصبحت جيدة، خاصة لشاب مصري يعيش في الخارج لأول مرة، فقد واجهتَه بالتأكيد صعوباتٍ كثيرة، يقول: بالطبع حاجز اللغة، لم تكن لغتي الإنجليزية قويةً في البداية، واضطررتُ للتأقلم مع اللهجة الأمريكية التي كانت مختلفةً عما كنتُ أدرسه في مصر، وبعد حصولي على درجة الدكتوراه في ديسمبر ٢٠١٩، بدأتُ أبحاث ما بعد الدكتوراه في كلية الطب بجامعة بيتسبرج، ولكن جائحة كوفيد-١٩ ضربت الجامعة بعد 3 أشهر، وأوقفت التوظيف، فانتقلتُ مع مختبر أبحاث ما بعد الدكتوراه إلى جامعة فلوريدا، وعملتُ هناك لمدة عام كباحث مشارك لما بعد الدكتوراه، في هذه الأثناء، حصلت على وظيفة في جامعة ييل، الواقعة في نيو هافن بولاية كونيتيكت، وهي تتميز بتركيزها القوي على التعليم التجريبي والعملي، كما يوفر موقعها الاستراتيجي بين بوسطن ومدينة نيويورك للطلاب إمكانية الحصول على تدريب عملي قيّم وفرص وظيفية في المناطق الكبرى.
د.خالد سيد
رغم أنه درس الهندسة الطبية الحيوية، لكن د.خالد سيد يتخصص حاليًا في الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسوب، فهل هناك فرق بين الاثنين؟ يقول: رغم انتمائي إلى قسمي الهندسة الكهربائية والحاسوبية، إلا أن بحثي يركز على مواضيع التعلم الآلي والهندسة الطبية الحيوية، مثل تحليل بيانات الميكروبيوم وتسلسل الحمض النووي، ومن مميزات نظام التعليم العالي الأمريكي مرونته وتشابه أقسامه، مما يسمح لك بإجراء البحوث في أي مجال يهمك، وعلم الأحياء الحاسوبي مجال متعدد التخصصات، يطبق الأساليب الحاسوبية والنمذجة الرياضية والتقنيات الإحصائية لفهم المشكلات البيولوجية المعقدة وحلها، وهو يدمج علم الأحياء الحاسوبي علوم الحاسوب والرياضيات والفيزياء والأحياء لتحليل البيانات البيولوجية، فهو يُسرّع البحث بشكل كبير من خلال تمكين العلماء من اختبار الفرضيات حاسوبيًا قبل التحقق من صحتها في المختبر، مما يوفر وقتًا وموارد ثمينة مع توسيع نطاق المعايير القابلة للاستكشاف، وقد قاد هذا المجال تقدمًا طبيًا ملحوظًا في اكتشاف الأدوية، والطب الشخصي، وفهم آليات المرض، حيث ساهمت الأساليب الحاسوبية بشكل ملحوظ في التطوير السريع للقاحات كوفيد-19. ومن خلال إدخال الأطر الرياضية والحسابية في المسائل البيولوجية.
د.خالد سيد
وعن تزايد اعتماد الهندسة الطبية الحيوية الآن على الذكاء الاصطناعي وتقنياته، يقول: تشمل أبرز استخدامات الذكاء الاصطناعي في الهندسة الطبية الحيوية حاليًا على التصوير والتشخيص الطبي، حيث حققت خوارزميات الذكاء الاصطناعي دقة ملحوظة في اكتشاف الأنماط في الأشعة السينية، والتصوير بالرنين المغناطيسي، والتصوير المقطعي المحوسب، وشرائح علم الأمراض، وتستطيع هذه الأنظمة تحديد العلامات المبكرة لأمراض مثل السرطان، والسكتة الدماغية، واعتلال الشبكية السكري، وشهد اكتشاف الأدوية وتطويرها ثورةً من خلال قدرة الذكاء الاصطناعي على التنبؤ بالتفاعلات الجزيئية، وتحديد الأدوية المرشحة الواعدة، وتحسين الهياكل الكيميائية- وهي عمليات كانت تستغرق في العادة سنواتٍ ومليارات الدولارات، كما تستخدم مناهج الطب الشخصي الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات خاصة بالمريض (الملفات الجينية، والتاريخ الطبي، وعوامل نمط الحياة) لتخصيص العلاجات لتلبية احتياجاته الفردية، مما يُحسّن الفعالية مع تقليل الآثار الجانبية، كما تدمج الأجهزة الطبية والروبوتات الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد لتحقيق وظائف تكيفية، بدءا من الأطراف الاصطناعية الذكية التي تتعلم من حركات المستخدم وصولًا إلى الروبوتات الجراحية التي تساعد الجراحين في أداء المهام الدقيقة.
وكان ملاحظا أن د.خالد سيد أجرى أبحاثا حول مواضيع طبية تتعلق بأمراض الكبد وأمراض الجهاز التنفسي العلوي والسفلي، هل لم تعد هناك حدود واضحة بين الهندسة والعلوم الطبية؟ يقول: أصبحت الحدود بين الهندسة والعلوم الطبية ضبابية بشكل متزايد، يقدم المهندسون الآن رؤى جوهرية للتحديات الطبية من خلال النمذجة الحاسوبية، والتعلم الآلي، ومنهجيات تحليل النظم. على سبيل المثال، في أبحاث أمراض الكبد، يمكن للتقنيات الهندسية نمذجة تطور التليف، والتنبؤ باستقلاب الأدوية، أو تصميم أجهزة تشخيصية تكشف عن التغيرات في مراحلها المبكرة، وبالنسبة لأمراض الجهاز التنفسي، تساهم المناهج الهندسية في كل شيء، من محاكاة تدفق الهواء في الرئتين إلى تطوير أنظمة جديدة لتوصيل الأدوية أو تقنيات التهوية، ويحدث هذا التكامل بشكل طبيعي لأن المشاكل الطبية المعقدة تتطلب حلولًا متعددة التخصصات. يقدم المهندسون أساليب كمية وابتكارات تكنولوجية تُكمل الخبرة الطبية التقليدية. يقدم المتخصصون في المجال الطبي الرؤى السريرية والفهم البيولوجي اللازمين لتوجيه التطبيقات الهندسية نحو المشكلات ذات الصلة.
وعن أبرز النتائج التي توصل إليها في أبحاثه، والتي يمكن أن تُشكل أساسًا لاكتشافات طبية وهندسية مهمة، يقول: أسفرت أبحاثي عن العديد من النتائج الرئيسية ذات الإمكانات الطبية والهندسية الكبيرة، فقد قمنا بتطوير أساليب حسابية لتحليل الميكروبيوم تتنبأ ببقاء المرضى في الأمراض الحرجة بشكل أفضل من المؤشرات السريرية التقليدية، وحددنا LEF1 كمنظم أساسي لشيخوخة الخلايا، مما يوفر هدفا علاجيا محتملا للأمراض المرتبطة بالعمر، ومن خلال إطار عملنا لاستكشاف النظام الديناميكي (DySE)، أنشأنا أنظمة نمذجة آلية للتفاعلات البيولوجية المعقدة التي يمكنها اختبار آلاف السيناريوهات بسرعة، كما اكتشفنا بصمات بلازمية محددة في التهاب الكبد المرتبط بالكحول، وتدمج هذه النتائج البيانات متعددة الجينات مع الأساليب الحسابية المتقدمة لوضع أسس الطب الدقيق للأمراض الحرجة والأمراض المرتبطة بالشيخوخة واضطرابات الكبد.