الخيل تعرف حاتم ستين

27-5-2025 | 12:23
الخيل تعرف حاتم ستيند.حاتم ستين
أميمة رشوان
الشباب نقلاً عن

ـ ليس كل من يمتلك المال يكون مؤهلا لامتلاك حصان .. وتكلفة رعاية الخيول أغلى بكثير من ثمن شرائها

موضوعات مقترحة
 

 د. حاتم ستين، طبيب بيطري تخرج في جامعة المنصورة. كان الحصان هو حلمه وشغفه منذ الصغر، ويمكن القول: إنه التحق بكلية الطب البيطري خصيصًا من أجله، خاصة أنه ينتمي لأسرة طبية، فوالده د.أحمد ستين كان أول من حصل على 100% في تاريخ الثانوية العامة بمصر، وهو أستاذ جامعي وأحد علماء طب الأطفال والوراثة، ووالدته أيضًا كانت من أوائل محافظة الدقهلية وكذلك تعمل طبيبة، وقد واصل مسيرته ليصبح اسمًا لامعًا في مجاله محليًا وعالميًا ويتابعه الملايين عبر منصات التواصل الاجتماعي، تعالوا نعرف المزيد من قصته. 

ألم يعارض والداك رغم مجموعك الكبير قرارك بالالتحاق بكلية الطب البيطرى؟

بالفعل، كان هناك استغراب لفكرة دراسة الطب البيطري، الذي كان يُطلق على ممارسيه آنذاك  مسميات مهينة ولم تكن له قيمته المجتمعية الكافية، وواجهت بعض التنمر والمواقف الصعبة، لكن شغفي بالحصان كان أقوى، الحصان كان بطلي الخاص، بينما كان لأقراني أبطال خارقون مثل سبايدرمان وسوبرمان، كان الحصان هو بطلى، لم يكن هناك موقف معين، بل هو انجذاب فطري منذ الطفولة لشكله وقوته وإعجاز خلقه.

كيف كانت بداياتك المهنية بعد التخرج؟ 

البدايات كانت صعبة جدًا.. رفضت عرض عمل مغرٍ في شركة أدوية لأتبع شغفي.. عملت بشكل شبه تطوعي في الاتحاد المصري للفروسية لمدة عام ونصف تقريبًا، رغم أنني كنت متزوجًا حديثًا ولديّ أسرة والوضع المادي كان صعبًا للغاية، لدرجة أنني اضطررت لبيع بعض الممتلكات الشخصية، وكنت أعمل في بيع الأدوية للمزارع بعد ساعات العمل التطوعي لأكسب مبلغًا زهيدًا يكفي بالكاد، كل هذا وأنا أخفي حقيقة وضعي المادي عن أسرتي وأوهمهم بأنني أكسب جيدًا، لأن فكرة عملي كمتطوع لم تكن مقبولة لديهم.

د.حاتم ستين

من هذه البدايات الصعبة إلى ما أنت عليه اليوم، ما أبرز محطات النجاح فى مسيرتك المهنية؟ 

بفضل الله والمثابرة، وبعد عملى كمتطوع  بدأت الأمور تتغير، كنت قد  تعلمت الكثير من خلال مساعدتي للأطباء الأجانب في الاتحاد المصري للفروسية، ثم عُينت كأصغر منسق فني في تاريخ الاتحاد.. لاحقًا، أصبحت أصغر طبيب بيطري معتمد من الاتحاد الدولي للفروسية (FEI) على مستوى العالم وأنا في الرابعة والعشرين من عمري، وعند السابعة والعشرين، توليت رئاسة اللجنة البيطرية بالاتحاد المصري للفروسية، وقد سافرت حول العالم، تعلمت في أمريكا وأيرلندا، وعالجت خيولا لأمراء وملوك ورجال أعمال كبار. وتخصصت بشكل كبير في الخيل الرياضية وأصبحت بفضل الله من الأسماء المميزة عالميًا في هذا المجال. كما أسست شركات وأندية فروسية وأمتلك منتجعًا للحيوانات الأليفة.

د.حاتم ستين

تملك حضورا قويا ومتابعة مليونية على منصات التواصل الاجتماعي، ما سر هذا النجاح، وكيف أثر ذلك على الوعى العام تجاه الحيوانات والطب البيطرى؟

السر الأول والأهم هو الصدق في الموهبة والعلم وتقديم المحتوى، بدأت بنشر العلم الذي تعلمته لوجه الله، ومع الوقت وتوفيق الله، زاد عدد المتابعين ليصل إلى أكثر من 15 مليون متابع وأكثر من 9 مليارات مشاهدة.. أعتقد أن الناس شعرت بصدق الشغف والمعرفة. الحصان كائن محبوب، وعندما قدمت عالمه بعيني وبصدق، تفاعل الناس بشكل كبير. أما عن التأثير، فالحمد لله، أرى تغييرًا كبيرًا في الوعي. أجمل رسالة تصلني هي من شخص يقول لي: إنه بسبب ما شاهده، توقف عن معاملة الحيوانات بشكل سيئ. هذا أكبر نجاح،  لقد ساهمت بالتأكيد في تغيير نظرة الكثيرين للحيوانات وأهمية الرفق بها، وكذلك لمهنة الطب البيطري.

د.حاتم ستين

ذكرت أنك تعالج خيول الشارع أو "خيول ملك الملوك" كما تسميها، حدثنا عن هذا الجانب الإنسانى فى عملك؟

هذه الحالات هي الأصعب والأقرب لقلبي، رؤية حصان، هذا الكائن العزيز الذي أقسم الله به، وهو مهمل ومضروب ومُلقى في الشارع بعد استهلاكه، أمر مؤلم جدًا. أشعر بكسرة في عيونهم. مهمتي هي محاولة إعادة العزة لهم. الحمد لله، تمكنت من إنقاذ وعلاج أكثر من 108 خيول من الشارع، لوجه الله تعالى وبدون أي تبرعات. بعضها يظل معي، وبعضها أعرضه للتبني بعد تعافيه لأشخاص أثق بهم.. قصة الفرس "حَمّالة" التي سميتها كذلك لأنها كانت " حَمّالة الأسية"، هي من أكثر القصص تأثيرًا فيّ، فقد تمكنا من إنقاذها بعد أن أوشكت على الهلاك، وأصبحت الآن ملكة جمال الخيل التى لدى.

د.حاتم ستين

ما الأخطاء الشائعة التى يرتكبها مربو الخيل أو الراغبون فى اقتنائها؟

الخطأ الأكبر هو عدم فهم التكلفة والمسئولية الحقيقية. ليس كل من يمتلك ثمن حصان يجب أن يمتلك حصانًا. تكلفة رعاية الحصان السنوية من أكل ورعاية بيطرية وبيطار وتنظيف ومكان مناسب أغلى بكثير من ثمن شرائه..

الكثيرون يشترون الحصان دون حساب هذه التكاليف المستمرة، فيضطرون لاحقًا لتقليل الأكل أو إهمال الرعاية، مما يؤدي لانهيار صحة الحصان ومعاناته، وقد يصل الأمر إلى إصابته بأمراض قاتلة كالمغص. الحصان يحتاج عناية يومية متخصصة. ونصيحتي لمن يريد اقتناء خيل: تعايش مع الخيل أولًا لمدة لا تقل عن سنة، تعلم كل تفاصيل رعايتها، تأكد أنك "قدر المسئولية" ماديًا ومعنويًا.

د.حاتم ستين

هل علاقتك بالخيل علاقة طبيب بمريض فحسب، أم أنها تتجاوز ذلك إلى مستوى شخصى وعاطفى أعمق؟

علاقتي بالحصان تتجاوز بكثير مجرد الطب ،هي كعلاقتي بالبشر المقربين. أستطيع التواصل معهم، أتحدث إليهم وأفهم ما يريدون قوله من خلال لغة الجسد والنظرات.. أستطيع ترويضهم بناءً على هذا الفهم. أقف أمامه، ومن عيني في عينه، نتبادل الرسائل. هذه الموهبة تم صقلها بالعلم، فالعلم هو ما يصقل الموهبة ويجعلها أكثر فاعلية.

د.حاتم ستين

ما المواقف التى شعرت فيها بأهمية عملك وقيمته بشكل خاص؟

عندما أرى الحصان، هذا الكائن الذي يتمتع بقوة هائلة مريضاً أو مصاباً، يصبح ضعيفاً وهشاً كالريشة، بلا حول ولا قوة، هذا التناقض الحاد بين قوته الكامنة وضعفه المؤقت يبرز أهمية التدخل لإنقاذه ومساعدته، قصة الحصان "نيل" الذي أنقذناه من الترعة التى ألقوه فيها هي مثال على هذه المواقف المؤثرة.

هل يختلف التعامل الطبى مع خيول السباق القيمة عن التعامل مع الخيول العادية أو خيول الشارع؟ 

التعامل الطبي قد يكون متشابهاً في أساسياته، لكن الاختلاف الجوهري يكمن في التعامل مع ملاك الخيول القيمة. هؤلاء غالباً ما يكونون من أغنى أغنياء العالم، شخصيات قوية، قيادية، ولها متطلباتها الخاصة، وهذا يتطلب من الطبيب البيطري مهارات تواصل وتعامل خاصة جداً، بالإضافة إلى ذلك، علاقة الإنسان بالحصان ليست كعلاقته بحيوان أليف آخر، هو شريك في رياضة أو عمل، مما يخلق رابطاً قوياً جداً وتلامساً جسدياً مستمراً

هذا يزيد من حجم المسئولية الملقاة على عاتق الطبيب، فأي خطأ قد يؤثر على هذا الرابط الثمين بين الحصان ومالكه وعلى أداء الحصان. هذا الضغط  وهذه المسئولية العالية من أسباب ندرة الأطباء البيطريين المتخصصين في الخيل على مستوى العالم.

ما الصفات التى تميز الخيل عن غيرها من الحيوانات فى رأيك؟

الخيل تتميز بالنبل والرقي، تتميز بالشجاعة والقوة الهائلة التي وهبها الله إياها، ولديها وفاء، ولكنه وفاء مشروط يتطلب وقتًا وحبًا حقيقيًا وصبرًا لكسبه، ليس كوفاء الكلب السريع. الخيل كائن له أصالة، نهتم بأنسابها ونحافظ عليها، فهي تُعامل بالتهذيب الذي يجمع بين الحزم والحنان، وتتبع القائد القوي والحنون.

بعد كل هذه الإنجازات،هل تشعر بأنك حققت كل أحلامك فى هذا المجال، أم أن هناك طموحات أخرى تسعى إليها؟

حلمي الأكبر والأقرب حاليًا هو تأسيس جامعة بيطرية عالمية المستوى في مصر، تكون مقصدًا للطلاب من أمريكا وأوروبا، ونثبت للعالم أننا نستطيع أن نكون رقم واحد ولدينا العقول والقدرة. هناك أحلام أخرى أكبر،  لكن لم يحن وقت الحديث عنها بعد.   

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: