مشغولات الفضة اليدوية تنافس الذهب لدقة صناعتها وجمالها
موضوعات مقترحة
كثيرون يتجهون للاستثمار والادخار في سبائك الفضة نظرا لارتفاع أسعار الذهب
ملاذ أمن للاستثمار والسبيكة تبدأمن 10 جرامات
سبائك الفضة الممزوجة بالجماليات الحرفية اليدوية، صوت المطرقة، ومشاهد تراثية قديمة، من ورائها تفاصيل وقصص تحكى بأنامل الصانعين رحلة التحول من المعدن الخام إلي تحف فنية، ولكل حرفي منهم حكايته مع المعدن الأبيض في الأزقة الضيقة بداخل خان أبو طاقية، هناك يوجد أحد كنوز حى الجمالية.
الفضة من المعادن اللي لها سحر خاص ومفضلة جدا للزينة سواء للرجال أو النساء، وأخيرا بدأ الكثيرون يتجهون للاستثمار في سبائك الفضة لأنها تعد ملاذا آمنا للحفاظ علي قيمة مدخراتهم البسيطة نظرا لارتفاع أسعار الذهب، فهل الاستثمار في الفضة قرار صحيح ؟ يقول الحاج مصطفي علي صاحب إحدى الورش بحى الجمالية: أعمل في مجال المشغولات الفضية منذ 40 عاما، فأنا ورثتها عن أجدادى وكان والدى - رحمة الله عليه - يحرص علي اصطحابي معه في الورشه وأنا في المرحلة الإبتدائية، وكنت أقوم بتلميع القطع التى ينتهى من صناعتها، وأشعر بالفرحة لأننى قمت بتحويلها إلي تحفة فنية بلمعتها التى تخطف الأنظار، ثم بدأت أقوم بتصنيع بعض القطع البسيطة، وكنت أعشق صنع قلادات بالنقش الفرعونى أو العربي أوالإسلامي وأزينها بالأحجار الكريمة مثل "العقيق والفيروز وغيرها "، أو صناعة بعض القطع للزينة والديكور داخل المنازل مثل "الشمعدانات وأطقم الشاى أو مرايات بإطارات فضية مزخرفة، ومجسمات لبعض الحيوانات الصغيرة كالطاووس والفيل والحصان تكون مثالية للرفوف أو الطاولات الجانبية فهى تضيف لمسة فنية للمنازل والمكاتب.
وعن مراحل التصنيع يضيف: كنا نقوم بإدخال الفضة الكسر أو السبيكة الفرن ومزجها بنسبة 20 % مع النحاس ليعطيها صلابة أكثر، خاصة لو كانت تستخدم في صنع خواتم أو أساور أو حلقان، حتى تنصهر في فرن درجة حرارته عالية جدا ثم تبرد قليلا و تصب في قالب علي شكل مستطيل يسمى " أباليك" تستخدم في التصميمات الكبيرة، أما النوع الثانى من القوالب وهو "قالب السلك" يتم تقطيعه لحلقات مستديرة وتستخدم في صناعة الحلقات المستديرة والاكسسوارات والميداليات، ونبدأ بطرقها وبعد ذلك تخرج السبيكة إما لورشة الشغل اليدوي أو الليزر، فيقوم الصنايعى بطبع تصميم علي ورق ثم يقوم بلصقها علي السبيكة عن طريق غراء شفاف، ويقوم بتفريغ الشكل المطبوع بواسطة منشار دقيق ومبرد، وبعدها يدخل القطعة علي جهاز التلميع، وتقريبا القطعة تحتاج ساعتين أو ثلاثة ليتم تشكيلها ويعتمد علي مدى حرفيه الصنايعى وبساطة التصميم، فمن الممكن أن يقوم الصنايعى بإنتاج قطعتين فقط خلال اليوم وخاصة في الأشكال ذات التفاصيل الكثيرة، فكل المراحل التى تمر بها القطعة من نقش وحفر وصقل وطلاء، فأحيانا نستخدم مادتى النيكل والبلاتين لطلاء بعض القطع للحفاظ علي لونها، فكل هذه المراحل تحتاج الي إحساس عال بكل التفاصيل ويظهر فيها حب الصنايعي لمهنته وشغفه بها، ومعظم الأجانب يفضلون شراء المصنوعات اليدوية لأنهم يقدرون دائما شغل "الهاند ميد" عن منتجات ماكينات الليزر.
ثم يتابع الاستاذ أحمد فؤاد صاحب إحدى الورش و يقول : عشقت فن وتصنيع الحلى الذهبية والفضية منذ طفولتى، فكانت البداية في ورشة لتصنيع الذهب وكان عمرى 15 عاما، واستمررت فيها لمدة 10 سنوات، واكتسبت فيها مهارات عديدة وتمكنت من حرفتى وقمت بإستئجار محل صغير في حارة أبو طاقية وبدأت في ورشتى الصغيرة لصنع المشغولات الفضية، وبفضل الله استطعت خلال فترة قصيرة أن يظهر تميز شغلي عن الآخرين، ووجدت مكانا لى وسط التجار الكبار، وبسؤاله عن الفرق بين عيارات الفضة قال : الفضة عيار 925 المعروفة بالفضة الاسترليني، فهى مكونة من 92.5 % فضة نقية و7.5 % نحاس وهى التى تستخدم في صناعة الاكسسوارات والحلى، أما النوع الثانى عيار 800 فهو المشهور في مصر ويضاف له نسبة 20% نحاس لمنحه الصلابة والقوة في التشكيل، أما عيار 999 فهو من أنقي الأنواع ويستخدم في صنع السبائك.
و أشار إلي أنه في السنوات الأخيرة اتجه عدد كبير من المواطنين للاستثمار في الفضة وتحويل مدخراتهم الى عملات وسبائك فضية نظرا لكونها ملاذا آمنا ورخيصا مقارنة بأسعار السبائك الذهبية لحفظ مدخراتهم من التضخم، و نتيجة لهذا الاقبال في السنوات الأخيرة أصبحت هناك شركات عالمية وأخرى مصرية تقوم بتصنيع العديد من السبائك والعملات الفضية، فالجنيهات الفضية عبارة عن قطع أثرية تخلد ذكرى وتمثل قيمة فنية و تراثية لاتنسي وتستخدم في المناسبات القومية للبلاد، ويكون وزن الجنية 8 جرامات بنفس وزن الجنية الذهب، ونصف الجنية يكون 4 جرامات ويتم تشكيل العملات من عيار 925 وتكون مخلوطة بنسب بسيطة من النحاس لتكون أكثر صلابة ولسهولة عمليات الحفر عليها، وتبدأ أوزان سبائك الفضة من 10 جرامات و20 جراماً وأونصة التى يبلغ وزنها "31.1 جرام"، وهناك السبائك ذات الأوزان الكبيرة مثل 250 جراماً و500 جرام و كيلو جرام وتكون جميع السبائك من أنقي أنواع الفضة عيار 999 ،
وأوضح أنه يتم طباعة الدمغة وعيار الفضة على وجه السبيكة ، ويتم إضافة قيمة الدمغة والمصنعية والضريبة على سعر الجرام كما هو الحال فى الذهب، وتختلف المصنعية والدمغة على حسب وزن السبيكة أو العملة فكلما كانت السبيكة صغيرة أرتفع سعر مصنعيتها والعكس صحيح. وأوضح أنه هناك اعتقاد خاطئ بأن الاستثمار فى الذهب يقدم عائدا أعلى، مقارنة بالفضة وذلك بسبب شهرة الذهب وتاريخه الكبير مع المصريين، والفضة لا تتمتع بنفس السمعة، ولكنها أصبحت اختياراً مثالياً للأشخاص الذين يحرصون علي الحفاظ علي قيمة مدخراتهم الصغيرة، فمثلا لو شخص يقوم باستثمار مبلغ 50 الف جنيه يقدر يشترى بهم نحو 5 أو 6 جرامات فقط من المشغولات الذهبية، ولو سيشترى فضة بنفس المبلغ سيكون 800 جرام، وخلال فترة سنة واحدة لو ارتفعت أسعار الذهب والفضة معا سيجد أن هامش الربح في الحالتين متقارب بشكل كبير لأن الفضة تعتمد علي العدد الأكبر في الجرامات، لكن المهم أن نتأكد من الشراء من محلات موثوقة وأن تكون السبائك مغلفة ومدموغة لسهولة عملية البيع بعد ذلك وحمايتنا من أى عمليات غش تجارى أو نصب.
ويقول بيشوى مكرم صاحب إحدى ورش الفضة : أسعى دائما في مهنتى الى التطوير وبدأت في التدريب علي بعض برامج الرسم ثلاثي الأبعاد لكى أتمكن من تصميم أى رسومات تحتوى علي تفاصيل كثيرة وكيرفات وتنفيذ أى تصميم مبتكر، وأقوم بعمل أشكال تلائم العصر منها القطع البسيطة الى القطع الفاخرة، والجمع بين الأحجار الكريمة التى تضيف لها لمعة وجمالا ورقيا لايقارن ، كما قمت بعمل تصاميم لديكورات المنازل علي الطراز الحديث، وأنشات صفحة علي وسائل التواصل الإجتماعى وعرضت شغلي عليها، وبدأت الطلبات تنهال علي منتجاتى، فالفكرة ببساطة أن كثيرا من الناس لا يعلمون عن ورش الجمالية وعن التحف الفنية التى يقوم بإنتاجها أمهر وأشطر الحرفيين في مصر.
وعن أهم التحديات التى تواجههم يقول : ارتفاع أسعار الخامات من أهم المعوقات، خاصة أن سعر الفضة يتغير كل يوم، فمن الممكن أن يتم عمل طلبية لزبون ونتفق علي السعر وعند التنفيذ يرتفع سعر جرام الفضة مما يسبب لنا بعض المشاكل. أما أشرف عياد، صنايعى بإحدى الورش، فيقول : شغفي بالرسم هو الدافع الرئيسي لى لحب هذه المهنة بالرغم من المشقة في العمل بسبب عدد الساعات الطويلة والدقة والتركيز، فمن الممكن العمل لخمس ساعات علي قطعة صغيرة، فهى تحمل ذوقا وطابعا وروحا مختلفا، إلا أن ذلك التعب يختفي بمجرد الانتهاء من القطعة، والنتيجة ستظل لسنوات طويلة، فالشغل اليدوى له زبائنه، وخاصة ممن يقدرون الصناعات اليدوية، أما شغل مكن الليزر فهو عبارة عن نسخ ولصق بدون روح أو احساس.