أودعت محكمة جنايات الجيزة، برئاسة المستشار أيمن محمد عبد الحكم، حيثيات حكمها الصادر في الجناية رقم 26788 لسنة 2021 الهرم، والمقيدة برقم 1598 كلي جنوب الجيزة، والقاضي بالسجن المشدد للمتهم الأول لمدة خمس سنوات بتهمة الحرق العمد، ومثلها للمتهمة الثانية بتهمة التحريض.
موضوعات مقترحة
قالت المحكمة في حيثيات حكمها إن الواقعة قد استقرت في يقين المحكمة، مستخلصة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات، وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة، وتتحصل في أن المجني عليهما "م. س" و"ن. م" كانا يجاورهما بالسكن كلٌّ من المتهمة "إ. م" وزوجها "م. أ". ولِسوء سلوكهما وسمعتهما، نشأت خلافات ومشاجرات متعددة بينهما وبين المجني عليهما، كان آخرها بتاريخ 21 أبريل 2021، مما استدعى استدعاء الشرطة لحماية المجني عليهما.
وحينها، أجمع سكان العقار وأهالي المنطقة على ضرورة مغادرة المتهمة وزوجها للمسكن. وأثناء مغادرتهما الشقة، ومعهما المتهم الأول، توعّدوا المجني عليه وزوجته بالإيذاء والانتقام. وعقب ذلك، استعانت المتهمة بصديقها المتهم "ع. ع"، وأوعزت له بالانتقام من المجني عليهما، وحرضته على إضرام النار بشقتهما فجرًا، أثناء نومهما وأطفالهما داخلها.
فأحضر المتهم الأول جركن وقود (بنزين)، وفي حوالي الساعة الخامسة من صباح يوم 15 مايو 2021، دلف إلى العقار، وأفرغ جركن الوقود على باب الشقة وأسفله، ثم أشعل النيران وفرّ هاربًا. وقد التقطته كاميرات المراقبة أمام العقار أثناء دخوله حاملاً الجركن، ثم خروجه بعد دقيقتين بدونه.
وقد أتت النيران على كامل محتويات شقة المجني عليهما من أثاث، وملابس، ومنقولات، وأجهزة. وبسبب شدة الحريق، اضطر المجني عليه إلى إلقاء أطفاله الثلاثة وزوجته من شباك الشقة بالطابق الأول، وتلقفهم الجيران باستخدام أغطية وسجاد فرشوها أرضًا، ثم قفز وراءهم، فنجوا جميعًا بأرواحهم من ألسنة النيران والدخان الكثيف. وقدرت التلفيات بحوالي 250 ألف جنيه.
وتعرف المجني عليه الأول على المتهم الأول، مؤكدًا أنه شارك في مشاجرتهم السابقة مع المتهمة وزوجها، وأنه كان يرتدي ذات الملابس الظاهرة في التسجيل المرئي أثناء إشعال الحريق.
وبضبط المتهمة الثانية ومواجهتها، أقرت في التحقيقات –بحضور محاميها– بأن المتهم الأول هو من أضرم النار في شقة المجني عليهما، وأقرت أيضًا بأنه هو من يظهر في المقطع المرئي أثناء دخوله العقار بالجركن وخروجه منه بدونه، كما أكدت أنه كان برفقتها أثناء المشاجرة مع زوجة المجني عليه.
وأضافت الحيثيات أن تقرير المعمل الجنائي أثبت أن الحريق بدأ وتركز عند أخشاب باب الشقة من الخارج ومن الأسفل، ومنه امتدت التأثيرات الحرارية إلى باقي محتويات الشقة. كما تم العثور على بقايا جركن منصهر أمام الباب، وتبين وجود آثار لمادة "الجازولين" سريعة الاشتعال، وأن الحريق شب نتيجة إيصال مصدر حراري سريع ذو لهب مكشوف (مثل عود ثقاب مشتعل) بمحتويات الباب المبللة بالمادة البترولية.
وقد استقام الدليل على صحة الواقعة وثبوتها بحق المتهمين، من خلال شهادة المجني عليهما "م. س" و"ن. م"، والشهود "إ. م" و"ك. ع"، بالإضافة إلى الدليل الفني بتقرير المعمل الجنائي، ومعاينة النيابة العامة لمسرح الجريمة، والمقطع المرئي المثبت بالتحقيقات.
وأكد أحد الشهود –وهو من جيران العقار– سوء سمعة المتهمة الثانية وزوجها وافتعالهما للمشكلات، وإجماع السكان على طردهما. وأضاف أنه فوجئ صباح الواقعة بصراخ المجني عليها والنيران تشتعل في شقتها، وحاول مع بقية الجيران إخماد الحريق دون جدوى، فأعدّوا بعض الأغطية والملاءات لتلقّي أفراد الأسرة القافزين من النافذة.
وبمراجعة كاميرات المراقبة، شوهد أحد الأشخاص يحمل جركنًا ويدخل العقار فجراً، ثم يخرج مسرعًا.
كما أكدت تحريات المباحث وقوع الواقعة بسبب مشادات سابقة بين المتهمة وزوجها وبين المجني عليهما، وأشارت إلى أن المتهمة استعانت بصديقها المتهم الأول، الذي أضرم النيران عمدًا بعد التأكد من مغادرة المتهمة وزوجها للمنزل، وإخلاء كافة أغراضهما.
وأثبتت المعاينة التي أجرتها النيابة العامة احتراق الشقة بالكامل، بما في ذلك الأبواب، والنوافذ، والجدران، وتآكل محتوياتها. كما أظهرت كاميرا مجاورة للعقار دخول أحد الأشخاص وقت الحادث وخروجه مسرعًا بعد حوالي دقيقتين.
وبسؤال المتهمة الثانية في التحقيقات، أنكرت ارتكاب الواقعة، لكنها أقرت بقيام المتهم الأول بإشعال النيران، وتعرفت عليه من خلال المقطع المرئي.
ولم يُسأل المتهم الأول بالتحقيقات نظرًا لهروبه عقب الواقعة.
وفي جلسة المحاكمة، مثل المتهمان ومحاميهما، وأنكرا التهمة. كما مثل المجني عليه (الشاهد الأول) وأعلن تنازله عن الحق الشخصي في الواقعة.
ورأت المحكمة أن الثابت في الأوراق، وبما لا يدع مجالًا للشك، هو: أن المتهم الأول أضرم النيران عمدًا في مسكن المجني عليهما، انتقامًا لخلاف سابق، وبناءً على تحريض المتهمة الثانية، حيث أحضر مادة مشتعلة (جازولين)، وتوجه إلى الشقة فجرًا، وسكب المادة على بابها وأشعلها، مما تسبب في إحراق محتوياتها بالكامل، وهو ما ثبت بتقارير الأدلة الجنائية. وأن المتهمة الثانية اشتركت مع المتهم الأول بالاتفاق والمساعدة، حيث أوعزت إليه بارتكاب الجريمة، وشجعته على تنفيذها انتقامًا من المجني عليهما.
وبناءً عليه، قضت المحكمة بإدانة المتهمين، وفقًا للمادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية، وبتطبيق المواد 40/1، 41/1، 252/1 من قانون العقوبات.
كما ألزمت المحكمة المحكوم عليهما بالمصاريف الجنائية، عملًا بالمادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية.