مؤخرًا، وفي مدة وجيزة، نجح مجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، في إنجاز عدد من القوانين، وفتح باب النقاش في قوانين أخرى شديدة الأهمية، وهو ما يسعى المجلس إلى إنجازها، خلال الأيام المقبلة.
موضوعات مقترحة
من بين تلك القوانين، جاء قانون تنظيم الفتوى ليتصدر النقاش خلال الفترة الماضية وأعلن المجلس الموافقة عليه نهائيًا، ويستهدف بدوره ضبط عملية إصدار الفتوى ومنع غير المؤهلين من الخوض في الأحكام الشرعية التي تمس شؤون المجتمع وأفراده خاصة في ظل تزايد ظاهرة الفتاوى العشوائية وما يترتب عليها من آثار اجتماعية ودينية خطيرة، والذ جاء في إطار حرص الدولة المصرية على تنظيم العمل الدعوي والفتوى وضبط المرجعيات الدينية الرسمية وضمان سلامة إصدار الفتوى الشرعية العامة والخاصة.
كذلك، انتصر مجلس النواب، لحقوق العمال، عبر الموافقة نهائيًا على قانون العمل الجديد، وهو ما عزز من تنظيم علاقات العمل وتوفير الحماية للعمال وتحقيق التوازن بين حقوقهم والتزاماتهم، وتحسن أوضاعهم الاقتصادية وتعزيز بيئة العمل وتشجيع الاستثمار.
فيما يعكف على مناقشة قانون الانتخابات، في الوقت الذي تٌقبل فيه مصر على استحقاقات انتخابية شديدة الأهمية، وهي انتخابات مجلسي النواب والشيوخ، والذي وافق مجلس الشيوخ على تعديلاته التي جرت عليه، فيما سيعرض نهائيًا للتصويت عليه من قبل مجلس النواب، وحملت تبعات الإعلان عن التعديلات المقترحة على القانون إشادة حزبية وسياسية واسعة لما تضمنه من تمثيل عادل، لاسيما وأن التعديلات التشريعية على قوانين مجلسي النواب والشيوخ تمثل نقلة نوعية في تطوير النظام الانتخابي المصري، و تعكس إدراك الدولة لأهمية تحديث البنية التشريعية بما يتماشى مع المتغيرات السكانية والاجتماعية.
قانون تنظيم الفتوى
حزب حماة الوطن، أثنى على قانون تنظيم الفتوى، مؤكدًا أنه حمل رسالة دولة رشيدة، وأن ضبط الفتوى مدخل ضروري لتجديد الخطاب الديني ومواجهة التطرف بالفكر، في الوقت الذي تخوض فيه الدولة المصرية معركة الوعي بالتوازي مع معركة التنمية
وبحسب النائب أشرف أبو النصر، نائب رئيس الهيئة البرلمانية بمجلس الشيوخ، وأمين أمانة التنمية والتواصل مع المستثمرين بحزب حماة الوطن، أن قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية، جاء في توقيت دقيق، كجزء من معركة الدولة المصرية لترسيخ الاستقرار الفكري والديني، وبناء وعي مجتمعي يحمي الأجيال من فوضى الفتاوى ومستنقعات التطرف.
إنشاء هيئة وطنية لتجديد الخطاب الديني
وقال إن ما طرحه مجلس النواب من ضوابط قانونية لإصدار الفتوى، يتكامل مع ما طرحه مجلس الشيوخ مؤخرًا من رؤية استراتيجية بإنشاء هيئة وطنية لتجديد الخطاب الديني، مشددًا على أن مصر تخوض اليوم معركة متكاملة الأركان، معركة وعي، ومعركة أمن فكري، بالتوازي مع معركة تنمية حقيقية يقودها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأضاف أن الدولة المصرية لا تحجر على الفكر، بل تضبط مساراته، وتضع للفتوى سياجًا من الانضباط المؤسسي يحمي الدين من أن يكون ساحة للفوضى أو مطية لمصالح شخصية، وهو ما تؤكده مواد القانون التي تحفظ للاجتهاد مساحته العلمية، وتكفل حرية البحث بضوابط علمية رصينة.
وأوضح أن مجلس الشيوخ كان سبّاقًا في قراءة الواقع، وطرح فكرة الهيئة الوطنية لتجديد الخطاب الديني كمظلة جامعة للتطوير المنهجي، في حين يأتي مشروع تنظيم الفتوى كضلع تشريعي يضبط الأداء ويمنع التداخل بين الوعظ والإفتاء، مؤكدًا أن التعاون بين غرفتي البرلمان يعكس نضجًا مؤسسيًا نادرًا، ويعزز الثقة في الأداء التشريعي للدولة المصرية.
نقلة نوعية في ضبط الخطاب الديني
بدوره، أشاد هاني عبد السميع، القيادي بحزب «مستقبل وطن»، بموافقة مجلس النواب على مشروع قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية، مؤكدًا أن هذه الخطوة تمثل نقلة نوعية في ضبط الخطاب الديني، وحماية المجتمع من فوضى الفتاوى غير المنضبطة التي شهدتها الساحة خلال السنوات الماضية.
وأكد ”عبد السميع“، أن القانون جاء في توقيت بالغ الأهمية، حيث تصاعدت في الآونة الأخيرة محاولات من غير المتخصصين لاقتحام مجال الإفتاء، ما أدى إلى انتشار فتاوى متشددة تارة، ومتساهلة تارة أخرى، تفتقر إلى العلم والمرجعية الصحيحة، وتُهدد استقرار المجتمع، وتسيء إلى صورة الدين الإسلامي الوسطي، لافتًا إلى أن القانون يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، من خلال تحديد الجهات الرسمية المخولة بالإفتاء، وعلى رأسها الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، واللذان يمثلان المرجعية الدينية الأصيلة والمعتمدة في مصر.
تعزيز الهوية الوطنية
وأشار القيادي بحزب «مستقبل وطن» إلى أن مشروع القانون يعكس رؤية الدولة المصرية بقيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في تعزيز الهوية الوطنية، وتجديد الخطاب الديني على أسس علمية وعملية مدروسة، بعيدًا عن العشوائية أو التوظيف السياسي للدين، كما يسهم القانون في دعم جهود الدولة لمكافحة التطرف الفكري، من خلال غلق الباب أمام المتاجرين بالدين أو الساعين للتأثير على الرأي العام بفتاوى مغلوطة وغير موثقة.
وأكد ”عبد السميع“ أن القانون لم يأتِ لتقييد الحريات، كما يدّعي البعض، بل لحماية المجتمع من فوضى الإفتاء، وترسيخ ثقافة المسؤولية والالتزام بالمرجعيات الرسمية، مشددًا على أهمية أن تكون الفتوى صادرة عن متخصصين على دراية عميقة بعلوم الشريعة، ومحيطين بالواقع وتحدياته، حتى تكون الفتوى معبرة عن روح الإسلام الصحيح الذي يدعو إلى الرحمة والعدل والوسطية.
قانون العمل الجديد
رأى عدد من السياسيين أن قانون العمل الجديد انتصر لحقوق العمال كما أنه حقق التوازن المطلوب بين في تنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل، وهو ما أكده اللواء الدكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر أستاذ العلوم السياسية، حيث رأى أن موافقة مجلس النواب على مشروع قانون العمل الجديد يعد نقلة نوعية في مسار التشريعات العمالية و يعكس رؤية الدولة في تحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز استقرار سوق العمل، من خلال تنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل بشكل متوازن كما أنه يدعم الأمان الوظيفي ويعزز استقرار بيئة العمل ويسهم في دعم أهداف التنمية المستدامة، وخلق بيئة عمل جاذبة للاستثمار، وتعزيز مناخ الثقة بين الأطراف كافة، بما يخدم الاقتصاد الوطني و يواكب متطلبات الجمهورية الجديدة.
وأكد فرحات، أن القانون الجديد يؤكد التزام الدولة بتطوير المنظومة التشريعية بما يتوافق مع المعايير الدولية واتفاقيات العمل التي وقعت عليها مصر، ما يمنح القانون مصداقية كبيرة على الصعيدين المحلي والدولي من خلال وضع أسس واضحة ومنصفة لتنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل، وتحقيق قدر أكبر من الأمان الوظيفي للعاملين، من خلال حماية حقوقهم وضمان عدم تعسف أصحاب الأعمال، وفي الوقت ذاته يوفر مرونة تشريعية تشجع القطاع الخاص على التوسع وزيادة فرص العمل بما يسهم في مواجهة التحديات المرتبطة بالبطالة ويعزز مشاركة الشباب في سوق العمل.
دعم الاستثمار المحلي والأجنبي
وأوضح فرحات، أن القانون الجديد جاء ليلبي احتياجات المرحلة الراهنة، إذ يواكب المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، ويأخذ في اعتباره التوجهات العالمية المتعلقة بتحسين ظروف العمل وتعزيز بيئة الإنتاج، بما يسهم في دعم الاستثمار المحلي والأجنبي، ويشجع على إقامة مشروعات جديدة توفر فرص عمل لائقة للشباب، في ظل مناخ تشريعي و تنظيمي مستقر وواضح مشددا على أن وجود قانون عمل حديث وواضح يعد من أهم عوامل جذب الاستثمار، حيث يمنح المستثمرين رؤية مستقرة لعلاقات العمل، ويعزز ثقتهم في الاقتصاد المصري، ويعكس وجود إرادة سياسية قوية لبناء مجتمع قائم على العدالة وتكافؤ الفرص، حيث يكون العامل شريكا حقيقيا في الإنتاج لا مجرد أداة تشغيل.
بينما قال محمد الحداد، أمين عمال الجمهورية بحزب "حماة الوطن"، إن قانون العمل الجديد جاء ليعكس خطوة مهمة تؤكد حرص القيادة السياسية على المضي قدمًا في الطريق نحو الجمهورية الجديدة بسواعد أبنائها من العمال والذين هم روح التنمية وأساس التقدم والنهوض بالبلاد، مضيفا أن قانون العمل الجديد جاء بشكل متوازن بين العمال وأصحاب الأعمال ولينصف العامل ويحفظ حقوقه ويضع العامل في مكانته الحقيقية إيمانًا بقدرات العامل المصري على التميز والإنجاز والمهارة.
الفصل التعسفي
وأوضح أن قانون العمل الجديد قضى على الفصل التعسفي واستمارة 6 والتي أصبحت في خبر كان، وجاء القانون بتعويض مناسب عن كل عام قضاه العامل في خدمة الشركة وذلك في حال إنهاء عقد العمل، وأيضًا نص القانون على آليات لجوء العامل إلى المحاكم العمالية والتي دُشنت من أجل حفظ وصون حقوق العمال، حيث أن القانون جاء ليضع حدًا للعقود المؤقتة وأيضًا جاء لينص على علاوة دورية 3% من أجر الاشتراك التأميني ليضمن للعامل قدرته على مواجهة المتطلبات التي تواجهه والحفاظ على الزيادة السنوية في رواتبهم، وأيضًا حفظ حرص القانون على التثبيت الإلزامي للعمالة المؤقتة والتي أمضت 4 سنوات في خدمة المنشأة؛ مما سيكون له أثر إيجابي نحو توفير الاستقرار الوظيفي لمئات الآلاف من العمالة المؤقتة.
ولفت إلى أنه لم يغفل القانون حقوق المرأة العاملة وجاءت نصوص القانون بالمواد 54 و57 في حق المرأة العاملة على رعاية طفلها وحقها بالإجازات وكذلك تخفيض عدد ساعات العمل اليومية وعدم السماح بتشغيلها أوقات إضافية، كما نص القانون على إنشاء صندوق العمالة غير المنتظمة والذي يُعد مظلة حماية تحمي هؤلاء العاملين من تقلبات السوق والأزمات المفاجئة، ولم يغفل القانون أهمية التدريب وثقل مهارة العامل المصري ليواكب التطورات التكنولوجية المتلاحقة وليكون العامل مسلحًا بالعلم والمهارة وجنديًا في ميدان الإنتاج والعمل، مشيرًا إلى أن كل ذلك جاء ليُرسخ مكانة العامل المصري والذي تفوق على نظرائه من كافة دول العالم في المهارة والجد والمثابرة والكفاءة والوطنية ومتفائل ومتطلع نحو طفرة حقيقية في العمل والإنتاج بسواعد عمال مصر الأوفياء.
قانون الانتخابات
عبرت عدد من الأحزاب السياسية، عن تأييدها المطلق لقانون الانتخابات، وفي هذا السياق، أكد تحالف الأحزاب المصرية، الذي ينضوي تحت لوائه نحو 42 حزبًا سياسيًا، أن مشروعات القوانين المعروضة بشأن انتخابات مجلسي النواب والشيوخ وتقسيم الدوائر الانتخابية جاءت متزنة ومنضبطة، ولا تختلف في جوهرها عن التشريعات السابقة التي خضعت لمراجعات دقيقة ومعايير علمية مستقرة.
وعبر التحالف، عن تأييده الكامل لتلك المشروعات، باعتبارها تعكس التوازن المطلوب بين المحددات الجغرافية والتوزيع السكاني، من خلال صياغة تقسيمات انتخابية تراعي العدالة في التمثيل دون إخلال بوحدة النسيج الوطني أو استقرار البنية التشريعية.
وأوضح أن عدد المقاعد المقررة لمجلسي النواب والشيوخ لم يشهد تغييرًا في هذه المشروعات، وهو ما يُعد تأكيدًا على الالتزام بمعيار الاتساق العددي، وتكريسًا لمنهجية دقيقة تُوازن بين الاعتبارات الديموغرافية والتوزيع الإداري.
النظام الانتخابي القائم على الجمع بين الفردي والقائمة المغلقة المطلقة
كما شدّد على أن النظام الانتخابي القائم على الجمع بين الفردي والقائمة المغلقة المطلقة لا يزال مناسبًا للمرحلة الراهنة، إذ يوفّر استقرارًا سياسيًا ويمنح الناخب حرية الاختيار، مع تأكيد توافق أحزاب التحالف مع نظام القوائم المغلقة المطلقة باعتباره الأنسب للمرشح والناخب على السواء، في ظل السياق السياسي والاجتماعي القائم.
كما أكد حزب الإصلاح والنهضة على أن الإبقاء على قانون مجلسي النواب والشيوخ دون تعديل في عدد الأعضاء أو تغيير في تقسيم الدوائر يُعبّر عن توجه واضح نحو الحفاظ على استقرار النظام النيابي، دون المساس بالبنية السياسية والاجتماعية التي تشكل الإطار الحاكم للعمل البرلماني في مصر، آملين في أن يساهم ما تم من إعادة توزيع للمقاعد على الدوائر المختلفة، باعتبارها خطوة ضرورية لتطوير الأداء النيابي وتعزيز العدالة التمثيلية وتكافؤ الفرص بين المرشحين.
التمثيل البرلماني
كما رأى الحزب أن إعادة التوزيع، إذا تمت وفق معايير منهجية تستند إلى بيانات دقيقة من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإنها ستسهم في تحقيق قدر أكبر من المساواة بين المواطنين من حيث التمثيل البرلماني، خاصة إذا تم الإعلان عن هذه المعايير بشفافية تامة لتعزيز ثقة الرأي العام ومصداقية العملية الانتخابية.
وشدد حزب الإصلاح والنهضة على أن الانتخابات المقبلة تمثل فرصة حقيقية لضخ دماء جديدة في الحياة النيابية، والدفع بكفاءات وطنية قادرة على التعبير الصادق عن طموحات المواطنين، والمساهمة الفاعلة في بناء برلمان قوي يُعبّر عن إرادة المصريين، ويعمل على تحقيق أولوياتهم في مختلف القطاعات.